السعودية تحافظ على صدارتها بين دول المنطقة في التنافسية العالمية

تقرير «أنشطة ممارسة الأعمال» يضع السعودية في المرتبة 12

تبقى السعودية أكبر اقتصاد في المنطقة وأكثره تنافسية (رويترز)
TT

عزا مسؤول رفيع في الهيئة العامة للاستثمار السعودية تراجع المملكة في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال إلى عدد من العوامل، أبرزها شدة المنافسة في إجراء إصلاحات اقتصادية بين دول العالم، إضافة إلى زيادة مؤشرات التقرير، مشيرا إلى أن الهيئة تعمل جاهدة على دراسة التقرير لزيادة الإيجابيات التي تدعم تقدم المملكة.

وقال الدكتور عائض العتيبي، الوكيل المساعد لتطوير أنظمة الاستثمار في الهيئة العامة للاستثمار، إن تقرير ممارسة الأعمال أصبح محل اهتمام وعناية العديد من الدول المشاركة فيه، التي أصبحت تتنافس لتحسين بيئتها الاستثمارية، إذ تم رصد 245 إصلاحا اقتصاديا لهذا العام، بزيادة تقدر بنسبة 13 في المائة عن العام السابق. وأضاف العتيبي، الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط»، أنه على الرغم من تأخر ترتيب السعودية في التقرير مركزا واحدا، فإنها ما زالت تواصل تصدرها الدول الخليجية، ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك تفوقها على دول صناعية متقدمة مثل فرنسا، وألمانيا، واليابان. وزاد «بمقارنة المملكة بدول مجموعة العشرين، يشير التقرير إلى أن المملكة تقدمت على كل من كندا وأستراليا، وقفزت من المرتبة (الخامسة) في التقرير السابق إلى المرتبة (الرابعة)، حيث جاءت بعد الولايات المتحدة الأميركية، والمملكة المتحدة، وكوريا الجنوبية».

وكانت مجموعة البنك الدولي قد أعلنت في العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) أن 11 من بين 18 بلدا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قامت في العام الماضي بإدخال تحسينات على الإجراءات الحكومية المنظمة للشركات المحلية، تيسيرا على أصحاب المشاريع، وذلك على الرغم من حالة عدم اليقين السياسية والاقتصادية التي تسود المنطقة. وسهلت السعودية، بحسب ما ذكره تقرير مجموعة البنك الدولي، عملية بدء النشاط التجاري عن طريق إجراء حوار بين ممثلين من دائرة الزكاة وضريبة الدخل من جهة والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية من جهة أخرى، ودمج الإجراءين الخاصين بتسجيل الشركات الجديدة لدى هاتين الوكالتين في المركز الموحد.

وبالعودة إلى الوكيل المساعد لتطوير أنظمة الاستثمار، الذي أشار إلى أن تقرير «ممارسة أنشطة الأعمال» يعد نتاج جهود فريق العمل كمؤسسة التمويل الدولية، وآلاف الاقتصاديين البارزين في مختلف أنحاء العالم، ويعد إحدى الوسائل الاسترشادية في تقييم مدى تأثير الأنظمة والإجراءات المتصلة بأنشطة الأعمال في أي دولة على التنمية الاقتصادية في تلك الدولة، كونه يحدد معايير موضوعية لممارسة الأعمال ويقيس مدى فاعليتها في الدول التي يغطيها التقرير. ويتكون تقرير ممارسة أنشطة الأعمال من عشرة مؤشرات فرعية، هي؛: مؤشر بدء النشاط التجاري، مؤشر استخراج التراخيص، مؤشر توظيف العاملين، مؤشر تسجيل الملكية، مؤشر الحصول على الائتمان، مؤشر حماية المستثمر، مؤشر دفع الضرائب، مؤشر التجارة عبر الحدود، مؤشر إنفاذ العقود، ومؤشر تصفية النشاط التجاري، أضيف إليه هذا العام مؤشر مدى توافر الكهرباء. وقال العتيبي «تنبع أهمية هذا التقرير من كونه يشكل حافزا لكل الدول للإسراع في إجراء الإصلاحات الاقتصادية، مما ينعكس على انتعاش الاقتصاد العالمي في المحصلة، من جهة سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، بما يعقده من مقارنات بين الدول التي يشملها التقرير الذي يستعرض تجارب الإصلاح الناجحة فيها، مما جعله محل اهتمام دول العالم لمعرفة تصنيفها ضمن تلك المعايير التي تعكس مدى تمتعها ببيئة أعمال ملائمة وجاذبة للاستثمار».

