تقرير اقتصادي يتوقع نموا أقل زخما في الاقتصاد السعودي خلال النصف الثاني

«جدوى» للاستثمار: النمو في النصف الأول جاء قويا وارتفع بالقيمة الاسمية نحو 26%

قطاع التشييد في المرتبة الثانية من حيث سرعة النمو بين القطاعات المكونة للقطاع الخاص رغم تباطؤ النمو في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول (تصوير: خالد الخميس)
TT

توقع تقرير اقتصادي حديث أن يشهد النمو الاقتصادي في السعودية زخما أقل مما كان عليه في النصف الأول، وذلك وفقا لعدد من البيانات الاقتصادية، مشيرا إلى أن النمو الاقتصادي في النصف الأول من العام جاء قويا، وارتفع بالقيمة الاسمية بنسبة 26.1 في المائة على أساس المقارنة السنوية.

وقالت شركة «جدوى» للاستثمار إن أسعار النفط المرتفعة أدت إلى أن يسجل قطاع النفط معدلات نمو عالية بلغت 39.5 في المائة، في حين سجل القطاع غير النفطي نموا بمعدل 12.9 في المائة، إضافة إلى تسجيل القطاع الخاص غير النفطي نموا بنسبة 8.4 في المائة.

ولفت التقرير الصادر من «جدوى» إلى وجود تغير طفيف في نمو القطاع الخاص غير النفطي عند مقارنة الربعين الأول والثاني، رغم الإعلان عن إنفاق حكومي جديد بقيمة 500 مليار ريال (133 مليار دولار) وتراجع حدة الاضطرابات الإقليمية خلال الربع الثاني، موضحا أنه لم يتم نشر بيانات معدلة تعكس نسبة التضخم خلال فترة النصف الأول من العام.

وأضاف التقرير، الذي جاء بعنوان «نمو اقتصادي قوي خلال النصف الأول»، إلى أن النمو في قطاع النفط يعزى بالدرجة الأولى إلى ارتفاع الأسعار، حيث قفز متوسط سعر البرميل من خام الصادر السعودي إلى 104.6 دولار للبرميل في النصف الأول من العام حسب تقارير «جدوى»، مرتفعا من 76.4 دولار للبرميل خلال الفترة نفسها من العام 2010، أي بزيادة قدرها 37 في المائة. كذلك ارتفع حجم إنتاج النفط بنسبة 10 في المائة خلال الفترة نفسها.

وأشار التقرير إلى أنه وعلى الرغم من أن التقديرات لأسعار النفط تعكس مستوى نمو أعلى مما ورد في البيانات الرسمية، إلا أنها جاءت معقدة بسبب الفرق الكبير الاستثنائي الذي طرأ على سعري الخامين القياسيين الرئيسيين برنت وغرب تكساس، كما أن البيانات الرسمية قابلة للتعديل -أجريت تعديلات طفيفة على أرقام النمو للربعين الأول والثاني من عام 2010 - كذلك، يلاحظ أن البيانات الصادرة تشير إلى أن معدلات النمو السنوي للأسعار وحجم الإنتاج كل منهما جاءت مرتفعة في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول، وهو ما لم تعكسه بيانات الناتج المحلي الإجمالي.

وأوضحت «جدوى» للاستثمار في التقرير أن الفضل في نمو القطاع غير النفطي يعود إلى نمو القطاع الحكومي الذي نما بأكثر من ضعف معدل نمو القطاع الخاص وارتفع بدرجة كبيرة في الربع الثاني، مشيرة إلى أن ذلك يعزى إلى زيادة الإنفاق الحكومي الذي ارتفع بفضل حزم الإنفاق الجديدة التي أعلنت خلال شهري فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين، مما أدى إلى تعزيز الإنفاق الحكومي المقرر في الميزانية والذي كان أصلا مرتفعا.

كما ارتفعت الخدمات الحكومية كأحد مكونات الناتج المحلي في الربع الثاني بنسبة 27 في المائة مقارنة بالربع المقابل من العام الماضي، كما ارتفعت بنسبة 49 في المائة مقارنة بنفس الفصل من عام 2009.

وعلى الرغم من الارتفاع الهائل في الإنفاق الحكومي والقفزة الكبيرة في الإنفاق الاستهلاكي الذي أعقب مكافآت موظفي الدولة في أواخر الربع الأول جاء نمط النمو في القطاع الخاص غير النفطي مفاجئا، حيث ارتفع النمو في هذا القطاع من 8.2 في المائة خلال الربع الأول، الذي شهد هبوط سوق الأسهم بصورة حادة وبلوغ الاضطرابات الإقليمية ذروتها، إلى 8.5 في المائة خلال الربع الثاني، وكان القطاع الوحيد الذي سجل ارتفاعا ملحوظا في النمو خلال الربع الثاني هو المرافق العامة، ربما لأنه عادة ما يكون أقل قطاعات الاقتصاد تأثرا بالأحداث.

