ميركل تحذر من المبالغة في الآمال على قمة الـ20 لحل أزمة اليورو

فيما يستعد الدائنون لخسارة جزء كبير من استثماراتهم

ميركل تتحدث أمام اتحاد عمال الصناعات الحديدية في ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من الإفراط في تعليق الآمال الخاصة بحل أزمة اليورو على القمة الأوروبية المزمع عقدها في الثالث والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

وقالت ميركل على هامش مؤتمر لنقابة العاملين في الصناعات المعدنية أمس بمدينة راينشتيتين إن آثار الاستدانة المفرطة ونقص القدرة على المنافسة تراكمت على مر سنوات وعقود وإنه لا يمكن إيجاد حلول للمشاكل المترتبة على ذلك بين عشية وضحاها. وأضافت رئيسة الحزب المسيحي الديمقراطي: «ليست هناك خطوة كبيرة، ضربة كبيرة، يمكن من خلالها إنهاء جميع التداعيات..». ورأت ميركل ضرورة التروي قبل اتخاذ أي خطوة وعدم اتخاذ أي خطوة قبل أن تكون مميزاتها أكثر من سلبياتها وقت اتخاذ القرار وقالت إن هذا ينطبق أيضا على التقليص المحتمل للديون في اليونان.

وجاءت تصريحات ميركل في وقت يستعد فيه حاملو السندات اليونانيون لخسارة جزء كبير من استثماراتهم في ظل محاولة قادة الدول الأوروبية فرض حل للحد من عبء الديون اليونانية من أجل وضع حد لأزمة الديون الأوروبية. وفي وقت بلغت فيه الفوائد على السندات الحكومية اليونانية التي أجلها عشر سنوات 23.98% في الساعة 8:31 بتوقيت لندن، في الوقت الذي كان سعرها يبلغ 37.40% من قيمتها الاسمية. وكان السعر 2.186 نقطة أو 21.86%، أي أكثر من سندات الحكومة الألمانية الاتحادية ويمكن مقارنتها بأرباح السندات البرتغالية المستحقة في نفس التاريخ والتي نسبتها 11.59% وأرباح السندات الإيطالية التي تبلغ نسبتها 5.8%.

يكثف قادة الدول الأوروبية جهودهم لاحتواء الأزمة التي تواجهها اليونان منذ عامين تقريبا والتي أدت إلى زيادة قروض بلاد مثل آيرلندا وإيطاليا وأدت إلى انهيار مؤسسة «ديكسيا إس إيه» أكبر جهة إقراض في بلجيكا. قال رئيس المفوضية الأوروبية، جوزيه باروسو، منذ يومين إن المنطقة بحاجة إلى التنسيق للخروج بمنهج لدعم المصارف الأوروبية والخروج من الأزمة. وخفضت مؤسسة «ستاندرد أند بورز» من تصنيفها الائتماني لإسبانيا أمس بسبب الاحتمالات المتزايدة بتوقف نموها الاقتصادي. وكذلك خفضت وكالة «فيتش ريتينغز» للتصنيفات الائتمانية تصنيف «يو بسي إس إيه جي» ومصرف «لويدز بانكينغ غروب» ومصرف «رويال بانك أوف سكوتلاند»، ووضعت المزيد من المقرضين تحت المراقبة.

وتستعد المصارف الألمانية لخسائر نسبتها نحو 60% مما تمتلكه من السندات اليونانية، بحسب ما أفادت 3 مصادر رفضت الكشف عن هويتها لوكالة بلومبيرغ أمس. ويعكف قادة أوروبا على إجراء تعديلات لخطة إنقاذ اليونان تسمح بإعادة صياغة حزمة الإجراءات التي تمت الموافقة عليها في يوليو (تموز) والتي تتضمن الخفض الطوعي لما يتم سداده من بعض السندات. وفي ظل الركود الشديد في اليونان الذي يدفعها بعيدا عن هدفها بتخفيض الديون الذي حددته في اتفاق يوليو، انخفض سعر السندات التي يبلغ أجلها عامين بنسبة 36.79% من القيمة الاسمية في 13 سبتمبر (أيلول) مما يشير إلى تراجع الثقة في قدرة الدولة على سداد ديونها للمستثمرين حتى بعد خفض حجم الديون.

