منطقة اليورو تطالب المصارف بإضافة 130 مليار دولار لرساميلها

فيما يسابق وزراء مالية الاتحاد الأوروبي الزمن للاتفاق على حل لأزمة «اليورو»

TT

أعلنت مصادر دبلوماسية أوروبية أمس السبت أن وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي (27 دولة) اتفقوا من حيث المبدأ على ضرورة أن تزيد المصارف الأوروبية رساميلها بمقدار مائة مليار يورو (نحو 130 مليار دولار)، وذلك خلال الاجتماع الذي عقدوه في بروكسل أمس. وأفادت هذه المصادر بأن هذه الخطوة تعد اقتراحا من الهيئة الأوروبية للرقابة على المصارف.

ويتضمن الاقتراح مطالبة المصارف بمحاولة إيجاد رأس المال المطلوب بنفسها أولا، بحيث توفر لنفسها حماية أفضل ضد أي مخاطر ناجمة عن تداعيات أزمة الديون في منطقة اليورو. وفي ما يتعلق بالسيولة التي تحتاجها المصارف في ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، فإن هناك تقديرات تشير إلى أن هذه السيولة تتراوح بين 4.5 و5.5 مليار يورو، ومن الممكن للمصارف الألمانية أن توفر هذه الأموال بنفسها، وذلك وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).

وسعى وزراء مالية الاتحاد الأوروبي لكسر الجمود بشأن تعزيز البنوك الأوروبية أمس السبت، بعد أن دعت دول منطقة اليورو إلى أن يتحمل حائزو السندات اليونانية خسائر أكبر للمساعدة في حل أزمة ديون باتت تهدد الاقتصاد العالمي. ومن المقرر أن تنضم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لاحقا إلى وزراء المالية لمناقشة أزمة الديون في منطقة اليورو تمهيدا لقمة الاتحاد المقررة اليوم الأحد.

وذكرت مصادر دبلوماسية في بروكسل، على هامش مشاورات وزراء مالية الاتحاد، أن الاجتماع سيضم رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي، ورئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو، ورئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر، ورئيس البنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه.

يذكر أن هؤلاء القادة اجتمعوا في مدينة فرانكفورت الألمانية الأسبوع الماضي للبحث عن حل للخلاف حول آلية الاستقرار المالي الأوروبية، وذلك وفقا لـ«رويترز». ووفقا لمصادر في بروكسل، هناك «فجوات عميقة» بين فرنسا وألمانيا حول هذا الأمر، حيث تريد فرنسا جعل آلية الاستقرار المالي الأوروبية مصرفا، وهو ما ترفضه برلين والبنك المركزي الأوروبي بشدة.

ومن بين المشاركين في اجتماع اليوم أيضا مفوض الشؤون النقدية في الاتحاد الأوروبي أولي رين، ووزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله، ونظيره الفرنسي فرانسوا بارون، ورئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد. وذكر دبلوماسيون أنه ليس من المقرر إصدار بيانات عقب الاجتماع.

وفي ظل خلافات عميقة بين فرنسا وألمانيا بشأن سبل تعزيز صندوق الإنقاذ الذي يدعم منطقة اليورو، يعتزم الزعماء عقد سلسلة اجتماعات خلال اليومين القادمين لمعالجة ديون اليونان والحد من تداعياتها على النظام المصرفي. وأحرز وزراء مالية منطقة اليورو بعض التقدم يوم الجمعة، حيث اتفقوا على أن يتحمل حائزو سندات الحكومة اليونانية خفضا أكبر من نسبة الواحد والعشرين في المائة التي جرى الاتفاق عليها في يوليو (تموز).

