دعوى أميركية ضد المدير السابق لمصرف غولدمان ساكس

تتعلق بالمتاجرة الداخلية وتسريب أسرار شركات

راجات غوبتا في سيارته أمام منزله قبيل إلقاء الشرطة الفيدرالية القبض عليه أمس (نيويورك تايمز)
TT

ينتظر أن يوجه مدعون فيدراليون في نيويورك اتهامات جنائية ضد راجات كيه غوبتا، رجل الأعمال ذائع الصيت المتورط في قضية متاجرة داخلية بحسب مصادر مطلعة على القضية. ومن المنتظر أن توسع الدعوى المقامة ضد غوبتا، 62 عاما، والمتوقع أن يسلم إلى وكلاء مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) لاحقا يوم أمس، نطاق تحقيقات الحكومة لتشمل غرف مجالس إدارات أكثر الشركات شهرة في أميركا. وقد قام الكثير من المتهمين بقضايا تجارة داخلية خلال العامين الماضيين بعمليات تداول فقط في وول ستريت.

وستعني الاتهامات أيضا هبوطا مذهلا من مكانة مستشار موثوق به للقادة السياسيين والرؤساء التنفيذيين لأكثر الشركات شهرة في العالم. لقد بات السيد غوبتا، المدير السابق لمصرف «غولدمان ساكس» وشركة «بروكتر أند غامبل» ورئيس شركة «ماكينزي أند كومباني»، شركة استشارات النخبة، منذ فترة طويلة، خاضعا لتحقيقات بشأن ما إذا كان قد سرب أسرار الشركات إلى راج راجاراتنام، مدير صندوق التحوط «غاليون» الذي حكم عليه هذا الشهر بالسجن 11 عاما بتهمة التداول بناء على معلومات عن الأسهم غير مصرح بإفشائها.

ورغم أنه لم يكن هناك دليل على أن غوبتا قد تربح بشكل مباشر من المعلومات التي سربها لراجاراتنام، فإن قوانين الأوراق المالية تمنع المطلعين على بواطن أمور الشركة من إفشاء أسرار خاصة بالشركة لهؤلاء الذين ينتفعون منها. ومن شأن الدعوى المقامة ضد غوبتا، الذي يعيش في ويست بورت في كونكتيكت، أن تفتح الباب لتأويلات مختلفة في التحقيقات المستمرة لفترة طويلة مع شركة التحوط «غاليون غروب» التي يديرها رافسنجاني. إلا أن السلطات الفيدرالية تواصل حملتها من أجل تعقب التداول بناء على بناء معلومات داخلية على عدة جبهات. على سبيل المثال، في هذا الشهر، تمت إدانة مدير صندوق تحوط كائن في دنفر وكيميائي في إدارة الغذاء والدواء بمثل تلك الاتهامات.

ورفضت متحدثة باسم محامي المدعي العام في مانهاتن التعليق.

وقال غاري بي نافتاليس، محام لغوبتا، في بيان: «تظهر الحقائق أن غوبتا بريء وأنه تصرف بأمانة ونزاهة».

وكان غوبتا، من خلال دوره في مجلس إدارة ماكينزي، مستشارا موثوقا به لقادة الأعمال مثل جيفري آر إميلت، من «جنرال إلكتريك» وهنري آر كرافيسن، من شركة الأسهم الخاصة «كوهلبريغ كرافيس روبرتس». كذلك، كان غوبتا، المولود في كولكاتا بالهند وخريج كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد، رجل خير، يعمل مستشارا رفيع المستوى لمؤسسة «بيل أند ميليندا غيتس فاونديشن». كما عمل غوبتا أيضا مستشارا خاصا لدى الأمم المتحدة.

وظهر اسمه قبل أسبوع من محاكمة راجاراتنام في مارس (آذار)، حينما اتخذت هيئة البورصات والأوراق المالية إجراء إداريا. اتهمت الوكالة غوبتا بإفشاء معلومات سرية عن غولدمان ساكس وبروكتر أند غامبل لراجاراتنام، الذي قام بالتجارة بناء عليها.

كان للتفاصيل وقع مدر. فقد ذكرت السلطات أن غوبتا قد سرب لراجاراتنام معلومات عن استثمار قيمته 5 مليارات دولار لشركة «وارين بافيت» في غولدمان ساكس أثناء أسوأ أيام الأزمة المالية، إضافة إلى معلومات أخرى حساسة تؤثر على سعر أسهم الشركة.

في الوقت نفسه، أشار المدعون الفيدراليون لغوبتا بوصفه شريكا في المؤامرة مع راجاراتنام، لكنهم لم يوجهوا له اتهاما مطلقا. ولا يزال وجوده يلقي بظلاله بشكل كبير على محاكمة راجاراتنام. وشهد لويد بلانكفين، الرئيس التنفيذي لمصرف غولدمان بدور غوبتا في مجلس الإدارة والأسرار التي اتهم بالاطلاع عليها، ومن بينها تفاصيل أرباح والمشاورات الاستراتيجية بالبنك.

