انخفاض الطلب على الذهب في السعودية وتراجعها إلى المرتبة السابعة عالميا

توقعات بهبوطه إلى نحو 1250 دولارا للأونصة نهاية 2012

أسواق الذهب تشهد تذبذبات في الأسعار وتوقعات بالهبوط نهاية 2012
TT

توقع خبراء الذهب والمجوهرات في السعودية هبوطا في أسعار الذهب العالمية إلى ما يقارب 1250 دولارا للأونصة نهاية عام 2012، وهو السعر العادل بحسب المعطيات التي لعبت دورا مهما في تذبذبات أسعار المعدن الثمين خلال العام الحالي.

وأوضح محمد أحمد فتيحي، الخبير الاقتصادي في قطاع الذهب والمجوهرات، أن الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية ما زالت قائمة للاختلاف السياسي بين الجمهوريين والديمقراطيين، وهي مستمرة خاصة بعد تأثير تصنيف «ستاندرد آند بورز» على كيفية حساب المشاريع الجديدة بالنسبة للفوائد البنكية , وبطبيعة الحال فأي استثمار جديد، أيا كان، ارتفعت مخاطره بارتفاع الفوائد البنكية (الربوية) في دولة أميركا.

وأضاف فتيحي: «وبحد ذاتها تلك العوامل أثرت على الكمية النقدية المستثمرة في السوق الأميركي, لذلك فإن الوضع الاقتصادي لا يزال سيئا إلا بعد انتهاء الانتخابات الأميركية».

وتابع: «50 في المائة من الاقتصاد الغربي يعتمد على أميركا، ونسبة عالية من دخل الإنتاج المحلي السعودي يعتمد أيضا على الاقتصاد الأميركي، وبطبيعة الحال نحن عملتنا تتأثر بالدولار وهو عملة البترول المتداول بها، لذلك ما يحصل في أميركا ينعكس مباشرة على الدول العربية، ولكن باختلاف زمني كما رأينا في أزمة 2009 في السوق السعودية، متأثرا بالأزمة الاقتصادية 2008, والعامل الآخر والمهم ما يحصل في أوروبا، حيث إن الزعزعة في اليورو في إشكالات أكبر، ولا تزال الاستثمارات في الذهب هي الملاذ الآن».

وبين خبير المجوهرات والذهب: «إن هناك ارتفاعا في الطلب على الذهب في كل من الهند والصين، ولكن لا يستطيع الذهب أن يغطي العجز الحاصل في دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية, لذلك لا يزال الذهب هو الملاذ الآمن للبنوك المركزية، ولا يزال الوضع في سوق الأسهم والمشاريع الأوروبية والأميركية متأثرا سلبا بالنقص النقدي».

وأضاف فتيحي: «بلا شك الذهب يتبع البترول، إما بالهبوط أو الصعود، فعند ارتفاعه ستصبح البنوك المركزية معتمدة على الدولار بشكل كبير وترتفع كميات شراء الذهب للتقليل من تأثير الدولار على احتياطي العملات لديها».

وزاد: «إن السعر العادل المتوقع للبترول، بناء على الكثير من المحللين، هو 65 إلى 75 دولارا للبرميل، وعليه فإن السعر الحالي مرتفع 10 إلى 20 دولارا, بمعنى أن سعر الذهب مرتفع نحو 12 إلى 25 في المائة عما هو عليه الآن، لذلك فإن سعر الذهب الطبيعي الذي من المفترض أن يكون عليه قد يصل إلى 1250 دولارا للأونصة، وأعتقد أن الانهيار في السعر سيكون في نهاية عام 2012 بعد تذبذبات خلال هذا العام، وهو ما يحصل في الوضع الراهن بعد أن وصل إلى نحو 1900 دولار للأونصة».

وحول انعكاساته على السوق السعودية، أوضح خبير الذهب والمجوهرات: «في السعودية هناك جانبان للسوق، إما بالقطعة (التجزئة) والمحددة بأسعار من قبل التجار، كالأحجار الكريمة والمجوهرات، وهي أسعار معتمدة على ما قبل شهر إلى 6 أشهر، حيث إن معدل دوران المخزون في العالم 3 سنوات، ومعظم أصحاب المحلات يتراوح عمر المخزون لديهم من عام إلى 3 أعوام، والسعر الحالي يعتبر سعرا جيدا يعكس بضائع مخزنة منذ عام، وهي مناسبة للشراء من قبل المستهلك السعودي».