وأضاف «ساعد المملكة في المحافظة على بقائها في صدارة دول المنطقة والعالم في سهولة ممارسة الأعمال، على الرغم من حجم الإصلاحات الاقتصادية الهائلة التي نفذتها دول العالم - هو إحداثها قفزة غير مسبوقة في مؤشر (استخراج التراخيص) الذي كان مركز المملكة حينها، وفق تقرير 2011، عند الترتيب 14، ولكنها تقدمت وفق تقرير 2012 إلى المركز الرابع عالميا، كما تقدمت في مؤشر (بدء المشروع) من المركز 13 إلى المركز العاشر». وأكد الوكيل المساعد لتطوير أنظمة الاستثمار أن السعودية وضعت أيضا موضع قدم متقدما في المؤشر الجديد الذي أضافته مؤسسة التمويل الدولية إلى تقريرها الجديد وهو «مدى توافر الطاقة الكهربائية»، حيث جاءت في المركز 18، وتضمن تقرير البنك لسهولة ممارسة الأعمال 2012، محافظة دول سنغافورة، وهونغ كونغ، ونيوزيلندا على ترتيبها الذي كانت عليه في التقرير السابق.

وأوضح أن دولا أخرى، منها الولايات المتحدة الأميركية، تقدمت إلى المرتبة 4، والدنمارك إلى المرتبة 5، والنرويج إلى المرتبة 6، وكوريا الجنوبية إلى المرتبة 8، وآيسلندا إلى المرتبة 9، وفنلندا إلى المرتبة 11، وتراجعت دول منها المملكة المتحدة من المرتبة 4 إلى المرتبة 7، وآيرلندا من المرتبة 9 إلى المرتبة 10، وكندا من المرتبة 7 إلى المرتبة 13، وأستراليا من المرتبة 10 إلى المرتبة 15. وكانت هيئة الاستثمار السعودية قد وضعت برنامجا أطلق عليه «10 في 10»، يستهدف وصول المملكة إلى مصاف أفضل عشر دول في العالم من حيث تنافسية بيئة الاستثمار في نهاية عام 2010.

وشدد العتيبي على أن دخول المملكة في سباق التنافسية مع دول متقدمة على صعيد تطور الأنظمة والإجراءات يضعها أمام تحديات كبيرة ، وبالتالي ينبغي أن تكون عملية تحسين البيئة الاستثمارية مستمرة ولا تقف عند حدود معينة، وأضاف «لا شك أن هذا يتطلب تضافر كل الجهات الحكومية لإجراء مزيد من الإصلاح والتطوير، وأن تتوسع دائرة تحسين مستوى الخدمات لرجال الأعمال والمستثمرين لتشمل كافة مناطق المملكة دون استثناء».

ولفت إلى أن «تحسين بيئة الاستثمار والرفع من تنافسيتها دور رئيسي من أدوار الهيئة في كل استراتيجياتها وخططها السابقة واللاحقة، ويقوم مركز التنافسية الوطني بمراجعة وتحليل المؤشرات والمعايير الرئيسية، والفرعية المعتمدة في تقارير التنافسية التي بموجبها يتم تحديد نوع الإصلاحات المطلوبة بالتنسيق مع الجهات المعنية».

وتوقع العتيبي أن يستمر تحسن تصنيف السعودية خلال المؤشر المقبل، وذلك للإجراءات التي تعمل عليها الهيئة العامة للاستثمار، والتي ستدرس وضع المؤشرات من مختلف الجهات.

