«المضاربة اللحظية» ترفع سيولة السوق السعودية إلى أعلى مستوياتها منذ 5 شهور

1.7 مليار دولار حجم السيولة في السوق والتأمين يستحوذ على الحصة الأكبر

مستثمرون في إحدى قاعات التداول في السوق السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

رفعت المضاربة اللحظية سيولة سوق الأسهم السعودية إلى مستوى عال يوم أمس لم تشهدها السوق منذ 5 شهور، حيث سجلت السوق السعودية سيولة وصلت إلى 6.5 مليار ريال (1.7 مليار دولار) في ختام تداولات أمس، في الوقت الذي سجل فيه قطاع التأمين سيولة وصلت إلى 2.568 مليار ريال (684 مليون دولار).

واختتم مؤشر السوق السعودية جلسة الأحد على تراجع طفيف بلغ 0.1 في المائة عند مستوى 6230 نقطة، منخفضا 6 نقاط.

وقال فضل البوعنين، الخبير الاقتصادي، إن المضاربة لها دور كبير في رفع السيولة، وقد يكون هناك تدوير للسيولة داخل السوق، خاصة مع بروز قطاع التأمين كقطاع جاذب، مما قد يدفع لدخول مستثمرين من خارج السوق بهدف المضاربة، لتحقيق مكاسب على المدى القصير.

وشهدت الكثير من شركات التأمين ارتفاعات على النسب العليا خلال اليومين الماضيين، وهو ما اعتبره البوعنين أنها ارتفاعات غير مبررة، في ظل ما تحقق تلك الشركات من خسائر في نتائجها الفصلية، مما يؤكد على أن قطاع التأمين يعتبر في الوقت الحالي قطاعا مضاربا.

ولا تزال بعض تلك الشركات ترتفع إلى مستويات هي الأعلى في السوق المالية السعودية، الأمر الذي يؤدي إلى الخطر من دخول القطاع إلى مرحلة التصحيح العمودي لبعض تلك الشركات التي لا تزال تسجل خسائر ربعيه متتالية.

وتابع الخبير الاقتصادي، الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن نتائج الربع الثالث أوضحت أن القطاع المصرفي وقطاع البتروكيماويات أعطيا أشارات إلى أنهما أصبحا من القطاعات الجاذبة، مما يساعد على دخول الرساميل المستثمرة على المدى الطويل، ممن يبحث عن فرص استثمارية.

وكانت سوق الأسهم السعودية قد سجلت انتعاشا في أولى تعاملاتها الأسبوعية التي تسبق إجازة عيد الحج المبارك، التي تأتي وفق المعطيات الاقتصادية الدولية، خاصة عقب توصل القادة الأوروبيون يوم الخميس الماضي إلى اتفاق لتعزيز الاستقرار المالي وإعادة رسملة المصارف الأوروبية، إضافة إلى اتفاق مع المصارف الدائنة لليونان لشطب قسم كبير من ديونها، الأمر الذي عزز ثقة المستثمرين والمتداولين إلى العودة مجدد إلى عمليات الشراء على الأسهم العالمية، وأيضا إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات فوق 91 دولارا للبرميل الواحد.

وسجلت شركة «مدينة المعرفة الاقتصادية» ارتفاعا بالنسبة العالية في نظام تداول وذلك عطفا على تحقيق أرباح رأسمالية خلال الفترة الماضية، إضافة إلى سهم شركة «زين» السعودية، وذلك بعد الإجراءات المالية بتخفيض ورفع رأسمال الشركة.

وبين لــ«الشرق الأوسط»، الدكتور عبد الله الغامدي، الخبير الاقتصادي، أن حالة التفاؤل التي تشهدها الاقتصاديات العالمية بشكل عام والأوروبية بشكل خاص، قادت أصحاب السيولة الانتهازية إلى تحريك الأسواق المالية في الوقت الراهن.

وأشار الغامدي إلى أن الأزمة المالية لم تنتهِ بعد، وأن المحفزات التي قادتها تلك الدول لن تأتي أكلها في الوقت الراهن، مبينا أن شركات معينة استطاعت تحقيق نتائج مبهر نتيجة ضعف الدولار وارتفاع أسعار النفط بشكل مضاربي.

وقال: «الأسواق الناشئة وغير ذات الكفاءة لا تزال تعاني من عدم الاتزان أو التوافق مع المعطيات الحقيقية؛ إن كانت مالية أو أساسية، لذلك نرى شركات صغير تسجل أسعارا سوقية أعلى من حجمها الفعلي، مما يؤكد أن التركيبة المالية لا تعكس الصورة الحقيقة للمؤشرات المالية».

ومن جهة أخرى، سجل قطاع التأمين الذي يستحوذ على 31 شركة عند مستوى 1067 نقطة، وسط قيم تداول عالية بلغت 2.568 مليار ريال (684 مليون دولار).

وفي حديثة لــ«الشرق الأوسط»، ذكر تركي فدعق، مدير الأبحاث والمشورة بشركة «البلاد» للاستثمار، أن ما يدور في بعض شركات التأمين عمليات مضاربة بحته، لا تعكس الصورة الحقيقة لتلك الأسهم.

والسبب في ذلك نتيجة محدودية الأسهم المتداولة وقدرة المضاربين على الاستحواذ عليها.

وأشار فدعق إلى أن مثل هذه الشركات لا تحكم تحركاتها النتائج المالية بقدر السيولة المضاربية الكبيرة التي تسيطر عليها، مبينا أن هذه طبيعة الأسواق المالية غير ذات الكفاءة.

يذكر أن 60 في المائة من الشركات التأمينية المدرجة بالسوق المالية السعودية، البالغ عددها 18 شركة، سجلت خسائر خلال الـ9 أشهر الماضية، كان أبرزها شركة «اتحاد الخليج» بنسبة بلغت 385 في المائة بعد أن سجلت خسائر بواقع 31.9 مليون ريال، ثم «السعودية لإعادة التأمين» بنسبة 265 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي بواقع خسائر 21.9 مليون ريال خلال التسع الأشهر الماضية. تلاه سهم «تكافل الراجحي» بخسائر بلغت 38 مليون ريال وبنسبة 262 في المائة. وفي الجهة المقابلة، هناك 13 شركة، منها 8 أسهم، سجلت نموا خلال الــ9 أشهر من العام الحالي تصدرها سهم «الاتحاد التجاري» بنسبة 854 في المائة، تلاه سهم «ساب تكافل» بنسبة بلغت 167 في المائة، ثم سهم «الصقر للتأمين» بنسبة 132 في المائة.

وبين فدعق أن سوق التأمين في السعودية تعتبر سوقا نامية، ولها مستقبل كبير، خاصة أن نسبة أقساط التأمين المكتتب بها بلغت أكثر من 20 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، مشيرا إلى أن هناك طلبا مع ارتفاع عدد السكان وإلزام الأفراد المقيمين وغير المقيمين والمؤسسات على التأمين.