الرئيس التنفيذي لـ«سمة»: ضبابية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة جعلت البنوك تحجم عن الاعتناء به

نبيل المبارك يؤكد أن مشروع «تقييم» جزء من البنية التحتية لإنعاش القطاع ومشاركته في الاقتصاد

نبيل المبارك
TT

لخص نبيل المبارك الرئيس التنفيذي لـ«الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية - سمة» أسباب عزوف الجهات التمويلية عن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بغياب المعلومات الواضحة والدقيقة والمحدثة لهذا القطاع وفق آليات محددة وقاعدة بيانات دقيقة تكشف وبجلاء حجم وأنشطة هذه المنشآت. وقال المبارك في حوار له مع «الشرق الأوسط» إن مشروع «تقييم» الذي أطلقته المؤسسة الأسبوع المنصرم راعى تقييم كافة الأطر العامة لحوكمة الشركات بشكل أفضل، والتي يمكن الوقوف عليها خلال فترة التقييم علاوة على توفير قاعدة بيانات إحصائية وطنية محدثة لتلمس المشكلات ووضع الحلول المناسبة. وأبرز المبارك الإشكاليات المحيطة بقطاع المنشآت الصغيرة وهي اعتماده وبشكل كبير على الجهود الفردية العشوائية المتفاوتة، والتمويل الذاتي، وغياب العمل الممنهج وفق أسس ومعايير واضحة، والغموض غير المبرر لكثير من استثماراته. فيما توقع المبارك أدوارا فاعلة للمصارف في هذا المشروع لضمان نجاحه، منها الالتزام من قبل كافة المستويات داخل المصرف بالتوجه الاستراتيجي لتقديم خدمات متكاملة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، في الوقت الذي كشف فيه عن قضايا عديدة في الحوار التالي:

* أطلقت «سمة» مؤخرا مشروع تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، كيف كانت البداية وما الأهداف المرجوة من هذا المشروع؟

- مشروع تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة (تقييم) هو آخر المشاريع التي أطلقتها الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة)، ويهدف مشروع تقييم إلى دراسة كافة الأوجه المالية والاقتصادية والتمويلية والإدارية والاستراتيجية المرتبطة بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتقييم كافة الشركات المنضوية تحته من حيث رأس المال، وحجم النشاط، وعدد الموظفين مما سيسهل عليها الحصول على التمويل المناسب من الجهات التمويلية، وتطوير أعمالها، متخذة بذلك خطوة جادة في مجال التقييم قائم على أسس علمية ومنهجية، وحقيقة فكرة المشروع راودتنا في «سمة» منذ وقت طويل، لكن فضلنا بداية القيام بكافة الدراسات المطلوبة لواقع هذا القطاع الحيوي، ودراسة أهم الإشكاليات التي تواجهه سواء التمويلية أو غيرها، من خلال مقارنات حديثة مع القطاعات المشابهة في بعض الدول المتقدمة، خصوصا إبان حدوث الأزمة المالية العالمية، كما أننا في «سمة» أجرينا خلال الفترة الماضية العديد من الدراسات الشاملة حول قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة السعودي، وعقدنا اجتماعات دورية مع البنوك المحلية لاستكمال الرؤية الكاملة للمشروع، وتجهيز المشروع بشكل تام لإطلاقه. هناك ما يقرب على الـ800 ألف منشأة منها نحو 15.4 ألف شركة فقط بإجمالي 782 مليار ريال (208.5 مليار دولار) 2 في المائة من فئة الشركات، و67 في المائة منها منشآت فردية، كما أن هناك 87 في المائة عمالة وافدة ونسبة الأمية في هذه العمالة تقارب من 67 في المائة. كما أن هناك توجها استراتيجيا للمملكة في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة تماشيا مع سياسة الدولة القاضية بدعم شباب وشابات الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة. حيث أتثبتت الدراسات أنها هي الداعم للنمو الاقتصادي. ونعتقد في «سمة» أن مشروع «تقييم» جاء ليسهم بشكل حقيقي لتجسيد هذا التوجه.