وقال الرئيس التنفيذي لمصرف «دويتشه بانك»، جوزيف أكرمان، الذي ترأس محادثات عن مشاركة القطاع الخاص في إنقاذ اليونان في يوليو، أمس إنه سيتوجه إلى بروكسل الأسبوع المقبل لمناقشة احتمال قبول المستثمرين لتكبد المزيد من الخسائر. وأوضح جان كلود جانكر، رئيس مجموعة وزراء مالية دول منطقة اليورو في لوكسمبورغ أمس أن هناك محادثات مع معهد التمويل الدولي الذي مقره في واشنطن بشأن التكلفة التي سيتحملها المستثمرون المشاركون في خطة الإنقاذ الثانية لليونان. وقال محمد العريان، الرئيس التنفيذي لشركة «باسيفيك مانجمنت» في مقابلة مع توم كين وكين بريويت على «بلومبيرغ سيرفيلانس»: «أنت بحاجة إلى خفض كبير للديون لأن ما يتم مناقشته حاليا لا يكفي لإعادة اليونان إلى طريق الاعتماد على ذاتها ماليا. أعتقد أننا سنرى ذلك قريبا لأن السياسيين وواضعي السياسات يدركون أن خفض الديون جزء من الحل».

ومنذ أن وضعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إعادة رسملة المصارف على رأس أولوياتهما في 9 أكتوبر الماضي، ارتفع مؤشر «ستوكس يوروب 600» بنسبة 1.7%. وارتفعت الأرباح على سندات الحكومة الألمانية الاتحادية، التي ينظر إليها على أنها أكثر السندات الحكومية الأوروبية أمانا، أمس إلى أعلى مستوياتها منذ 6 أسابيع، حيث ارتفع اليورو بنسبة 2.8% ووصل إلى 1.3751 وانخفض مقياس دفع المصارف الأوروبية للتمويل بالدولار اليوم إلى أدنى مستوياته منذ 5 أسابيع.

ويؤكد سبيروس بوليتيس، الرئيس التنفيذي لمؤسسة «تي تي إلتا أيداك»، المسؤولة عن إدارة صناديق استثمارية بأصول قيمتها 262 مليون يورو (360 مليون دولار)، على ضرورة ضمان قدرة المصارف في اليونان ودول منطقة اليورو على تحمل خسائر أكبر بسبب الديون اليونانية.

وقال: «نحن بحاجة إلى ضمان عمل المجتمع على الأقل من أجل ضمان تسديد الدين المتبقي بعد خفض الديون. ويحتاج هذا بدوره إلى عمل النظام المصرفي في اليونان». ووصلت قيمة السندات اليونانية إلى 50% من قيمتها الاسمية بحسب تقييم مؤسسة «تي تي إيلتا أيداك» على حد قول بوليتيس. وبلغ التخفيض الأخير نحو 35% ويبدو أنه الحل الذي سيجعل الجميع أقل سعادة كما يوضح بوليتيس. ويعني انخفاض أسعار السندات اليونانية أن المستثمرين سوف يوفرون على اليونان أموالا أكثر مما كان يتوقع من خلال خطة مقايضة الدين، لأنهم ينقذونها من بيع السندات بالفوائد المرتفعة الحالية على حد قول تشارلز دالارا، المدير التنفيذي لمعهد التمويل الدولي في الرابع من أكتوبر.

وقد خفضت وكالة «ستاندرد أند بورز» التصنيف الائتماني للديون الإسبانية من «AA» إلى «AA - »، بحسب قول الوكالة في تصريح في وقت متأخر بالأمس. تواجه الدولة معدل البطالة المرتفع وديون القطاع العام وظروف مالية صعبة وربما تتأثر بتباطؤ الشركاء التجاريين على حد قول وكالة «ستاندرد أند بورز». سيحتاج البنك الأوروبي المركزي إلى إقناعه بالسماح بمزيد من الخفض للسندات اليونانية والتي من المحتمل أن يتضمن ذلك ما يمتلكه من سندات والتي تم تجميعها في إطار خطة سابقة لدعم اليونان. وتعد مشاركة القطاع الخاص في خطط الإنقاذ التي وضعتها دول منطقة اليورو من خلال فرض خسائر على مستثمرين مخاطرة بالاستقرار المال ويمكن أن تؤدي إلى «تأثيرات سلبية مباشرة» على القطاع المصرفي بحسب ما أفاد البنك المركزي أمس خلال نشرته الشهرية.

وقال جان كلود تريشيه، رئيس البنك المركزي، في 30 يونيو (حزيران) أن البنك المركزي لا يتوقع المشاركة في الاستثمار التطوعي في الديون اليونانية الذي تمت الموافقة عليه في يوليو. وقالت إميلي فان دين: «من المرجح أن يدافع البنك المركزي عن موقفه بعدم تخفيض الديون حتى اللحظة الأخيرة، لكنني أعتقد أنه في النهاية سوف يقرر ألا يكون العائق. إذا لم تقوم بإعادة رسملة المصارف في البداية، سوف يزداد احتمال الاضطرار إلى المزيد من خفض السندات اليونانية. إذا لم يتم الالتزام بالترتيب، سوف يعاني السوق من التوتر والقلق».