رئيس وزراء قطر يدعو الدول العربية لإعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والاجتماعية

أكد أنها تستدعي توفير المقومات والمتطلبات الأساسية لتحقيقها

TT

دعا رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر، الدول العربية إلى إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والاجتماعية المتبعة، والبحث عن نموذج إنمائي جديد يتماشى مع تطلعات شعوبها.

وقال بن جبر في كلمته أمس، أمام جلسة عمل بعنوان «إيجاد فرص عمل على نحو مستدام»، ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي بالبحر الميت، إن «نماذج التنمية الفئوية أخفقت في تحقيق إصلاحات جذرية في السياسات والمؤسسات، وضمان الحد الأدنى من حقوق المواطنين في الشعور بالعوائد الحقيقية للنمو وليس قصرها على فئة معينة». وأضاف أن «العديد من الدول العربية تتشابه في ما تملكه من موارد طبيعية وقواعد إنتاجية وما تتبعه من سياسات اقتصادية واجتماعية، وليس من المستغرب أن تتشابه أيضا في التحديات التي تواجهها».

وأشار إلى أهمية انعقاد المنتدى، الذي يتزامن مع حدوث تطورات هائلة يشهدها العالم العربي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وهو الأمر الذي يتطلب معرفة وتحليل الأسباب والدوافع التي حركت هذه الأحداث، والنظر في تداعياتها المتلاحقة، والوقوف أمام تحدياتها وسبل التغلب عليها.

ولفت إلى أن التطلع نحو العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية التي تنشدها الشعوب العربية يستدعي توفير المقومات والمتطلبات الأساسية لتحقيق هذا الهدف، خاصة أن الكثير من الدول العربية لم تعط الاهتمام الكافي في بناء ركائز التنمية المستدامة التي تضمن العيش الكريم لجميع المواطنين. وأوضح أنه على الرغم من الأداء الاقتصادي الجيد في السنوات الأخيرة للعديد من الدول العربية على صعيد النمو وتحقيق معدلات مرتفعة، فإن هذا النمو كان من نصيب فئة معينة من المجتمع ولم يترجم إلى مكاسب ملموسة يشعر بها جميع المواطنين.

وقال إن الاضطرابات التي تشهدها المنطقة والتي بدأت من تونس ليست فقط تعبيرا عن السخط على فرص العمل والأجور المنخفضة والفقر، لكنها أيضا تمثل مراجعة في اختيار السياسات الاقتصادية في المنطقة على مدى العقود الماضية، وحق المواطنين في اختيار الأسلوب الاقتصادي الأمثل لإدارة عملية التنمية.

ونبه الشيخ بن جبر إلى أن المنطقة العربية تواجه مع بداية القرن الحادي والعشرين العديد من التحديات الاقتصادية، منها مسألة شح المياه، ومدى استدامة استهلاك الموارد الطبيعية وتدهور البيئة والفقر وتنويع مصادر الدخل وهجرة العقول العربية للخارج. واعتبر أن أكثر التحديات إلحاحا وضغطا على العالم العربي هو الإخفاق في خلق المزيد من فرص العمل لمواجهة مشكلة البطالة المتفاقمة في العالم العربي، رغم تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفع نسبيا. وقال إن تلك الإخفاقات كانت أحد مفجرات الثورة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا.

وأوضح أن إيجاد فرص عمل على نحو مستدام في العالم العربي يمثل أهم تحديات التنمية العربية قبل وبعد الأزمة وخلال العقود المقبلة، مشيرا إلى أن المنطقة العربية تعد من أكثر المناطق شبابا في العالم حيث لم يبلغ ثلثا سكانها سن الثلاثين، وهو ما يعني ضرورة العمل على خلق وظائف أكبر من هذا الرقم لحل مشكلة البطالة الحالية.

وقال إن التعاون الاقتصادي العربي لا يزال دون الطموحات والطاقات التي أظهرتها الشعوب العربية في مستهل ثوراتها، مؤكدا أن الشعوب العربية أثبتت أنها قادرة على تحقيق طموحاتها وأهدافها، وعلى جذب الدعم العالمي لقضاياها. وأكد ثقته في أن الثورات العربية سوف تغير من نظرة دول العالم لشعوب المنطقة العربية، متوقعا إنشاء شراكة طويلة بين الدول العربية والغربية خاصة دول مجموعة الثماني الكبرى.

وأشار إلى أن السوق العربية، لا سيما في شمال أفريقيا، تعد من أهم الأسواق الواعدة في البلدان النامية عموما، حيث تتوافر الثروات الطائلة من نفط ومعادن وأراض زراعية شاسعة تمثل مقومات أساسية للإنتاج الصناعي، إلى جانب وجود فرص كامنة للنمو في قطاع السياحة والخدمات حيث تحظى دول الشمال الأفريقي بموقع جغرافي متميز وإمكانية سياحية لا تقل عن مثيلاتها في الدول الأوروبية المطلة على البحر المتوسط، متوقعا تدفقا كبيرا للاستثمارات العربية في تلك الدول. وأكد ضرورة مشاركة الاقتصاد العربي والمؤسسات العربية في بناء النظام الاقتصادي العالمي القادم ليكون شريكا وفاعلا.