الصين تستخدم تريليوناتها في رسملة بنوكها الرئيسية

بعد أن فقدت 33% من قيمتها هذا العام

المركز الرئيسي لبنك الشعب الصيني في بكين
TT

في محاولة لوقف الهبوط الحاد في أسعار الأسهم في البنوك الأربعة الرئيسية في الصين، بدأ صندوق الثروة السيادية في الصين شراء أسهم هذه البنوك الاثنين الماضي، كما يخطط لشراء المزيد في العام القادم. وقد ساعد ذلك الإعلان، الذي صرحت به البنوك في جلسة مداولة عقدت في وقت متأخر يوم الاثنين، في أن تعود أسعار الأسهم إلى وضعها الطبيعي نوعا ما في بورصة هونغ كونغ.

وكانت أسهم البنك الصيني فقدت ثلث قيمتها هذا العام، وقد جاءت أغلب هذه الخسائر منذ شهر أغسطس (آب). ومقارنة بالأسهم المتعثرة الخاصة بالعديد من البنوك الأوروبية، فإن الانخفاض لا يعكس مخاوف بشأن سندات اليونان، حيث لدى البنوك الصينية عدد قليل جدا من تلك السندات، لكن هذه المخاوف تتمثل في آثار شروط رأس المال الأكثر صرامة التي يقدمها المنظمون الصينيون كذلك مخاوف بشأن خسائر ممكنة على القروض الداخلية. وتمارس اللجنة التنظيمية المصرفية الصينية ضغطا شديدا على البنوك، وذلك من أجل جمع رأسمال. كما يرغب المنظمون في تهيئة البنوك لتلبية المعايير الدولية المتزايدة لكفاية رأس المال وتعزيز ميزانيات البنوك في مواجهة خسائر ممكنة بالنسبة لقروض كبيرة تم إصدارها لشركات صينية وحكومات محلية خلال برنامج الحوافز الاقتصادية الصينية عام 2009 و2010. وذكر البنك الزراعي الصيني، الذي يعد أحد البنوك الأربعة الرئيسية التي تتحكم معا في ثلثي السوق المصرفية الصينية، أنه ينوي تجميع المزيد من رؤوس الأموال العام القادم. وكان المستثمرون في انتظار خطوات لبيع الأسهم من خلال البنوك الثلاثة الأخرى: البنك التجاري والصناعي الصيني وبنك التعمير والإنشاء الصيني وبنك الصين. وقال نيكولاس أر لاردي، زميل بارز في معهد بيتر جي بيترسون للاقتصادات الدولية في واشنطن: «أحد الأسباب وراء خفض أسعار الأسهم أن المساهمين الحاليين في شركات المساهمة العامة يخشون أن يتم خفض قيمة الأسهم». ووفقا لأوراق البنوك الأربعة المبرمة لدى بورصة هونغ كونغ، فقد تمت عمليات شراء الأسهم يوم الاثنين بواسطة شركة «هويجين» المركزية، وهي شركة قابضة تعد جزءا من صندوق الثروة السيادية في البلاد، الذي يعد مؤسسة الصين للاستثمار. ولدى شركة «هويجين» المركزية تاريخ معقد، مما أدى إلى تعقيد قدرة الصين على تنظيم بنوكها. وتمتلك شركة «هويجين» المركزية حصصا في البنوك تتراوح من 35.4 في المائة في البنك التجاري والصناعي إلى 67.6 في المائة في بنك الصين. ولن تؤدي عمليات الشراء التي تمت يوم الاثنين إلى تغيير تلك النسب بشكل كبير. وقد أسس البنك المركزي شركة «هويجين» عام 2003 لإنقاذ بنوك الدولة بعد ارتفاع نسبة خسارة القروض التي صدرت لشركات مملوكة للدولة ومتصلة بالسياسة في منتصف التسعينات من القرن الماضي. وقد تحولت شركة «هويجين» المركزية عام 2007 إلى مؤسسة الصين للاستثمار، التي تم تأسيسها لاستثمار جزء من احتياطي النقد الأجنبي للبلاد في البورصة. وكانت هذه الخطوة مثيرة للجدل، وذلك يرجع بصورة جزئية إلى أنها تضمنت إصدار سندات لتعويض البنوك المركزية عن عملية التحويل. وقدمت مؤسسة الاستثمار الصيني وعدا بأنها ستجمع عوائد كافية من البنوك لتقديم مدفوعات على السندات. ونتيجة لذلك الوعد، تدفع البنوك الكبرى في الصين نحو نصف عوائدها منذ ذلك الحين، مقارنة بـ10 إلى 12 في المائة تدفعها العديد من الشركات الصناعية. وقد أدى ذلك إلى بطء قدرة البنوك على الامتثال لمطالب المنظمين بعمل احتياطي لرأس المال.

وقد بدأت الأرباح المرتفعة على المدفوعات، التي تتعارض مع الحاجة إلى جمع رأس المال، إثارة الشكوى بين التنفيذيين في البنوك الصينية. وكانت جريدة «ذا ستدى تايمز» قد نقلت في يوليو (تموز) عن شيانغ جون بوه، رئيس البنك الزراعي الصيني، قوله إن البنوك الكبرى في الصين «يجب أن تتجنب المعدلات المرتفعة من أرباح المدفوعات، في الوقت الذي نبحث فيه عن أنشطة لجمع الأموال». بينما ذكر لو جيوي، رئيس مؤسسة الاستثمار الصيني، أن شركة هويجين المركزية بحاجة إلى 300 مليون رينمينبي يوميا أو 47 مليون دولار، لدفع الفائدة على السندات التي صدرت لتعويض البنك المركزي. ولا يمكن لشركة «هويجين» أن تقوم ببيع أسهمها في البنوك، وذلك لجمع أموال لسداد هذا الدين، لأن هذا سيؤدي إلى زيادة عدد الأسهم التي تطرحها للتداول العام ولا تستطيع بعد ذلك تقليل أسعار حصتها. وقد جاءت التصريحات التي أطلقتها البنوك الأربعة الكبرى لتعكس تراجعا في أسهمها في وقت سابق من هذا اليوم. وقد سجلت أرباحا صغيرة قبل الإغلاق، في ما عدا بنك التعمير الصيني؛ حيث تراجع بنسبة 0.21 في المائة هذا اليوم، وأغلق عند 4.83 دولار هونغ كونغ، لكنه كان أعلى من الانخفاض السابق له.

وهناك مخاوف أخرى بشأن البنوك تتمثل في تعرضهم إلى وحدات اقتراض خاصة من جانب الحكومة المحلية. وقد ذكر المكتب الوطني للتدقيق في الحسابات أن هذه القروض، خاصة التي تمنح لمشاريع البنية التحتية التي ساعدت الصين في الخروج من أزمة الاقتصاد العالمي، وصلت إلى 10.7 بليون رينمينبي أو 1.7 بليون دولار، بنهاية عام 2010. ويضغط عبء الدين الناتج عن هذه القروض على حكومات محلية، مما أدى إلى رفع رسوم المياه والصرف الصحي وغيرها من الخدمات العامة التي تحسنت لدرجة كبيرة بمساعدة هذه القروض، والتي لا تزال تقدم للشعب بأقل من تكلفتها، بحسب لاردي، من معهد بيترسون.