* ما أبرز النماذج المستخدمة التي اتخذتها «سمة» في مشروعها لتقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟

- تم تصميم مشروع «تقييم» ليتماشى مع أحدث النماذج والتصاميم العلمية المناسبة للاقتصاد السعودي، حيث سعينا في «سمة» إلى تطوير أنظمة تقييم فاعلة نستطيع من خلالها وضع تصور كامل لهذا القطاع، ومن ثم تقييمه التقييم السليم والدقيق خصوصا إذا ما علمنا أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تشكل في منطقة اليورو نحو 99.8 في المائة من إجمالي منشآت الأعمال، ونحو 60 في المائة من القيمة المضافة، ونحو 70 في المائة من التوظيف.

وهذه النسب ليست مقتصرة فقط على منطقة اليورو، بل إنها قد تكون متشابهة في كثير من دول العالم، كما يدرك الجميع أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة هي إحدى أكثر الأدوات فعالية وكفاءة وقدرة للمضي بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك المناطق النائية الأقل حظا في التنمية، كما أنها توفر مجالا خصبا للتدريب وتطوير المهارات للعاملين، وتساعد على سرعة دوران أموال الاستثمار صغيرة الحجم، بالإضافة إلى كونها نواة المشروعات الكبيرة كحاضنات للأعمال، ولقد اطلعنا في «سمة» وعن كثب على عدة تجارب في مجال تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتمكنا من تصميم مشروع تقييم كنموذج معين لتقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، يأخذ في عين الاعتبار كافة المعطيات المحلية والحقائق على أرض الواقع، وبالأخص موضوع التستر والعمل تحت غطاء الملكية السعودية بالاسم فقط حيث تسعى «سمة» من خلال مشروعها تقييم الشركات والمؤسسات في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ليمكن تلمس ومعرفة الهيكل الإداري، والاستراتيجية العامة للمشروع، والنواحي المالية، ومن ثم خلق قاعدة بيانات ضخمة تضمن حصول تلك المنشآت على التمويلات اللازمة من الجهات التمويلية.

* بعد الدراسة التي قمتم بها في «سمة» لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كيف ترون هذا القطاع حاليا؟

- لاحظنا وبكل صراحة غياب استراتيجية وطنية واضحة المعالم لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعمل على الرعاية والالتزام الحكومي للقطاع برؤية طموحة وبرامج عمل فاعلة، وارتأينا في «سمة» أن من واجبنا لعب دور هام وحيوي لهذا القطاع ليتمكن من أداء دور أكثر فاعلية في مشروع تطوير القطاع، من خلال التقييم الكامل والشامل والوافي لكافة الشركات المنضوية بهذا القطاع، فعلى الرغم من وجود عدة جهات معنية تختص بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في البلاد، فإن هذا القطاع لا يزال مغيبا عن المساهمة الاقتصادية والتنموية الإيجابية الفاعلة المنشودة، فيما لا تزال مشروعاته ومبادراته وبرامجه لا توفر فرصا حقيقية لتوظيف السعوديين، وكلنا لمسنا كيف تلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دورا إيجابيا في الدول النامية من حيث توفير فرص العمل لجميع الفئات الاجتماعية وخاصة الرياديين منهم بما يسهم في زيادة الدخل وتحقيق الاكتفاء الذاتي جزئيا لبعض السلع والخدمات التي يحتاجها المجتمع، علاوة إلى المساهمة في معالجة مشكلتي الفقر والباحثين عن عمل، حيث تمتاز هذه المشاريع بانخفاض حجم الاستثمار كثيرا مقارنة بالمشاريع الكبيرة مما يجعلها أقل عرضة للمخاطر، كما أنها تشكل ميدانا لتطوير المهارات الإدارية والفنية والإنتاجية والتسويقية، وتفتح المجال أمام المبادرات الفردية الريادية وتعزيز ثقافة الاعتماد على الذات، مما يقلل من حدة الضغط على القطاع العام في توفير فرص العمل. كما تبين لنا من خلال الدراسة أن عدد الشركات المنضوية تحت قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يشكل نسبة كبيرة بالنسبة لعدده في المملكة، وأن هذا القطاع ليس جاذبا للمواطنين، ولكنه قطاع موظف جيد للعمالة الأجنبية، فحسب بيانات التأمينات الاجتماعية هناك نحو 55.5 في المائة من المنشآت في المملكة لديها خمسة عمال فأقل، وهذا مؤثر اجتماعيا واقتصاديا، فهذا يفضي إلى أن السواد الأعظم من المنشآت لدينا في المملكة هي منشآت صغيرة ومتوسطة، كما أنها ليست بيئة جاذبة للباحثين عن فرص العمل، فيما وحسب إحصائيات وزارة التجارة، لا يوجد لدينا إلا نحو 15 ألف شركة، وهو عدد قليل مقارنة بحجم اقتصاد المملكة، كما أن قطاع تجارة التجزئة استحوذت العمالة الأجنبية على أغلبه، وهذا يأتي في فترة ترتفع فيها البطالة بين السعوديين، وأيضا لم يعد بوسعهم دخول القطاع وتكوين منشآتهم الصغيرة لارتفاع المنافسة واحتكار القطاع. هذه التركيبة التي وقفنا عليها في «سمة» شجعتنا على المضي قدما نحو إرساء مشروع يعنى بتقييم تلك المشاريع ومن ثم الإسهام وبشكل مباشر في خلق فرص وظيفية للسعوديين.