وأضاف: «أما الشق الآخر من السوق هو الوزن، ويعتمد أسعارا مباشرة بالأسواق العالمية في لحظتها»، مشيرا إلى أن الطلب انخفض في السعودية، مما تسبب في احتلال السعودية رقم 7 في الترتيب عالميا، بعد أن كانت رقم 4 قبل ثلاث سنوات, لافتا إلى السبب الرئيسي وهو تأثر أسواق الذهب في المملكة بشكل كبير بعد الأزمة الاقتصادية العالمية مقارنة بالدول الأخرى، على حد وصفه، بينما في الهند والصين ارتفع الطلب أكثر من السابق، وذلك لارتفاع الطبقة المتوسطة في شعوبها.

وحول المستفيد من الهبوط والارتفاع في الذهب، قال فتيحي: «المصنعون هم المستفيدون بشكل أكبر؛ لاستطاعتهم تسييح الذهب ومن ثم بيعه للمضاربة، والتجار يعتبرون أحد أطراف السلسلة، لذلك يقومون بعمل صياغة تقلل من الذهب في أوقات وتزود في أوقات، على حسب سعر الذهب، مع تركيزهم على كيفية استخدام الذهب لصالحهم، بحيث يكمن إعادة صياغته مرة أخرى للبيع على الزبائن في وقت يكون سعر الذهب ليس عاليا، ولكي لا يخسروا عملاءهم».

وينصح الخبير في قطاع الذهب والمجوهرات، المستهلك بالشراء للمضاربة في الوقت الراهن الذي يشهد تذبذبات، خاصة سبائك الذهب التي تعد الأفضل من حيث الاستثمار، فالقطع المصنعة تكلف مصاريف أخرى، فالاستثمار في السبائك مناسب ولكن قد يصعب على المستهلك العادي اقتناء السبائك، منوها بضرورة الانتباه، لأن المكاسب أصبحت أقل من السابق: «وأتوقع أن الوضع سيكون أسوأ».

وعلق فتيحي: «إن الأسباب السياسية في الثورات في الدول العربية أثرت على المستثمرين بشكل كبير، كذلك معدل البطالة والبرامج الاقتصادية التي لم يوافق عليها مجلس الشيوخ والكونغرس الأميركي»، مشيدا بالين الياباني الذي صعد بشكل كبير وقد يأتي الفرج من اليابانيين.

وبين فتيحي: «لقد لوحظ في الآونة الأخيرة توجه بعض المستهلكين إلى الإكسسوارات العالية الجودة، التي قد تشابه الذهب في الشكل والتصنيع، والتي يكتفي البعض بشرائها».

من جهته يرى قاسم اليافعي، خبير الذهب، أن نهاية عام 2012 ستشهد هبوطا في الأسعار دون 1200 دولار للأونصة، مشيرا إلى أن أسعار معدن الفضة سلكت إطار تحركات أسعار الذهب في الصعود والهبوط، وحققت أدنى مستوى بنحو 8.5 في المائة عن أعلى مستوى حققته الأسبوع الماضي، وأنهت تداولات الأسبوع على ارتفاع عند 31 دولارا لتحقق مكاسب 3 في المائة عن الأسبوع الماضي، لذلك فإن هناك توجهات على الفضة بشكل أفضل من السابق من قبل بعض المستهلكين.

وأوضح علي باطرفي، نائب شيخ الصاغة في الغرفة التجارية في محافظة جدة (غرب السعودية): «قد تبدو الرؤية المستقبلية لأداء الأسواق في السعودية إيجابية، بسبب انحسار العامل النفسي للأزمة العالمية، مدعوما بقوة المشاريع الكبيرة للدولة، كذلك التوقع بزيادة أعداد المعتمرين المحليين والخارجيين».

وأشار باطرفي إلى أن «تراجع الطلب السعودي على الذهب تصادف مع انخفاض الطلب العالمي الذي تراجع، ولكن هناك زيادة طلب خلال هذه الأيام نتيجة لهبوط سعر الذهب إلى نحو 1600 دولار للأونصة، حيث إن الصين لم ينخفض استهلاكها للذهب في كل القطاعات؛ بل زاد الطلب فيها بنسبة أعلى مما هي عليه». وأضاف نائب شيخ الصاغة في الغرفة التجارية: «من المحتمل أن تشهد أسعار الذهب مع بداية ديسمبر (كانون الأول) المقبل إلى نهاية يناير (كانون الثاني) صعودا إلى 2000 دولار للأونصة، ومن ثم قد تشهد انخفاضا مرة أخرى نتيجة لجني أرباح وما يتواكب حينها من أحداث اقتصادية».