مؤسسة «موديز»: أحداث ماسبيرو ستزيد الضغوط على الاقتصاد المصري وتضعف ثقة المستثمرين فيه

قالت إنها ستؤدي إلى تأخر البلاد في الحصول على المساعدات

TT

قالت مؤسسة «موديز» للتصنيف الائتماني إن الاضطرابات الأخيرة التي مرت بها مصر بعد مصادمات بين الأمن والأقباط ستؤدي إلى زيادة الضغوط على الاقتصاد المصري، فالفتنة الطائفية تضعف ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري. وأشارت في تقرير حديث لها إلى أن تقديم رئيس الوزراء ونائبه الاستقالة يعطي رؤية سلبية للتصنيف الائتماني للبلاد.

وقامت «موديز» بتخفيض تصنيفها للسندات الحكومية المصرية بالعملة المحلية والأجنبية بدرجة واحدة إلى «Ba3» من «Ba2» في شهر مارس (آذار) الماضي، وقالت إنها قد تلجأ إلى تخفيض تصنيفها مرة أخرى في حالة تدهور الوضع السياسي وتراجع احتياطي النقد الأجنبي في البلاد، إلا أنها لم تقم بمزيد من التخفيض منذ هذا التخفيض الأخير.

وأشار التقرير إلى أن عدم الاستقرار السياسي في مصر، تجسد في الآونة الأخيرة من خلال الاتجاه إلى تقديم استقالات داخل الحكومة الانتقالية في الحادي عشر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وهو ما يعطي نظرة سلبية للاقتصاد الذي يعاني من تدهور، وهو ما يزيد الضغوط على الموارد الحكومية، ويدفع إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير التعزيزات الخارجية لدعم ميزان المدفوعات.

وقال التقرير إن رئيس وزراء الحكومة الانتقالية عصام شرف ونائبه للشؤون الاقتصادية وزير المالية حازم الببلاوي عرضا تقديم استقالتيهما يوم الأربعاء الماضي احتجاجا على الخرق الخطير لأمن المجتمع على حد قول نائب رئيس الوزراء، على خلفية ما تعاملت به القوات المسلحة يوم التاسع من الشهر الجاري مع مظاهرة للأقباط، وهو ما خلف على الأقل 25 قتيلا، في صدام بدأ بتحريض على هدم إحدى الكنائس في صعيد مصر، لكنهما سحبا استقالاتيهما بعد أن أقنعهما المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بأن قبول الاستقالة سيكون له تأثير سيئ على الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة.

وترى «موديز» أن تغيير القيادات بالحكومة في هذا الوقت الحالي سيؤدي إلى زيادة التأخير والتشكيك في حصول مصر على المساعدات المالية الخارجية المقدمة من صندوق النقد الدولي (بقيمة 3 مليارات دولار)، وكل من المملكة العربية السعودية والإمارات. وأشارت «موديز» إلى أن الحصول على هذا الدعم في غاية الأهمية للبلاد، لأن الاحتياطيات الأجنبية الرسمية لمصر انخفضت بشكل حاد في شهر سبتمبر (أيلول) ووصلت إلى 24 مليار دولار انخفاضا من 36 مليار دولار في نهاية عام 2010. ورغم أن مصر لديها احتياطي من النقد الأجنبي يفي بتسديد ديون البلاد خلال 12 شهرا المقبلة، فإن استمرار تراجع احتياطي النقد الأجنبي بنفس الوتيرة الحالية من الممكن أن يضعف بشكل كبير من موقف المدفوعات الخارجية للبلاد. وزارت بعثة من الصندوق السعودي للتنمية مصر خلال الأسبوع الماضي لتفعيل الجزء الخاص بالصندوق ضمن البرنامج الاقتصادي المقدم من حكومة المملكة العربية السعودية لمصر، ويشمل البرنامج نحو مليار و450 مليون دولار لإقامة عدة مشاريع تنموية بالبلاد.

وتتوقع «موديز» أن تزداد الضغوط على الاقتصاد المصري وأن تستمر حتى تتبدد حالة عدم اليقين السياسي وعودة الاستقرار المجتمعي.

وقال وزير المالية المصري حازم الببلاوي إن بلاده حصلت منذ الثورة على قرض من بنك التنمية الأفريقي بقيمة 500 مليون دولار، بالإضافة إلى قرض مع البنك الدولي بقيمة 400 مليون دولار، كما أن هناك مباحثات مع صندوق النقد العربي للحصول على قرض بقيمة نصف مليار دولار.

وتواجه الحكومة المصرية انتقادات حادة من قبل الثوار بعد إعلانها عن توصلها إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، إلا أن الانتقادات حالت دون حصول البلاد على هذا القرض.

ووعد المجلس الأعلى للقوات المسلحة في فبراير (شباط) الماضي بترك السلطة خلال 6 أشهر في مدة أقصاها أغسطس (آب) الماضي وهذا لم يتحقق، وستبدأ الانتخابات التشريعية على الأرجح خلال الفترة ما بين نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل وشهر مارس (آذار) من العام القادم، ولكن الانتخابات الرئاسية تم تأجيلها حتى نهاية عام 2012.

وترى «موديز» أن الفتنة الطائفية تضعف ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، فمؤشر البورصة المصرية تراجع بعد تلك الأحداث بنحو 2.3% في العاشر من الشهر الجاري ليصل إلى أدنى مستوى له منذ مارس 2009، كما أن الاقتصاد المصري يصارع لكي يجد موطئ قدم له بعد أن حقق الناتج المحلي الإجمالي انكماشا بنسبة 4.2% خلال الربع الأول من العام الجاري، ورغم ذلك شهد الأداء الاقتصادي للبلاد استقرارا خلال الفترة من أبريل (نيسان) حتى يونيو (حزيران) الماضي.

وأضاف التقرير أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر تراجعت خلال النصف الأول من العام الجاري، محققا معدل تدفق ضئيلا جدا، ومعدلات قدوم السياح إلى البلاد تراجعت بنسبة 42.3% في الربع الثاني مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، كما يتوقع صندوق النقد الدولي نموا ضعيفا لاقتصاد البلاد بمعدل يتراوح ما بين 1 إلى 2% خلال العام الجاري والقادم.

وارتفعت تكلفة اقتراض الحكومة بشكل كبير، عقب تخفيض المستثمرين الأجانب لممتلكاتهم في أذون الخزانة عقب اندلاع الثورة في يناير (كانون الثاني) من هذا العام، تاركين البنوك المصرية شراء ديون البلاد، بحسب ما ذكره التقرير.

وتابع التقرير: «الفوائد على أذون الخزانة لمدة 91 يوما البالغة 13.02% هي الأعلى منذ 2008 عندما اندلعت الأزمة المالية العالمية، وفي الوقت نفسه أصبحت وزارة المالية أكثر اعتمادا على الديون قصيرة المدى لتقليص عجز الموازنة. وزادت الحكومة الانتقالية من الإنفاق على أجور القطاع العام والموظفين في محاولة لتخفيف السخط».