سانشيز: يوجد الكثير من الثراء في العالم العربي.. ويجب استثماره في البنى التحتية

وكيل وزارة التجارة الأميركي لـ «الشرق الأوسط» : ارتفعت نسبة التجارة مع المنطقة بنسبة 20%

سانشيز
TT

تركز الولايات المتحدة على إمكانية دعم الدول العربية التي تمر بانتقالات سياسية، وخاصة دول ثورات عام 2011 (تونس ومصر وليبيا) من خلال الدعم الاقتصادي، وخاصة تنمية الاقتصاد لخلق فرص العمل وعدم الاعتماد فقط على المساعدات الخارجية. وفي الوقت نفسه هناك اهتمام أميركي بالفرص الواردة في الدول العربية لدعم الاقتصاد الأميركي، وخاصة من خلال الصادرات الأميركية إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومنذ بداية العام ومع تسارع وتيرة التغييرات في العالم العربي، تشدد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على أهمية العامل الاقتصادي لجلب الاستقرار السياسي والاجتماعي للدول العربية، وقد أعلنت برامج عدة في هذا المجال، منها تأسيس صندوق خاص لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم في دول عدة. وفي دلالة على الاهتمام الأميركي بالجانب الاقتصادي، كان من اللافت أن المشاركة الأميركية في اجتماعات «منتدى الاقتصاد العالمي» كانت اقتصادية بالدرجة الأولى، مع مشاركة شخصيات مثل وكيل وزارة التجارة فرانسيسكو سانشيز ووكيل وزير الخارجية الأميركية للشؤون الاقتصادية روبرت هورماتز ونائبة ممثلة التجارة الأميركية ماريام شابيرو. ويلعب سانشيز دورا مهما في تطوير التجارة الدولية للولايات المتحدة، إذ يقود دائرة التجارة الدولية التي تساعد في تطوير السياسات الأميركية للتجارة، بالإضافة إلى تقوية التنافسية الأميركية والإشراف على القوانين المتعلقة بالتجارة الدولية. والتقت «الشرق الأوسط» سانشيز وأجرت معه حوارا على هامش مشاركته في اجتماعات البحر الميت، حيث شدد على أهمية وضع «بيئة استثمارية مشجعة» في الدول العربية من أجل إنعاش اقتصاداتها وخلق فرص العمل. وفي ما يلي نص الحوار:

* كان هناك الكثير من الحديث في اجتماعات منتدى الاقتصاد العالمي عن وسائل المساعدة التي يمكن أن تتقدم بها الولايات المتحدة إلى العالم العربي، وخاصة في هذه الفترة الحرجة، وصدرت تصريحات عدة تطالب بخطة مارشال جديدة، ولكن ما هو دور التجارة في تطوير الاقتصاد وجعل العرب يساعدون أنفسهم؟

- المهم اتباع الخيار الثاني، يمكن للولايات المتحدة وغيرها من دول أن تساعد العالم العربي بطريقة أفضل من خلال مساعدة العرب لمساعدة أنفسهم، ومن خلال رفع نسبة التجارة بين الدول المنطقة، وهو أمر المنطقة في أمس الحاجة له، بالإضافة إلى تطوير التجارة مع أجزاء أخرى من العالم. كما يمكن مساعدة الدول العربية على تطوير بيئة استثمارية جذابة، حيث تولد ليس فقط التجارة، بل أيضا الاستثمار الأجنبي المباشر، وهذه هي أفضل طريقة لنقدم بها المساعدة.

* ولكن كيف يمكن تغيير طريقة التفكير من المطالبة بالمساعدات إلى تطوير سبل التجارة؟

- يمكن فعل ذلك من خلال التطبيق، إذ ننظر إلى دول حول العالم، تلك التي تقلل من الحواجز المعارضة للتجارة استطاعت أن تحسن من اقتصاداتها بنسبة أسرع من الدول التي رفضت ذلك. الدليل هو في التطبيق وعلينا أن نظهر النماذج الناجحة. الأمر ليس سهلا، فعندما يتم فتح قطاعات معينة للتجارة مع الخارج ستتأثر قطاعات (داخلية) معينة من دون شك، ولكن إذا نظرنا إلى النماذج الناجحة يمكن إقناع المشككين. ونحن في الوقت نفسه نواصل إعطاء المنح والمساعدات، ولدينا مشاريع للمنح في مصر والأردن وغيرهما ولكن وحدها لن تلب الاحتياجات.

* ما هي النماذج الناجحة للدول العربية التي تتاجر مع الولايات المتحدة وتعتبر نماذج ناجحة لبناء اقتصاداتها؟

- إنه سؤال جيد.. أعتقد أن مجال التجارة مع العالم العربي مليء بفرص لم تنتهز بعد، ولذلك هدفي ووجودي هنا هو العمل على الخروج بطرق يمكن من خلالها أن تنتهز تلك الفرص.

* في أي قطاعات أو مجالات يمكن أن تطور العلاقات الاقتصادية إذ لا ننظر إلى القطاع النفطي التقليدي؟

- دعيني أعد طرح السؤال بطريقة أخرى، فإن الهدف هو خلق فرص العمل، يجب اتخاذ خطوات عدة في آن واحد، لا أعتقد أنها فقط مسألة اتفاقات تجارية، يجب أن يكون هناك استثمار في البنى التحتية وجهد حقيقي للتنافس على استقطاب الاستثمار الخارجي. الدول العربية لا تتنافس فقط بينها بين بعض للاستثمارات الخارجية، ولكن تتنافس مع كل دول العالم وباتت التنافسية عالية جدا لجذب الاستثمارات الخارجية. ليس كافيا العمل على الهوامش لتعديل البيئة الاستثمارية، إذا كانت الدولة جدية في هذه القضية يجب أن تعالجها بشكل كلي. هناك الكثير من الثراء في العالم العربي ومن الحكمة استثماره في البنى التحتية هنا، بالإضافة إلى خلق البيئة التي تجذب الاستثمار الأجنبي والعمل أيضا على التقليل من الحواجز المعارضة للاستثمار والعمل على تسهيل التجارة. ويجب اتخاذ هذه الخطوات في وقت متزامن، وليس واحدة تلو الأخرى.

