مجلس الشيوخ الأميركي يوجه ضربة لأوباما برفض خطته للعمل

فرض قيودا على الصين بشأن اليوان أثارت غضب بكين

TT

رفض مجلس الشيوخ الأميركي مساء أول من أمس، خطة العمل التي قدمها الرئيس باراك أوباما رغم الحملة القوية التي قام بها الرئيس لمحاولة كسب الرأي العام في مواجهة معارضة جمهورية موحدة.

ومن شأن هذه النكسة التي لم تكن مفاجئة، إرغام أوباما وحلفائه الديمقراطيين على مراجعة النص وعرض بنود هذه الخطة التي يبلغ حجمها 447 مليار دولار بالتفصيل بندا بندا. وقد رفض جميع الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ هذه الخطة التي رفضها أيضا اثنان من الديمقراطيين. ورفض النص بـ51 صوتا مقابل 48، أي أقل بتسعة أصوات من الستين صوتا الضرورية لفتح النقاش رسميا.

وقال الرئيس الأميركي في بيان مساء الثلاثاء إن «تصويت هذا المساء ليس بأي حال نهاية هذه المعركة». وأضاف «سنعمل مع السيناتور ريد (هاري، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ) على ضمان طرح المقترحات الفردية للتصويت كل على حدة في أسرع وقت ممكن».

وأشار الرئيس إلى أن بعض هذه المقترحات تتمثل في تمكين «أساتذة وعمال بناء وضباط شرطة أو إطفاء من العودة إلى وظائفهم». وقال الرئيس «لقد حان الوقت لأن يتحمل الكونغرس مسؤولياته». وردا على سؤال لشبكة «بلومبرغ» التلفزيونية عما إذا كان الجمهوريون يعرضون البلاد لخطر الركود باستخدام أقليتهم المعطلة في مجلس الشيوخ، قال وزير الخزانة تيموثي غايتنر «بالتأكيد»، مضيفا «إذا لم يتحرك الكونغرس فإن ذلك سيكون لأن الجمهوريين قرروا عدم القيام بشيء لمساعدة الاقتصاد.

وتتضمن خطة أوباما التي قدمت في مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي استثمارات في البنى التحتية، وخفضا ضريبيا للطبقة المتوسطة والشركات الصغيرة والمتوسطة. وأكد الرئيس أن هذه الإجراءات ستتيح إنشاء 1.9 مليون وظيفة وخفض المعدل الرسمي للبطالة من 9.1 في المائة إلى 8.1 في المائة.

وقد احتج الجمهوريون على بعض بنود الخطة وأيضا على تمويلها من قبل الأميركيين الأكثر غنى. فقد أعلن الزعيم الديمقراطي لمجلس الشيوخ هاري ريد الأسبوع الماضي عن ضريبة بنسبة 5.6 في المائة على الأميركيين الذين يزيد دخلهم على مليون دولار سنويا لتمويل الخطة.

وقال أوباما الثلاثاء أمام مجموعة من النقابيين في بتسبرغ (بنسلفانيا، شرق) إن تصويت مجلس الشيوخ يشكل «لحظة حقيقة» بالنسبة للنواب. ودعا من جديد مواطنيه إلى «تعريف (أعضاء) الكونغرس لحساب من يعملون».

إلا أن زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل رد مؤكدا أن «الديمقراطيين وضعوا مشروع القانون هذا لإفشاله املا في إلقاء اللوم على الذين سيصوتون ضده». وعلى الأثر توجه الرئيس إلى فلوريدا (جنوب شرق) حيث دعا من جديد الكونغرس إلى تبني مقترحاته بشأن الوظيفة.

وتعد فلوريدا وبنسلفانيا من الولايات الاستراتيجية في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. ويسعى أوباما إلى إقناع الناخبين بصواب استراتيجيته التي تعد نقطة سوداء في حصيلة أدائه وفقا لاستطلاعات الرأي.

ومنذ أن قدم خطته جاب أوباما الولايات المتحدة طولا وعرضا متبعا عند الحاجة لهجة شعبوية لمحاولة إقناع مواطنيه بالضغط على الكونغرس. وقال خبير استراتيجية أوباما الانتخابية ديفيد اكسلرود إن «الأميركيين متفقون مع آراء الكثير من الخبراء الاقتصاديين من كل الاتجاهات الذين يؤكدون أن مشروع القانون هذا سيوفر فورا وظائف ويزيد دخل أبناء الطبقة الأميركية المتوسطة».