ويعد التقرير الجديد للبنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية الذي صدر مؤخرا بعنوان «ممارسة أنشطة الأعمال في عالم أكثر شفافية 2012»، التاسع في سلسلة تقارير ممارسة أنشطة الأعمال، التي تعنى ببحث ودراسة الإجراءات الحكومية المطبقة على الشركات المحلية طوال مراحل حياتها في 183 بلدا. ويرتب التقرير البلدان على أساس سهولة ممارسة أنشطة الأعمال في 10 مجالات إجرائية، مثل بدء النشاط التجاري (تأسيس الشركات وتشغيلها)، وتسوية حالات الإعسار، وإنفاذ العقود. وقد توسعت منهجية التقرير هذا العام لتشمل مؤشرات الحصول على الكهرباء. ووفقا لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2012، حقق المغرب أكبر تحسن في الإجراءات الحكومية المنظمة لعمل الشركات مقارنة بباقي بلدان العالم، حيث صعد في الترتيب العام بواقع 21 مركزا ليصل إلى المركز 94، وذلك نتيجة لقيامه بتبسيط إجراءات إصدار تراخيص البناء، وتسهيل الأعباء الإدارية للامتثال للنظام الضريبي، وزيادة سبل الحماية لأصحاب حصص الأقلية. يذكر أن المغرب قد قام بتطبيق 15 إصلاحا في الإجراءات المنظمة لعمل الشركات منذ عام 2005. ووجد التقرير أن ستة من بين 18 إصلاحا إجرائيا قامت بها بلدان المنطقة أدت إلى تسهيل تأسيس الشركات؛ فعلى سبيل المثال، قام الأردن بتخفيض الحد الأدنى لرأس المال المطلوب لبدء نشاط تجاري جديد، في حين أدى نظام الشباك الواحد الجديد، الذي طبقته سلطنة عمان تيسيرا على أصحاب المشاريع، إلى اختصار الوقت اللازم لتأسيس الشركات من سبعة إلى ثلاثة أيام. من جهة أخرى، حافظت السعودية على تصدرها لبلدان المنطقة، حيث احتفظت بالمرتبة الثانية عشرة في الترتيب العالمي لسهولة ممارسة أنشطة الأعمال، كما طبقت قطر أول إصلاحات لها منذ عام 2005، وصعدت إلى المركز 36 في الترتيب العالمي بعد تحسين نظام معلوماتها الائتمانية، إضافة إلى تبسيط الإمارات العربية المتحدة الإجراءات لتأسيس الشركات، وحسنت ترتيبها إلى المركز 33. وتوضح البيانات الجديدة، التي أوردها التقرير، أن بإمكان المنطقة تحسين سبل الحصول على المعلومات المتعلقة بالإجراءات الحكومية المنظمة لأنشطة الأعمال. وقالت داليا خليفة المستشارة بإدارة المؤشرات والتحليلات العالمية بمجموعة البنك الدولي: «من شأن تقوية المؤسسات وتحسين إتاحة الحصول على المعلومات تسهيل عمل أصحاب المشاريع بالمنطقة، إذ يضطر أصحاب المشاريع في الوقت الحالي، في أكثر من نصف بلدان المنطقة، إلى مقابلة أحد المسؤولين الحكوميين لمعرفة جداول الرسوم أو المستندات المطلوبة كي يتمكن من استيفاء العديد من إجراءات الأعمال. ومما لا شك فيه أن بإمكان مبادرات الحكومة الإلكترونية المساعدة في تخفيف الأعباء البيروقراطية عن كاهل أصحاب المشاريع عن طريق طرح حلول شفافة وقابلة للاستمرار». يذكر أن 17 بلدا بالمنطقة قد تمكنت على مدى السنوات الست الأخيرة من جعل بيئتها الإجرائية أكثر ملاءمة بالنسبة للشركات. وقال أوغستو لوبيز كلاروس مدير إدارة المؤشرات والتحليلات العالمية بمجموعة البنك الدولي «من شأن زيادة كفاءة الإجراءات الحكومية المنظمة لعمل الشركات وتسهيل الاطلاع عليها، أن تزيد فرص النمو الاقتصادي. ويمكن لبلدان المنطقة، من خلال تسهيل إجراءات تأسيس الشركات، أن تتيح الأمل لأصحاب المشاريع الذين يشكلون القوة الدافعة وراء خلق الوظائف».