وربما تشكل الملحمة القانونية في توجيه الاتهامات إلى غوبتا بمثابة دراسة حالة في قانون الإجراءات الجنائية لطلبة كلية الحقوق. فقد حارب الإجراء المدني الذي اتخذته لجنة البورصات والأوراق المالية والتي ستدلي بأقوالها أمام القاضي الإداري، حيث أكد غوبتا على أن هذا الإجراء حرمه من حقه الدستوري في المحاكمة أمام هيئة محلفين ومعاملته بشكل مختلف عن بقية المتهمين المرتبطين براجاراتنام والذي قاضتهم الوكالة جميعا أمام محكمة فيدرالية.

فاز غوبتا وأسقطت لجنة البورصات والأوراق المالية القضية في أغسطس (آب) لكنها احتفظت بحقها في تحريك الدعوى إلى المحكمة الفيدرالية. ويتوقع أن تتقدم الوكالة بدعوى جديدة، وقضية مدنية موازية ضد غوبتا أيضا. ولم يتضح بعد ما الذي تغير منذ إسقاط لجنة البورصات والأوراق المالية الدعوى في أغسطس. وقد رفض المتحدث باسم اللجنة التعليق على الخبر.

وربما تشكل القضية تحديا أمام الحكومة، وقد أدين الكثير من المتهمين بالتداول باستخدام معلومات داخلية، شملت الحصول على تسجيلات لراجاراتنام بتبادل معلومات سرية، وخلال محاكمة راجاراتنام قام عملاء الحكومة بتشغيل المحادثة التي تم تسجيلها بين غوبتا يكشف فيها عن نية بنك غولدمان شراء إما واتشوفيا أو أميركان إنترناشيونال غروب. بيد أن الأدلة على مضاربة راجاراتنام بناء على هذه المعلومة لم تقدم على الإطلاق.

وكانت اثنتان من أبرز المكالمات المدينة التي تم تشغيلها في المحكمة تتوافق والمعلومات التي قالت الحكومة إن مصدرها هو غوبتا. لكن هذه المكالمات كانت محادثات بين راجاراتنام وموظفيه وهو ما قد يجعلها ترفض في محاكمة غوبتا.

ففي إحدى المكالمات التي تم تشغيلها أمام هيئة المحلفين، أخبر راجاراتنام زملاءه: «لقد سمعت أمس من شخص ما ضمن مجلس إدارة غولدمان ساكس أنهم سيخسرون دولارين في السهم»، وفي أخرى قال راجاراتنام لمن يتولى عمليات مضارباته: «تلقيت اتصالا يقول إن شيئا ما جيدا سيحدث لغولدمان».

وأوضحت القضية الأصلية لجنة البورصات والأوراق المالية أيضا الأدلة التي يمكن استخدامها في المحاكمة. وتتضمن تسجيلات هاتفية لغوبتا في 23 سبتمبر (أيلول) 2008، والتي التقى فيها مجلس إدارة غولدمان عبر الهاتف لدراسة عرض بافت باستثمار 5 مليارات دولار في غولدمان.

وتقول أوراق لجنة البورصات والأوراق المالية: «في أعقاب انتهاء محادثة مجلس الإدارة، اتصل غوبتا في الحال من نفس الخط، وبعد دقيقة واحدة اشترت صناديق غاليون أكثر من 175000 سهم في غولدمان قبل إغلاق السوق مباشرة، وبلغ صافي أرباحه عن ذلك 900000 دولار عندما أعلن عن الاتفاق.

رغم سيرته الذاتية التي يحسد عليها وحصوله على ملايين الدولارات سنويا في ماكينزي، كان غوبتا أكثر تركيزا على الثروات الهائلة يحصل عليها مديرو صناديق التحوط ورؤساء شركات الأسهم الخاصة، وفقا لشهادة المحاكمة. ويحصل المستشارون على رواتب جيدة، ولكن المكافأة تتضاءل بالمقارنة مع تلك أقطاب وول ستريت. وقبيل تقاعده في عام 2007، أسهم هو راجاراتنام في إنشاء شركة «نيو سلك روت»، شركة أسهم خاصة تركز على الاستثمار في الهند. ورغم أن راجاراتنام لم يكن له دور نشط في الشركة، فإنه وغوبتا كانا صديقين حميمين، حيث التقى خلال مؤسساتهما الخيرية.

زار غوبتا من حين لآخر شركة «غاليون» الخاصة براجاراتنام في ماديسون أفينيو وشارع 57 بوسط مانهاتن. وكانا يتناولان الأطعمة معا في مكتب راجاراتنام. وأصبح غوبتا مستثمرا في صناديق تحوط «غاليون».

وكجزء من اختراقه وول ستريت، شغل غوبتا منصب مستشار رفيع المستوى بشركة «كيه كيه آر» التي شارك في تأسيسها مع صديقه كرافيس. وأثناء محاكمة راجاراتنام، شغل شريطا لمدير صندوق التحوط يفشي فيه أسرارا مع صديق له عن طموحات غوبتا. تحليلي للموقف هو أنه مفتون بكرافيس، وقال راجاراتنام: «أعتقد أنه يرغب في أن يكون في تلك الدائرة». وأضاف: «إنها دائرة مليارديرات، أليس كذلك».

* خدمة «نيويورك تايمز» ساهم ويليام كيه راشباوم في إعداد التقرير