* إلى ماذا تعزون تخوف الجهات التمويلية من تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟

- يمكن تلخيص سبب عزوف أغلب الجهات التمويلية عن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة بغياب المعلومات الواضحة والدقيقة والمحدثة لهذا القطاع وفق آليات محددة وقاعدة بيانات دقيقة تكشف وبجلاء حجم وأنشطة هذه المنشآت، مما حدا بجهات التمويل للعزوف عن التمويل خوفا من المخاطر المحدقة التي يمكن أن يخلفها تمويل مثل هذه المنشآت. لا شك أن المستثمرين في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يواجهون مشكلات في عدم كفاءة ومرونة أدوات التمويل، وضعف الرعاية التصديرية، إلى جانب تدني إمكانات التطوير التقني، مما جعلنا في «سمة» نلتفت جديا لضرورة إيجاد حلول جذرية تستطيع من خلالها تلك المنشآت الحصول على التمويل اللازم بشكل ميسر ومن ثم إعادة الارتباط والتناغم بين قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وقطاع الأعمال الكبيرة. وهذا ما نرجو أن يحققه مشروع «تقييم».

* كيف ترون الآثار المتوخاة لمشروع «تقييم» على الاقتصاد الكلي والاقتصاد الجزئي؟

- يساعد مشروع «تقييم» الخاص بتقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة على حصول تلك المنشآت على تمويل لنموها واتساع أعمالها، كما يحل «تقييم» مشكلة تباين المعلومات لكامل القطاع ويطور من فاعلية وكفاءة سوق التمويل ويعمل على تزويد المنشآت الصغيرة والمتوسطة بأدوات وآليات متقدمة للمصرفيين والماليين لمعرفة المخاطر الائتمانية للشركات، ويزيد تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من مستوى شفافية الاقتصاد من خلال تسليط الضوء على عمليات تلك المنشآت وطبيعتها، علاوة على توفير معيار موحد لقياس أحجام الشركات والقطاعات التي تنتمي إليها والعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية وتخفيض تكاليف الإقراض من خلال توفير المعلومات المحدثة والدقيقة لجهات التمويل. كما لم نغفل في تقييم سلوكيات المصارف، حيث يساعد تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة على تغيير سلوك إقراض المصارف لتكون مبنية على مخاطر السوق وعوائد المحافظ ومن ثم خلق أرضية خصبة للشركات لمعرفة المشكلات المالية بناء على ظروف وتقلبات السوق، كما راعى تقييم كافة الأطر العامة لحوكمة الشركات بشكل أفضل والتي يمكن الوقوف عليها خلال فترة التقييم علاوة على توفير قاعدة بيانات إحصائية وطنية محدثة لتلمس المشكلات ووضع الحلول المناسبة.

