اقتراب موسم الحج يرفع الطلب على المواد الغذائية 30% في مكة المكرمة

تجار يحذرون من موسمية الارتفاع ويصفونه بغير المبرر

اطراد الطلب على المواد الغذائية بشكل كبير قبيل موسم الحج («الشرق الأوسط»)
TT

توقع اقتصاديون تزايد الإقبال على طلب المواد الغذائية بأكثر من 30 في المائة في مكة المكرمة خلال فترة الحج، مؤكدين أن موسم الحج يعتبر في كل عام مؤشرا لتزايد الطلب خاصة لدى مؤسسات الحج التي تستقطب حجاجا من جميع أنحاء العالم.

ومع الاقتراب الفعلي لموسم الحج فإن الطلب على اقتصاديات الحج والعمرة قد ارتفع، فقد زادت أسعار الخضراوات والفواكه بأكثر من 50 في المائة، وهي احتياجات يومية يطلبها المعتمر المتعدد الجنسيات، لتلقي بظلالها على الحجاج والمواطنين والمقيمين.

وبحسب تجار خضراوات في منطقة الكعكية، أحد أحياء مكة المكرمة، فإن زيادة الأسعار قد بدأت مع منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، حيث بدأ الاستهلاك بشكل مرتفع، وألقت تلك الأسعار بظلالها على المواطنين والمعتمرين والحجاج على حد سواء.

وقال محمد العوفي، تاجر خضراوات، إن هذا التوقيت من كل مكان يتزامن مع رفع الأسعار بشكل كبير، وهو أمر بات لدى تجار الخضراوات متوقعا، خاصة أصحاب البرادات الذين يحملون بضائع وخضراوات مجمدة منذ فترة تخرج فقط لمواسم الحج والعمرة، وهي طريقة يجب أن تتدخل الجهات المعنية لعقابهم عليها، والحد من ارتفاع الأسعار غير المبرر على الإطلاق.

من جهته، قال بندر المالكي، أحد موردي الخضراوات لمؤسسات الحج، إن أصحاب البيوت المحمية عادة ما يوردون منتجاتهم بشكل مكثف ومركز مع اقتراب موسم الحج من كل عام، حيث يزداد الطلب على جميع المنتجات والسلع الغذائية مثل الخيار والطماطم، إضافة إلى الفواكه المجمدة والمستوردة، حيث أضحت العملية غير منضبطة وتحتاج إلى مراقبة مستمرة.

ومن جهته، قال الدكتور عابد العبدلي، أستاذ الاقتصاد المشارك «إنه ومع أهمية الآثار الاقتصادية للحج على الاقتصاد الجزئي والكلي، فإنه لا يمكن الحصول على أرقام دقيقة وموثوقة لقياس هذه الآثار، وعلى المستوى الرسمي لا توجد إحصائيات دقيقة عن آثار الحج الاقتصادية، مثل متحصلات وجوالات رسوم الحج الفعلية لكل عام، وأنصبة القطاعات المختلفة من عوائد الحج، وكذلك الطلب على الريال السعودي خارجيا خلال فترة الحج».

وأفاد العبدلي بأن هناك العديد من الإحصاءات والبيانات المتعلقة بالحج والتي من خلالها يمكن قياس الآثار الاقتصادية للحج بقدر معقول من الدقة والثقة، لأنه حتى على مستوى المسوح الميدانية والأبحاث التي يقوم بها معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج بجامعة أم القرى، لا توجد إحصائيات دقيقة يمكن الاعتماد عليها، وأغلب الإحصائيات التي يصدرها المعهد يشوبها كثير من النقص خصوصا في ما يتعلق ببيانات الحجاج الاقتصادية، وربما يأتي ذلك لاعتماد المعهد في الغالب على أبحاث فردية يقوم بها بعض منسوبيه أو باحثون آخرون، مما يفقدها الدقة التامة».

وقال العبدلي «على أي حال، من الممكن أن نتعرف على بعض من اقتصاديات الحج وعلى بعض آثاره الاقتصادية، في ظل البيانات والدراسات المتاحة»، مفيدا بأن الحج لا تقتصر آثاره الاقتصادية المباشرة على مدينة مكة المكرمة فقط بل تشمل كافة المناطق التي يمر أو يمكث بها الحجاج، مثل المدينة المنورة وجدة والطائف وغيرها من المناطق، التي تنتعش اقتصاداتها أثناء الحج، وتستحوذ مكة المكرمة على النصيب الأكبر من عوائد الحج الكلية.

وأضاف الخبير الاقتصادي «يرتبط حجم إجمالي عوائد الحج بالتكلفة الكلية لأداء الحج، وتبدأ هذه التكلفة من بلد أو من قرية وريف الحاج القادم إلى أداء الحج، سواء كان من خارج أو داخل السعودية، وتشمل تكاليف التذاكر والنقل والمواصلات والإقامة والإعاشة قبل وبعد الوصول إلى مكة والإقامة فيها والمكوث في المشاعر المقدسة وحتى انتهاء المناسك، ويمكن تقدير العوائد الكلية للحج من خلال تقدير هذه التكاليف التي يدفعها الحجاج مقابل أداء مناسك الحج، وكذلك من خلال نفقاتهم ومشترياتهم من الهدايا وغيرها أثناء إقامتهم».

ومن المعلوم أن جزءا كبيرا من هذه التكاليف لا يرتبط بآلية السوق الحرة، فهي عبارة عن رسوم ذات فئات محددة، لا سيما في قطاع الإسكان والمواصلات والخدمات المصاحبة في الحملات أو عبر مؤسسات الطوافة، كما تقوم هذه الحملات ومؤسسات الطوافة بالتفاوض عن الحجاج في سوق الإسكان والمواصلات، ومن ثم تتقاضى قيمة هذه الخدمات عبر الرسوم التي تفرضها مع هوامش ربحية لهذه المؤسسات.

وزاد العبدلي «تختلف هذه الرسوم حسب الخدمات المقدمة، وحسب بعض البيانات الإحصائية المتاحة، وبعض الدراسات التي قدرت الحد الأدنى لتكلفة الحج لمعظم الدول الإسلامية، مع الأخذ في الاعتبار وسائل النقل وفئات الخدمات المقدمة للحجاج، وبالاعتماد على بيانات تكاليف الحج من داخل المملكة، يكشف لنا الجدول التالي صورة تقريبية لمتوسط تكاليف الحج الإجمالية وكذلك متوسط التكاليف الفرعية مثل الإسكان والمواصلات وغيرها».