مجموعة العشرين: جاهزون لمساعدة أوروبا على تجاوز أزمة الديون

الجاسر: أزمة ديون اليورو التحدي الأول للاقتصاد العالمي > في ختام اجتماعات سيطرت عليها الديون وتلاعب الصين بعملتها

TT

قال محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) محمد الجاسر، أمس السبت، إن أزمة ديون منطقة اليورو أصبحت التحدي الأول للاقتصاد العالمي في الأجل القصير، ولكنه يشعر بأن زعماء المنطقة عازمون على إيجاد مخرج.

وقال الجاسر بعد يومين من المحادثات بين وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين، في باريس «ليست السعودية وحدها وإنما أيضا أعضاء مجموعة العشرين مقتنعون بأن التحدي الذي يواجهه الاقتصاد العالمي هو التحدي الأوروبي في الأجل القصير». واستدرك بقوله «غير أننا شعرنا من تدخلات الزملاء الأوروبيين بأنهم يقدرون خطورة الموقف وأنهم عازمون على عمل ما هو ضروري لحماية الاقتصاد وأسواق المال الأوروبية». وأضاف قوله «قالوا لنا إنه في قمة 23 من أكتوبر (تشرين الأول) سوف تتخذ قرارات ستطمئن الأوروبيين أولا وبقية العالم ثانيا أن أوروبا قادرة بل وعازمة على عمل ما هو ضروري لحماية الأسواق الأوروبية. ولا يساورني شك في تصميمهم». وقالت مجموعة العشرين الاقتصادية أمس السبت إنه ينبغي للدول التي تتمتع بفائض في السيولة المالية - مثل ألمانيا والصين أو البرازيل - أن تدلي بدلوها في دفع عجلة الاقتصاد العالمي من خلال تعزيز الطلب الداخلي. وقال وزراء مالية ومحافظو البنوك المركزية في دول مجموعة العشرين، عقب اجتماع عقد في باريس لمدة يومين، في بيان: «تلك (الدول) التي تتمتع بفوائض سيولة مالية سوف تتمكن أيضا من تنفيذ سياسات لدفع النمو القائم على الطلب الداخلي» في إشارة إلى «اقتصادات متقدمة» مثل الاقتصاد الألماني.

وجاء في فقرة أخرى من البيان: «الفائض في اقتصادات سوق الدول الصاعدة سوف يعجل تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لإعادة توازن الطلب نحو استهلاك داخلي أكبر»، في إشارة إلى الصين والبرازيل.

كما لمح البيان إلى احتجاجات الولايات المتحدة على ما ترى أنه خفض غير عادل من قبل الصين لقيمة عملتها الرينمينبي، وقال إنه ينبغي للاقتصادات الصاعدة أن تعمل وفق «نظم لتحديد سعر صرف أكثر تأثرا بالسوق، وأن تحقق مرونة أكبر في تحديد سعر الصرف كي يعكس مبادئ السوق».

وقد أبدت دول مجموعة العشرين، التي أنهت اجتماعاتها أمس السبت في باريس، استعدادها لمساعدة أوروبا على احتواء أزمة الديون من أجل إنعاش النمو في العالم، لكن بشرط أن تعمل على تسوية مشكلاتها. وأعرب عدد من الدول الناشئة، بينها البرازيل والصين، عن مواقف مؤيدة لتعزيز الوسائل المالية المتاحة لصندوق النقد الدولي للسماح له بمساندة أوروبا في حال امتدت الأزمة إلى قوى اقتصادية كبرى مثل إيطاليا وإسبانيا.

لكن مصدرا مقربا من المفاوضات أفاد بأن «الجميع ينتظر ليرى إن كان الأوروبيون يقومون بما يترتب عليهم قبل أن يعلن عن مواقف واضحة»، مضيفا «لا أحد يريد إعطاء أوروبا شيكا على بياض». وبحسب مسودة بيان نهائي، ستلتزم دول مجموعة العشرين بتزويد صندوق النقد الدولي بموارد «مناسبة» وبالتعمق في بحث الموضوع خلال قمة قادتها في كان جنوب شرقي فرنسا في الثالث والرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، بحسب مصادر متطابقة.

وفكرة تعزيز وسائل صندوق النقد الدولي بعيدة عن تحقيق إجماع، وإن كانت فرنسا تؤيدها، إلا أن ألمانيا تبدي تحفظا كبيرا فيما الولايات المتحدة تعرقل المشروع. واجتماع وزراء مالية الدول الغنية والناشئة العشرين الكبرى الذي بدأ مساء الجمعة ويستمر حتى بعد ظهر السبت، يشكل رسميا تحضيرا لقمة كان. وفيما وعد الأوروبيون خلال قمة في بروكسل في 23 أكتوبر (تشرين الأول) بإيجاد حلول لأزمة الديون، فسيشكل هذا الاجتماع فرصة لدول مجموعة العشرين الأخرى القلقة على النمو العالمي، لدرس مواقف الأوروبيين بشأن ملفات الساعة الأكثر إلحاحا، وهي مصير اليونان التي ترتسم في الأفق خطة ضخمة لإعادة هيكلة ديونها، وإعادة رسملة المصارف الأوروبية، وتعزيز قدرات الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي لمساعدة دول منطقة اليورو التي تواجه صعوبات.

وبدد رئيس مجموعة الضغط الدولية للمصارف شارل دالارا الآمال في التوصل إلى اتفاق حول هذه المواضيع مبديا في مقابلة نشرت السبت معارضته مشاركة جهات دائنة خاصة في إنقاذ اليونان بشكل أكبر مما كان مقررا. إلا أن المسؤولين الأوروبيين يؤكدون في المقابل أن المصارف يجب أن تستعد لتقديم مزيد من الأموال. وموضوع رسملة البنوك موضوع شائك يقلق الأوروبيين، الأمر الذي لا مفر منه حاليا. وعبرت المصارف الألمانية مرارا عن رغبتها في حصول «إعادة رسملة جبرية».

ومع ذلك أكد وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله مساء الجمعة أن الأوروبيين «يدركون مسؤوليتهم».

ولا يتوانى قادة الدول الأخرى في مجموعة العشرين عن التذكير بهذه المسؤولية لمنطقة اليورو التي تهدد مشاكلها بتقويض النمو الاقتصادي العالمي. وأضاف أنه «سيتم تأكيد ذلك مرة جديدة».

ولا يفوت قادة الدول الأخرى في مجموعة العشرين فرصة ليذكروا منطقة اليورو بهذه المسؤولية، في وقت باتت فيه مشكلاتها تنتشر مهددة النمو العالمي. وقال وزير مالية جنوب أفريقيا برافين غوردان الجمعة، إن الأوروبيين «في موقع متأخر منذ عام»، مضيفا «حان الوقت ليثبتوا عن حس في القيادة والتصميم» الكافيين لطمأنة «مليارات الأشخاص عبر العالم». واتصل الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء الجمعة بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

غير أن واشنطن باتت تتحدث بنبرة ألطف مما كانت قبل أسابيع قليلة. وقال وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر «من الواضح أن أوروبا تتقدم»، مضيفا «لكن لا يزال هناك بالطبع الكثير مما يجب فعله».

وحتى الآن، طغت الأزمة الأوروبية على الأولويات الأخرى للرئاسة الفرنسية لمجموعة العشرين.