وفيما يخص التعثر، فيخفض تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من معدلات التعثر نتيجة اعتماد جهات التمويل في قراراتها على معلومات محدثة ودقيقة، كما يمكن «تقييم» ملاك الشركات الكبرى من معرفة وضع صغار الموردين ومن ثم اتخاذ القرارات السليمة، أما الآثار الخاصة بالاقتصاد الجزئي، فهناك جملة من الخدمات التي يمكن لـ«تقييم» تقديمها لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، منها حصول تلك المنشآت على تمويل بطريقة أسهل وخيارات أفضل، كما يساعد «تقييم» تطبيق تلك المنشآت لأفضل الممارسات العملية وبالتالي الحصول على التمويل، والوقوف على كافة الملاحظات المهمة والرئيسة لتلك المنشآت خلال عملية التقييم للاستفادة منها، كما يوفر تقييم لتلك المنشآت القدرة على تلبية كافة المتطلبات لإصدار الضمانات والصكوك وحتى الاكتتاب ويساعدها على سرعة إنهاء إجراءات التمويل، علاوة على الحد من تكاليف القروض.

* دائما ما ترتبط القطاعات بمختلف أشكالها بمخاطر شتى، فما أبرز المخاطر الخاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة؟

- إحدى أبرز الإشكاليات المحيطة بهذا القطاع اعتماده وبشكل كبير على الجهود الفردية العشوائية المتفاوتة، والتمويل الذاتي، وغياب العمل الممنهج وفق أسس ومعايير واضحة، والغموض غير المبرر لكثير من استثماراته. فخلال الخمس سنوات الماضية، من الواضح جدا أن هذا القطاع يعاني من حالة تفكك واهتراء بسبب التداخل العجيب بين الملكية من جهة والعمل من جهة أخرى، زد على ذلك الغياب التام للاستراتيجيات أو الهيكل الإداري أو رأس المال القوي، وبالتالي عزوف المستثمرين عن شرائها أو حتى الاستثمار فيها. ونسعى في «سمة» من خلال مشروع «تقييم» إلى إيجاد نظام هيكلي للاقتصاد، على غرار الدول العالمية المتقدمة التي تقوم على نظام العناقيد من حيث وجود شركات كبيرة يتفرع منها عدد من الشركات الصغيرة بشكل تكاملي، أو ما يعرف بنظام السلاسل.. مثل هذا النظام سيخلق بيئة منظمة تستطيع من خلالها تلك المنشآت العمل وفق أطر واضحة المعالم، وهيكلة إدارية منظمة، ورأس مال قوي تستطيع من خلاله المساهمة الفاعلة في الاقتصاد الوطني.

* كيف ترى دور المصارف في مشروع تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة؟

- لا شك أن دور المصارف مهم وحيوي كإحدى أكبر الجهات التمويلية، ونتوقع أدوارا فاعلة للمصارف في هذا المشروع لضمان نجاحه، منها الالتزام من قبل كافة المستويات داخل المصرف بالتوجه الاستراتيجي لتقديم خدمات متكاملة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأن تكون هناك قناعة من قبل كل إدارات المصارف بهذا التوجه الاستراتيجي لضمان نجاحه، كذلك الإدراك التام لإدارات المخاطر في المصارف بأن مخاطر المنشآت الصغيرة والمتوسطة مختلفة عن باقي أنواع المخاطر، وبالتالي العمل على تصميم نماذج حساب المخاطر بشكل مختلف. كما نتوقع من وخلال مشروع «تقييم» أن تعمل المصارف على تلبية احتياجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل سريع ومرن، وتقديم نماذج تقييم مخاطر المنشات الصغيرة والمتوسطة مختلفة، ولا تعتمد على نموذج موحد على مستوى العالم على غرار تصنيفات الشركات الكبيرة، ودراسة حاجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة كمجموعة منتجات مالية وليس منتجات ائتمانية فقط «تصميم منتجات متعددة»، والعمل مع «سمة» على تطوير أنظمة تقنية ومعلوماتية مخصصة لخدمة عملاء المصرف من المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

* كيف ترى أنماط وسلوكيات التعثر والمتعثرين لدينا في المملكة من خلال تجربتكم في سمة؟