وسجل قطاع الصناعات التحويلية أسرع معدلات النمو بين القطاعات التي يتكون منها القطاع الخاص خلال النصف الأول من العام، مرتفعا بنسبة 22.5 في المائة بدعم من النمو الذي حققه تكرير النفط والذي بلغت نسبته 38 في المائة. يمثل نشاط التكرير نحو 20 في المائة من قطاع الصناعات وترتبط قيمته بشدة بقطاع النفط، كذلك نمت الصناعات الأخرى - غير التكريرية - بنسبة 14.8 في المائة بفضل ارتفاع أسعار البتروكيماويات والبلاستيك والمنتجات ذات الصلة وزيادة حجم إنتاج مواد البناء كسبب رئيسي.

ووفقا لتقرير «جدوى» احتل قطاع التشييد المرتبة الثانية من حيث سرعة النمو بين القطاعات المكونة للقطاع الخاص بمعدل نمو 9.2 في المائة رغم تباطؤ النمو في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول، في إشارة إلى أن برنامج تشييد المساكن الذي تم الإعلان عنه في مارس (آذار) الماضي، لم يحدث قفزة فورية في نشاط البناء.

أما ديناميكيات نمو قطاع التجزئة فقد جاءت محيرة، فلم يشهد معدل النمو السنوي إلا تحسنا طفيفا في الربع الثاني رغم ارتفاع قيمة السحوبات النقدية من أجهزة الصرف الآلي ومعاملات نقاط البيع إلى مستويات قياسية، وجاءت معدلات النمو بالنسبة للقطاع المالي ضعيفة بطريقة واضحة، وينقسم هذا القطاع إلى فئتين هما «ملكية المساكن» و«أخرى»، وقد نمت فئة «أخرى» التي تضم الخدمات المالية والتأمين وخدمات الأعمال بنسبة 1.8 في المائة فقط، وهو نفس معدل النمو الذي حققه القطاع الزراعي الذي يعاني سلفا.

وأوضحت «جدوى» أن القطاع الخاص غير النفطي انكمش بنسبة 5.2 في المائة في الربع الثاني، وإن كانت البيانات قد تأثرت بالعوامل الموسمية، وقد تقلص نمو القطاع الخاص غير النفطي في كل السنوات الثلاث التي توفرت بياناتها، لكن التراجع في العام الحالي جاء بنفس القدر الذي شهده عام 2010 رغم ضخامة الإنفاق الحكومي، ويعتبر الهبوط الذي سجله قطاع التجزئة والذي بلغ 14.5 في المائة أكبر هبوط خلال السنوات الثلاث التي تتوفر عنها بيانات.

وتشير البيانات إلى أن قطاع التجارة كان المحرك الرئيسي للنمو بفضل ارتفاع صادرات السلع والخدمات بنسبة 35 في المائة، ويعود هذا النمو بالدرجة الأولى إلى ارتفاع إيرادات النفط رغم قوة صادرات السلع والخدمات غير النفطية في النصف الأول، حيث ارتفعا بنسبة 17.3 في المائة ونسبة 19.5 في المائة على التوالي، وبالمقابل، لم ترتفع الواردات إلا بنسبة 0.3 في المائة فقط، حيث ارتفعت واردات السلع بنسبة 5.4 في المائة مقابل انخفاض في واردات الخدمات بنسبة 7.7 في المائة.

وسجل الإنفاق الحكومي نموا بلغ 26.2 في المائة، متجاوزا بدرجة كبيرة نمو الإنفاق في القطاع الخاص الذي ارتفع بنسبة 5.5 في المائة فقط، لكن لم يكن هناك فرق يذكر في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول في كلتا الحالتين رغم المدفوعات الكبيرة التي تأتت عن حزم الإنفاق الحكومية، والتي أعلن عنها خلال الربع الأول.

كما تراجع النمو في الاستثمارات خلال الربع الثاني إلى النصف مقارنة بالربع الأول، لكن نموه لكامل النصف الأول الذي بلغ 13.2 في المائة في المتوسط يعتبر قويا بصورة واضحة.

ولفت التقرير إلى أن المعيار السائد في قياس النمو الاقتصادي هو الناتج الإجمالي الفعلي الذي يستبعد أثر تغير الأسعار، لكن يتعذر تحديد معدل النمو الفعلي الذي تعكسه بيانات الناتج الإجمالي الاسمي نسبة لأن كل قطاع يتم تعديله على حدة بمؤشر أسعار معين خاص به كما أن معامل انكماش القطاع غير النفطي جاء أقل كثيرا من مؤشر تضخم تكلفة المعيشة خلال السنوات الأخيرة.

وبما أن متوسط مؤشر تضخم تكلفة المعيشة بلغ 4.8 في المائة خلال النصف الأول، فإن النمو الفعلي للقطاع الخاص غير النفطي سيأتي بين 3.5 و5 في المائة على الأرجح.

وقالت شركة «جدوى» للاستثمار «يأتي هذا المستوى متسقا مع تقديراتنا رغم أن الربع الأول جاء أقوى مما توقعنا بينما جاء الربع الثاني أضعف، لذا فإن البيانات الجديدة توحي بأن النصف الثاني من العام ربما يشهد زخما أقل. عليه، تظل توقعاتنا بشأن نمو القطاع الخاص غير النفطي لهذا المتوسط عند مستوى 4.2 في المائة».