وقال جان كلود يونكر، رئيس مجلس مالية وزراء مالية دول اليورو، صباح أمس «اتفقنا على أنه ينبغي إجراء زيادة كبيرة في مساهمة البنوك». ويحاول وزراء مالية الاتحاد الأوروبي - بما يشمل الدول غير الأعضاء في منطقة اليورو - اليوم تحديد سبل زيادة رأسمال البنوك الأوروبية للتأقلم مع تخلف يوناني محتمل عن سداد ديون، أو أي انتقال أوسع نطاقا للعدوى في أنحاء القارة. ويقول مسؤولون بالاتحاد إن هناك حاجة لنحو 100 مليار يورو لتعزيز النظام المصرفي للمنطقة. وسيكون على البنوك التي لا تستطيع جمع المال في الأسواق أن تلجأ إلى الحكومات الوطنية، ثم إلى آلية الاستقرار المالي الأوروبي كملاذ أخير.

ويقول المسؤولون إنه سيكون على البنوك الأوروبية أن ترفع نسبة رأسمالها الأساسي إلى تسعة في المائة كي تستطيع تحمل خسائر في ديون سيادية. لكن مسؤولا أوروبيا قال إن المفوضية الأوروبية ستحث الوزراء على عدم إعلان خطة لإعادة رسملة البنوك قبل الاتفاق على مسائل أخرى. ومن بين تلك القضايا حجم خسائر حملة السندات اليونانية، وكيفية تعزيز صندوق الإنقاذ الخاص بمنطقة اليورو، أي آلية الاستقرار المالي الأوروبي. وقال المسؤول «لا يمكن الاكتفاء بإحراز تقدم في إعادة رسملة البنوك.. ينبغي أيضا تحقيق تقدم في تلك القضايا الأخرى. إنها مرتبطة». وقال إن ثلاثة من كبار مسؤولي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي (أولي رين مسؤول الشؤون النقدية، وميشيل بارنييه مسؤول التنظيم المالي، وخواكين ألمونيا مسؤول مكافحة الاحتكار) سيوجهون تلك الرسالة خلال اجتماع وزراء مالية الاتحاد.

وكان وزراء مالية الاتحاد الأوروبي قد اجتمعوا في بروكسل أمس السبت لإجراء محادثات حول البنوك، في ثاني أيام اجتماعاتهم التي تهدف لحل تلك الأزمة التي تواجه العملة الأوروبية الموحدة. وإعادة رسملة البنوك واحدة من خمس طرق اقترحتها المفوضية الأوروبية للتعامل مع الأزمة، بالإضافة إلى توسيع سلطات صندوق إنقاذ منطقة اليورو، والمزيد من تخفيف عبء الديون عن كاهل اليونان وتحفيز النمو وفرض قواعد أكثر صرامة وتنسيقا على الميزانيات. كما أن البنوك مطالبة أيضا بتحمل قدر أكبر من الأعباء لإنقاذ اليونان من الإفلاس، وللحيلولة دون انتشار الأزمة وانتقالها إلى دول أخرى. وكانت البنوك وافقت على تخفيض نسبة 21 في المائة من ديون اليونان المستحقة. غير أن تحليلا للاتحاد الأوروبي - صندوق النقد الدولي - سرب يوم الجمعة خلال اجتماع خاص لوزراء مالية منطقة اليورو، قدر أن الأمر يتطلب تخفيض قيمة الديون المستحقة «بنسبة ستين في المائة على الأقل»، للحيلولة دون الاحتياج لدفعات إنقاذ أكبر حتى من التي تمت المصادقة عليها بالفعل.

وقال وزير المالية السويدي أندرس بورغ، لدى وصوله للمشاركة في المحادثات، إن «تخفيضا كبيرا» لحجم الديون المستحقة للمصارف المقرضة لليونان، يناقش حاليا. وقال جان كلود يونكر، رئيس لجنة «يوروغروب» التي تضم وزراء مالية مجموعة اليورو «اتفقنا على ضرورة أن تسهم البنوك بشكل أكبر بكثير». غير أنه سارع للإشارة إلى أنه لا يتوقع قرارا نهائيا بشأن الموضوع قبل انعقاد القمة الثانية من سلسلة قمم الاتحاد الأوروبي، الأربعاء المقبل. ومن المقرر طرح فكرة إعادة رسملة البنوك على قادة الاتحاد الأوروبي، خلال القمة التمهيدية اليوم.