- نسب التعثر في المملكة تبلغ نحو 1.7 في المائة، وحينما نأخذها كنسبة قياس مع أي دولة في العالم المتوسط من 7 إلى 10 في المائة وهي نسبة طبيعية، وبالنسبة لنا تعتبر نسبتنا ما زالت متدنية، ودائما نؤكد أن نسبة التعثر 1.7 في المائة تقريبا، لكن علينا أن نتذكر أن معدل الملتزمين بالسداد 98.8 في المائة، وهذا يجعلنا ننظر للجزء الممتلئ من الكأس، فعندما يكون لديك 98.8 في المائة من مواطنيك وشركاتك ملتزمة في السداد، فهذا أمر إيجابي، وحينما نأخذ القطاعات غير المصرفية في الاعتبار ترتفع النسبة إلى 1.4 في المائة وهذه تعتبر نسبة متدنية بكل المقاييس، الإشكالية أن البعض يضخم من إشكالية التعثر لأنه لا يحس بها إلا عندما يتعثر، وهذا أمر نتفهمه في «سمة»، بل إننا دائما نسعى لتوعية الجميع بمخاطر التعثر، ووجوب الالتزام، وعدم المغالاة في طلب القروض التي قد تنهك المنظومة المالية من جهة، ومن ثم يكون لها تبعات اجتماعية يصعب تحديدها، وفي آخر دراسة مسحية حديثة لإدارة الدراسات والأبحاث في الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة)، هناك معلومات مهمة وقيمة حول أنماط وأشكال المتعثرين عن السداد في السعودية. حيث توضح الدراسة التي اشتملت على 1000 متعثر وأجريت مؤخرا أن 4 في المائة من المتعثرين هم من حملة الشهادة الابتدائية، و12 في المائة من المتعثرين من حملة الكفاءة المتوسطة، و39 في المائة من حملة الشهادة الثانوية، بينما 32 في المائة من حملة الشهادة الجامعية.

كما كشفت الدراسة أن 90 في المائة من المتعثرين متزوجون، وأن متوسط الدخل الشهري لزوجات المتعثرين هو 7 آلاف ريال (1866 دولارا)، وتناولت الدراسة آليات السداد، وكشفت أن 78 في المائة من المتعثرين يدفعون الاحتياجات المنزلية نقدا، بينما 5 في المائة يدفعون عبر استخدام البطاقات الائتمانية، كما أن 70 في المائة من المتعثرين يشترون الاحتياجات المنزلية من الأسواق الكبيرة، بينما 30 في المائة من المحلات الصغيرة. كما تبين لنا من خلال هذه الدراسة الحديثة أن نمط المتعثرين السياحي متباين، حيث كشفت الدراسة أن 69 في المائة من السياح المتعثرين يفضلون دفع تكاليف السفر نقدا، بينما 26 في المائة عبر البطاقات الائتمانية و4 في المائة عبر الشيكات السياحية، وأوضحت الدراسة أن 73 في المائة من إجمالي المتعثرين هم من السياح خارج المملكة.

كما كشفت أن متوسط دخل السياح المتعثرين هو 10.7 ألف ريال (2868 دولارا) كل هذه السلوكيات وغيرها تدفعنا في «سمة» لبذل مجهودات إضافية لتلمس الأسباب الحقيقية للتعثر، ومحاولة تقديم تصورات تسهم في حل مثل أوجه التعثر، لكننا في النهاية جهة معلوماتية بحتة، لا نتخذ قرار التمويل، لأي من الطرفين، سواء الممول، أو الشخص طالب التمويل، لكننا نعمل لتطوير منتجنا الرئيسي وهو المعلومة المحدثة الدقيقة عبر تقارير ائتمانية مفصلة يمكن من خلالها التعرف على الملاءة المالية واتخاذ القرارات التمويلية بناء على تلك الملاءة، نحن في «سمة» وأكدناها غير مرة جهة محايدة، ولم ولن نكن في صف أحد ضد أحد كما يعتقد البعض، والمعلومة الائتمانية باتت مهمة جدا لأصحاب القرار التمويلي، والتقرير الائتماني يحمل أرقاما جامدة في نهاية الأمر، لكنها تعطي مؤشرات قوية وحقيقية لملاءة العميل المالية وقدرته على السداد من عدمه، ويهمنا بطبيعة الحال أن تنتشر الثقافة الائتمانية لدى الجميع ونعمل على ذلك من خلال برامج توعية كثيرة، لكن يبقى القرار الأول والأخير بيد المقدم على طلب التمويل ابتداء ثم بقرار جهة التمويل.