أوباما يسعى لفرض ضرائب إضافية على المليونيرات

نسبتها 5%.. وربما تنتهي بمواجهة مع الحزب الجمهوري

TT

من خلال تقديم اقتراح بفرض ضريبة إضافية نسبتها 5 في المائة على الدخول التي تربو على مليون دولار سنويا بهدف توفير الأموال اللازمة لاتخاذ التدابير الخاصة بخلق فرص عمل، والتي يسعى إليها الرئيس أوباما، صعد القادة الديمقراطيون بمجلس الشيوخ جهودهم يوم الأربعاء الماضي من أجل الحديث بأسلوب يلقى تأييد الشعب وجر الجمهوريين إلى مواجهة متعلقة بحجم الضرائب التي يجب أن يدفعها الأميركيون الأثرياء لمساعدة الآخرين في التكيف مع اقتصاد يصارع من أجل البقاء.

لقد ترك البيت الأبيض، بعد رفضه عرضا مماثلا نهاية العام الماضي، الباب مفتوحا على مصراعيه لدعم الخطة. «نحن نرحب بالأساليب المختلفة المقترحة لتوفير التكاليف اللازمة لتنفيذ الإجراءات شديدة الأهمية التي تحظى بدعم على نطاق واسع، والتي تدخل في إطار قانون الوظائف الأميركي والمنتظر أن تساعد في نمو الاقتصاد وخلق فرص عمل»، هذا ما جاء على لسان السكرتير الصحافي جاي كارني.

تسعى الخطة الجديدة التي وضعها زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد، الديمقراطي عن ولاية نيفادا، إلى هدفين: إظهار التناقض الحاد مع الأعضاء الجمهوريين بالكونغرس الذين تمسكوا بموقفهم الممثل في رفض فرض أي زيادات في الضرائب، وتهدئة حالة الهياج التي بدأت تظهر في أوساط بعض الديمقراطيين الذين أبدوا اعتراضهم على أجزاء من خطة البيت الأبيض.

وقال ريد إن الضرائب الإضافية من المنتظر أن تساعد في جمع مبلغ قيمته 445 مليار دولار خلال 10 سنوات، وهو المبلغ المطلوب لسداد تكاليف تنفيذ قانون الوظائف، على الرغم من أنه من غير المتوقع أن يمكن تحقيق ذلك من خلال الكونغرس. وسيلزم الاقتراح المقدم، على حد قوله «أكثر الفئات ثراء بدفع ضريبة إضافية أكبر قليلا» على وجه التحديد «نسبة 5 في المائة إضافية لتمويل خلق فرص عمل وضمان النجاح الاقتصادي للدولة». وكان من المزمع أن يتم وضع خطة ريد موضع التنفيذ في عام 2012. غير أن البيت الأبيض اقترح تأجيل تنفيذ الخطة المقترحة لمدة عام. ووافق ريد على الاقتراح. وعشية الأربعاء الماضي، أصدر مكتبه بيانا يعلن فيه عن تغيير في الخطة جاء فيه: «سيتم تفعيل قانون ضريبة المليونيرات في عام 2013. وتم تغيير نسبة الضريبة الإضافية أيضا، لتصل إلى 5.6 في المائة بدلا من 5 في المائة».

يتنبأ كثير من الاقتصاديين بأن الاقتصاد سيواجه مزيدا من المشكلات الخطيرة، من بينها ارتفاع نسبة البطالة في عام 2012، العام المقرر عقد الانتخابات الرئاسية فيه. وأوضح ريد أنه يعتقد أن حزبه سيحقق مكسبا سياسيا من الخطة المقدمة. وقال ريد يوم الأربعاء: «من الممتع ملاحظة إن المستقلين والديمقراطيين والجمهوريين، بل وحتى أعضاء حزب الشاي، يجمعون على أنه قد حان الوقت كي يدفع المليونيرات والمليارديرات نصيبهم العادل من الضرائب». وتأتي الخطة التي قدمها عضو مجلس الشيوخ تشارلز إيه شومر، من نيويورك، العضو الديمقراطي الثالث بمجلس الشيوخ، بعد أن اقترح أوباما من قبل «قانون بافيت» الذي بموجبه يلتزم الأميركيون الأثرياء بدفع ضرائب إضافية. وتأتي هذه الخطة أيضا في مقابل خلفية من المظاهرات ضد وول ستريت، مانحة أملا للديمقراطيين بإمكانية الاستفادة من جانب من ذلك الرأي في دعم موقفهم في الانتخابات المزمع إجراؤها العام المقبل.

في واقع الأمر، يبدو الاقتراح المقدم من الديمقراطيين منصبا بدرجة أكبر على الساسة من السياسة نفسها. وحتى إذا تمكن الديمقراطيون متقلبو الرأي من الاحتشاد لدعم خطة الرئيس، فإن بمقدور الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ تقويض الاقتراح المقدم برفضهم منح الديمقراطيين الأصوات المطلوبة لتفادي رفض التصديق على الاقتراح، وهو الأمر الذي يبدو شبه مؤكد. ورفض الجمهوريون، الذين يهيمنون على الكونغرس، الاقتراح الجديد المقدم.

وفي لقاء مع تلفزيون «بلومبرغ»، قال زعيم الأغلبية في الكونغرس، النائب إريك كانتور، الجمهوري عن ولاية فيرجينيا: «هكذا عدنا لما كنا عليه مجددا، إصرار مستمر في واشنطن على الفكرة نفسها، زيادة الضرائب على الجهات التي توفر فرص عمل. ليس هذا ما نحتاجه. السواد الأعظم في أميركا يعتقد أنه من المخالف للمنطق أن نقوم بزيادة الضرائب إذا ما رغبنا في تحقيق النمو الاقتصادي». ولم يتم بعد الانتهاء من صياغة تفاصيل خطة زيادة الضرائب.