من جهة أخرى، صادق مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع قانون يهدف إلى فرض قيود على الصين المتهمة «بالتلاعب» بعملتها بهدف زيادة صادراتها وذلك رغم تحفظات البيت الأبيض، وهو قانون أثار غضب بكين. وردت وزارة الخارجية الصينية أمس الأربعاء بالقول إن المصادقة على مشروع القانون «مخالفة خطيرة» لقوانين منظمة التجارة العالمية من شانها أن تثير «حربا تجارية».

وأعلنت بكين الأسبوع الماضي أنها «تعارض بشدة» مشروع القانون الأميركي الذي «يضر بشكل خطير بالعلاقات التجارية الصينية الأميركية». وأقر مجلس الشيوخ، حيث أغلبية النواب من الديمقراطيين، القانون بـ63 صوتا مقابل 35، لكن مجلس النواب لم يقرر النظر في مشروع القانون لأن قادة الأغلبية الجمهوريين يخشون اندلاع حرب تجارية مع بكين.

وأعلن رئيس المجلس جون باينر مؤخرا أن هذا المشروع «خطير».

وبحسب «رويترز»، أكد وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر في تصريح لتلفزيون «بلومبرغ»، أن نواب مجلس الشيوخ «لم يفجروا» حربا تجارية مع الصين بتبنيهم ذلك المشروع. لكنه كرر أن إدارة أوباما لا تدعم مشروع القانون في صيغته الحالية التي «يناقض» العديد من بنودها التزامات الولايات المتحدة في منظمة التجارة العالمية.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية في نوفمبر 2012، يرى مؤيدو القانون أن الاقتصاد الأميركي الذي تبلغ فيه نسبة البطالة 9.1 في المائة، يعاني من تدني سعر اليوان، وأن أعضاء مجلس الشيوخ يحاولون عبر هذا القانون دفع الخزينة إلى اتهام بكين صراحة بالتلاعب بعملتها ملوحين بعقوبات محتملة.

وتنص قواعد منظمة التجارة العالمية على أن بإمكان الدول الأعضاء في المنظمة معاقبة أحد الشركاء التجاريين الذي يدعم صادراته. لكن تلك القواعد لا تنص صراحة على خفض سعر العملة، بينما تختلف التأويلات لمعرفة ما إذا كان سعر الصرف يدخل في إطار قانوني أم لا.

واتهم الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس الماضي الصين «بتزوير» المبادلات التجارية العالمية من خلال تدخلها لخفض سعر صرف اليوان. ولا ينقض كثيرون في واشنطن الاتهامات الموجهة إلى اليوان وتدني قيمته في وجه الدولار «مما يعطي تفوقا للبضائع الصينية قد يبلغ 30 في المائة على حساب المنتجات الأميركية المشابهة».

لكن معارضي مشروع القانون يقولون إن الزيادة في سعر صرف اليوان لن تؤدي سوى إلى إنشاء وظائف في بلدان مثل فيتنام وماليزيا وليس في الولايات المتحدة، ويعتبرون أن ارتفاع أسعار البضائع المستوردة من الصين سيتم أيضا على حساب المستهلك الأميركي.

أما مؤيدو المشروع فيقولون إنه حان الوقت للوم بكين، وإن ارتفاع سعر اليوان قد يسهم في ارتفاع القدرة الشرائية في الصين وبالتالي زيادة في الصادرات الأميركية.

واعتبر النائب الديمقراطي في مجلس الشيوخ لولاية أوهايو (وسط) التي تعاني مصانعها بشدة من الركود، أن الولايات المتحدة أبدت حتى الآن ضعفا أمام الصين وشبه السياسة التجارية الأميركية «بنزع سلاح من جانب واحد» أمام بكين.

وقد قرر البنك المركزي الصيني في يونيو (حزيران) 2010 ترك سعر صرف اليوان يطفو بحرية في وجه الدولار بعد أن أبقى عليه ثابتا لمدة سنتين، ومن حينها ارتفع بنحو 7 في المائة.

وترفض الإدارة الأميركية دائما، منذ التخفيض المفاجئ في سعر اليوان سنة 1994، أن تعتبر الصين «تتلاعب» بعملتها.