خبراء اقتصاديون: منجم «المصانع» بالسعودية لن يتأثر بتذبذب أسعار النحاس العالمية

تصاعد المخاوف بشأن الديون اليونانية وإمكانية زيادة الهامش وسط ضغوطات عقود النحاس

بعد أن سجل أرقاما مرتفعة الأيام الماضية.. توقعات مصادر اقتصادية بانخفاض أسعار النحاس في الأيام المقبلة («الشرق الأوسط»)
TT

تراجعت أسعار عقود النحاس الآجلة نحو 3.32 دولار للرطل بعد تصاعد المخزون الذي زاد ليصبح 168.4 طن مسجلا أعلى مستوى له منذ أبريل (نيسان) 2011، وتوقعت مصادر اقتصادية انخفاض أسعار النحاس في الأيام المقبلة مع التأكيد على أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى عودة الأسعار بعد ذلك إلى وضعها الطبيعي وبشكل سريع.

وأوضح مصدر في شركة «بحرة المتطورة لصناعة الكابلات» السعودية، فضل عدم ذكر اسمه، أن «هناك الكثير من أسعار المعادن الأساسية في طريقها للانخفاض في الأيام القليلة المقبلة، ولكن من شأن قوانين العرض والطلب على المدى البعيد، أن تؤثر على مادة النحاس وأن تؤدي إلى ارتفاعها بشكل حاد، حيث إن العرض القليل في سوق النحاس سيؤدي إلى ثبات أو ارتفاع أسعار النحاس قليلا، لا سيما أن هناك شركات عالمية رفعت الأسعار المتوقعة للمعدن».

وأضاف المصدر «كما هو معروف فإن سوق النحاس العالمية شهدت عجزا بنحو 130 ألف طن خلال الأشهر الستة الأولى في هذا العام، ومجموعة دراسة مادة النحاس العالمية قالت مؤخرا إن مناجم النحاس فشلت في مواكبة ارتفاع الطلب، على مادة النحاس، وإن النقص في الإنتاج بسبب بعض الإضرابات العمالية يهدد بزيادة الانخفاض في الإنتاج».

وفي المقابل يرى فريق من المحللين أن النحاس يتأثر بشكل بارز بنمو الاقتصاد العالمي بسبب كونه مادة واسعة الانتشار في معظم الصناعات، ملمحين إلى التوقعات المتشائمة للبنك المركزي للولايات المتحدة الأميركية وصندوق النقد الدولي، حيث إن الأسواق العالمية بدأت تأخذ بعين الاعتبار والحسبان احتمالية ظهور أزمة مالية قريبة.

وكشفت مصادر مطلعة عن أن عقود النحاس هوت بأكثر من 7 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي وأكثر من 20 في المائة منذ بداية الشهر بسبب خيبة الأمل لدى المستثمرين من فشل جهود الاحتياطي الفيدرالي الأخيرة التي حاولت أن تحفز الاقتصاد الأميركي وبسبب ظهور علامات على تباطؤ الاقتصاد الصيني والأوروبي، مما أدى إلى انخفاض شديد في أسعار المواد الأولية والأسهم العالمية.

ولفتت إلى أن أسعار النحاس واصلت انخفاضها في الأسواق العالمية حيث إنها وصلت لأدنى مستوياتها لأكثر من عام، وذلك بسبب قلق المستثمرين من تدهور الاقتصاد العالمي، مما أدى إلى لجوء المستثمرين إلى تأمين السيولة من بيع مادة النحاس المعتمد أساسا على النمو الاقتصادي، حيث شهدت عقود النحاس المتداولة لشهر سبتمبر تراجعا بقيمة 500 دولار للطن، أي 7 في المائة إلى 7290 دولارا للطن في بورصة لندن التجارية. وعلى اعتبار أن الاقتصاد في السعودية جزء من المنظومة العالمية، لذا توقع خبراء تأثر مصانع الكابلات بالمملكة بالأسعار الجديدة، حيث ساد الترقب والحذر في أوساط بعض المستثمرين بسبب التوقعات باستمرار زيادة الانخفاض، وقد أدى ذلك إلى اضطرارهم لتأخير بعض المشاريع وقبول الطلبيات ذات الاستلام طويل الأمد وشراء الكميات اللازمة والضرورية فقط للمشاريع المستعجلة، أيضا هذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض المخزون العام في البلد من مادة النحاس، ويؤدي إلى عدم وجود الكميات المطلوبة من قبل التجار من النحاس في السوق.

من جهته، أوضح إبراهيم بن مسلم نائب رئيس مجلس إدارة المصانع الكبرى للتعدين، أن تراجع أسعار النحاس يعود بسبب صعود مخزونات معدن النحاس حيث إن التقرير اليومي لسوق لندن للمعادن الأسبوع الماضي أشار إلى أن المخزون زاد ليصبح 168.425 طن مسجلا أعلى مستوى له منذ أبريل 2011.

وبين بن مسلم «مع هذه المعطيات ما زال منجم المصانع في السعودية لم يتأثر بتلك المؤشرات وسيبدأ الإنتاج في مطلع العام المقبل، وبحسب دراسة الجدوى الاقتصادية التي قامت بها أحد بيوت الخبرة العالمية في كندا على أسعار المعادن وخاصة النحاس، حيث قدرت أسعار بيع النحاس بـ2.5 دولار».

وأضاف «تعتبر دولة شيلي أكبر دولة لإنتاج النحاس في العالم حيث تنتج نحو ربع الإنتاج العالمي، وتأتي الولايات المتحدة في المرتبة الثانية ولكنها تستهلك أكثر ما تنتج، وتأتي كندا في المرتبة الثالثة من حيث الإنتاج، وتعتبر بيرو وبولندا وزامبيا من أهم منتجي النحاس في العالم». وأشار بن مسلم «بحسب اطلاعي يقدر الإنتاج العالمي للنحاس لهذا العام بنحو 21 مليون طن وتمثل الصين 40 في المائة من الاستهلاك العالمي ولكن نشاط المصانع في الصين نما في أبطأ وتيرة خلال هذا العام، ولكن المحللون يتوقعون أن الطلب في الصين، أكبر مستهلك للنحاس في العالم، ما زال قويا وأن المستهلكين سيبدأون الشراء مرة أخرى مع مطلع العام المقبل مع انخفاضات المخزون».

وبين نائب رئيس مجلس إدارة المصانع الكبرى للتعدين أنه «إذا استمرت الإضرابات في شيلي لأكبر منجم للنحاس في العالم، فإنه سوف يثير مخاوف بشأن إمدادات المعروض من معدن النحاس، وبدوره سيؤدي إلى نقص في المخزون مع الاستمرار في الزيادة على الطلب مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار لمعدن النحاس».

وزاد بسبب «تصاعد المخاوف بشأن الديون اليونانية وإمكانية زيادة الهامش وسط ضغوطات تراجعت عقود النحاس الآجلة 3.032 دولار للرطل منذ أول من أمس، وبحسب التوقعات التي صدرت مؤخرا لسعر النحاس لعام 2012 ستصل إلى 3.00 دولار للرطل بسبب ارتفاع الركود الاقتصادي العالمي».