وذكر معاونون بالكونغرس أن الخطة ربما تعمل على هذا النحو: تقوم الحكومة بتحصيل ضريبة إضافية نسبتها 5.6 في المائة من الأفراد الذين يتجاوز دخلهم مليون دولار. من ثم، بالنسبة لشخص دخله 1.1 مليون دولار، ستكون قيمة الضريبة الإضافية 5.600 دولار، وهي نسبة 5.6 في المائة من 100.000 دولار. وتشير تقديرات من اللجنة المشتركة للضرائب التابعة للكونغرس إلى أن 330.000 أسرة تحصل على دخل يربو عن مليون دولار. وسوف تطبق الضريبة الإضافية المقترحة على الأجور والرواتب والمكاسب الرأسمالية والفوائد وحصص الأرباح، وبعض أنواع الدخل الأخرى، بحسب معاونين بالكونغرس. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن ثمة بعض الدعم لاقتراح الديمقراطيين المقدم.

وفي استطلاع رأي أجرته «سي بي سي نيوز» مؤخرا، ذكر 64 في المائة من الأفراد الذين شملهم الاستطلاع أنه يجب زيادة الضرائب على الأسر التي تكسب مليون دولار أو أكثر سنويا، وقال 30 في المائة إن الحكومة يجب أن تواجه مشكلة عجز الميزانية من دون زيادة الضرائب المفروضة على دخل تلك الأسر. وأشار ربعهم فقط إلى أن هذه الزيادة الضريبية من شأنها أن تساعد في خلق فرص عمل، بينما أشار 18 في المائة إلى أنها ستؤثر بالسلب على خلق فرص العمل، وقال نحو نصف من استطلعت آراؤهم إنها لن تحدث أي فارق.

لقد قلت الضرائب المفروضة على الأثرياء في العقود الأخيرة. كان إجمالي نسبة الضريبة الفيدرالية لأعلى واحد في الألف من جميع أصحاب الدخول، مجموعة تبدأ الآن من هؤلاء الذين يحصلون على 1.5 مليون دولار كدخل سنوي، 53.7 في المائة في عام 1980، بحسب بحث أجراه الاقتصاديان إيمانويل سايز وتوماس بيكيتي. وبحلول عام 2004، آخر سنة يملك الاقتصاديون بيانات لها، انخفض إجمالي نسبة الضريبة الفيدرالية ليصل إلى 33.7 في المائة. ولتوفير التكاليف الخاصة بتنفيذ خطة خلق فرص العمل، اقترح أوباما مجموعة من الزيادات الضريبية. وعارض أعضاء ديمقراطيون بمجلس الشيوخ بعضا من هذه المقترحات، من بينها مقترحات تنص على إلغاء الإعفاءات الضريبية الممنوحة لشركات النفط والغاز ووضع قيود على قيمة الخصومات الخاصة الممنوحة للأفراد أصحاب الدخول المرتفعة وإلزام شركات الطيران بدفع ضرائب أعلى. وقال شومر يوم الأربعاء إنه يأمل في أن يكون الاقتراح الجديد المقدم بمنأى عن النقد الموجه لمقترحات الرئيس أوباما. وقال شومر: «تحديد الحد الأدنى عند مليون دولار هو الإجراء الصائب الذي يجب اتخاذه». وأضاف: «من منظور الكثيرين، من الصعب إلزام الأسر التي تحصل على دخل قيمته 250.000 أو 300.000 دولار سنويا بدفع ضريبة إضافية. كثير من تلك الأسر ليست ثرية. ففي أجزاء ضخمة من الدولة، لا يمكنك هذا المستوى من الدخل من شراء منزل كبير أو مكان لقضاء الإجازات أو أي شيء آخر مرتبط بالثراء».

وذكر النائب دوغ لامبورن، الجمهوري عن ولاية كولورادو، أنه يعتقد أن خطة مجلس الشيوخ ستضر بأصحاب العمل. قال لامبورن: «ثمة كثيرون ممن يطلق عليهم مليونيرات وهم من أصحاب الشركات أو المشاريع الصغيرة». وأضاف: «إنهم ليسوا نجوما سينمائيين أو من مشاهير هوليوود. بل هم أصحاب محلات التنظيف الجاف الموجودة على نواصي الشوارع». قال شومر، إن «الخطة الجديدة المقترحة تستبعد كثيرا من الشركات والمشاريع الصغيرة التي يذهب دخلها إلى أصحابها وتفرض عليها ضريبة كدخل شخصي». وأوضح الديمقراطيون أنه إذا كان دخل الملاك أقل من مليون دولار، فلن يخضعوا لـ«ضريبة المليونيرات». ربما يساعد هذا الاقتراح في توحيد صفوف الديمقراطيين، على نحو يسمح لهم بإظهار أنفسهم كأشخاص يتمتعون بشعبية جماهيرية في المعركة الضريبية التي يخوضون غمارها مع الجمهوريين.

وأشار قادة ديمقراطيون إلى أنهم يعتقدون أن الاقتراح الجديد سيلقى دعما من أعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين مثل مارك بيغيتش عن ألاسكا وماري إل لاندريو عن لويزيانا اللذين أبديا تحفظات على بعض التغييرات الضريبية في خطة الرئيس.

* أسهمت في إعداد التقرير جينفر شتاينهاور

* خدمة «نيويورك تايمز»