* تشهد دول عربية عدة رد فعل ضد القطاع الخاص واتخاذ إجراءات تدعم التجارة العالمية خاصة في دول مثل مصر، فكيف يمكن التعامل مع هذا التحدي؟

- سأناقض نفسي بعض الشيء هنا، لأنني قلت يجب القيام بكل الخطوات في آن واحد، ولكن أعتقد أننا لكي نستطيع فعل ذلك يجب اتخاذ خطوات كبيرة في المجال المتاح. فمثلا لا يوجد طرف يعارض الاستثمار في البنى التحتية وذلك يولد فرص العمل ويساعد على المزيد من التجارة. وبينما تمر دولة في تغييرات سياسية، يمكن اتخاذ خطوات أصغر ولكن مهمة من حيث التجارة، على سبيل المثال النظر في التخلص من الإجراءات البيروقراطية التي لا تساعد الدولة. يجب أن يكون الهدف القيام بالقرارات الأصعب على المدى الأبعد.

* الرئيس الأميركي باراك أوباما قال في خطابه في 19 مايو (أيار) إن الولايات المتحدة ستساعد الدول العربية التي تمر بالتغيير السياسي من خلال الدعم الاقتصادي، فما هي الخطوات التي قامت بها الإدارة الأميركية منذ ذلك الحين؟

- لن أتحدث فقط عن عملي ولكن عن عمل الإدارة بشكل أوسع، ففي مصر على سبيل المثال أسسنا صندوقا لضمان الاقتراض لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، فبناء اقتصاد يشمل أطرافا أوسع أمر في غاية الأهمية، خاصة من خلال شمل النساء وجعلهن جزءا فعالا في الاقتصاد ليس من ناحية الإنتاجية ولكن أيضا في الابتكار والإبداع. كما أن هناك حاجة للتواصل مع الشباب ليس فقط من خلال وجود فرص عمل لهم ولكن أيضا لوضع مسار للاستفادة من إبداعهم وريادتهم. هناك إبداع في العالم العربي ينتظر الظهور والتقدم ولكن يحتاج إلى الرعاية، وجزء من هذه الرعاية من خلال خلق بيئة للشباب الذين لا ينتمون إلى عائلة معينة أو لديهم علاقات خاصة، يجب إعطاء فرص للأفكار الرائعة وتحقيقها. ومن جهة أخرى نحن نعمل مع غرف التجارة المختلفة، ففي ديسمبر (كانون الأول) المقبل سنعمل مع غرفة التجارة المصرية لعقد مؤتمر في القاهرة نربط من خلاله الشركات الأميركية مع الشركات المصرية. ويأتي هذا المؤتمر بعد مؤتمر أولي في واشنطن في يونيو (حزيران) الماضي، اختص بأربعة قطاعات، منها الزراعة والخدمات. وفي تونس، أوفدنا بعثة تجارية خلال الصيف، وفي الأردن نساعد على تنمية القطاع السياسي.

* إلى أي درجة أدت الثورات العربية إلى دفع الولايات المتحدة للنظر من جديد إلى الدول العربية لتطوير العلاقات التجارية؟

- نحن مهتمون بالعالم العربي منذ فترة ولكن ما حدث أننا تشجعنا على التواصل بشكل أوسع لأننا نرى فرصا لبيئة استثمارية خصبة والعمل على استخراج إبداع الشباب والعمل على تحسين التجارة المتبادلة من خلال التخلص من الحواجز المانعة للتجارة.

* ولكن لدى الولايات المتحدة أيضا مصاعب اقتصادية داخلية وهو أمر يشغلكم، وقد أعلن الرئيس أوباما العام الماضي عن مبادرة لمضاعفة نسبة الصادرات الأميركية إلى الخارج ضمن جهود إنعاش الاقتصاد الأميركي، فما الدور الذي ترونه للمنطقة ضمن هذه الجهود وخاصة أنك قمت بعدد من الزيارات هذا العام للدول العربية؟

- لقد زرت 7 دول في المنطقة منذ أن توليت منصبي هذا قبل عام ونصف العام، منها مرتان إلى السعودية. إنه أمر مهم جدا لنا. قيمة التجارة المتبادلة بين الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وصلت إلى 154 مليار دولار العام الماضي، مما شكل ارتفاع بنسبة 20 في المائة مقارنة بعام 2009. فهل هذه المنطقة تلعب دورا مهما في الوصول إلى هدف الرئيس أوباما بمضاعفة الصادرات، بالتأكيد. هذه مبالغ مهمة في التجارة المتبادلة.

* ما هي القطاعات التي تركزون عليها في تنمية التجارة المتبادلة مع المنطقة؟

- قطاعات الطيران والسيارات والتقنيات والأجهزة ثقيلة كلها استفادت خلال الفترة الماضية ولكننا نركز على مجمل مجالات العمل والتعاون بين الطرفين.

* هناك مسألة اتفاقيات التجارة الحرة، والأردن من الدول التي وقعت اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، هل يمكن أن توقع واشنطن اتفاقيات جديدة مع دول عربية؟

- من الأفضل أن يجيب مكتب ممثل التجارة الأميركي على ذلك السؤال. ولكن بالإضافة إلى اتفاقيات التجارة هناك الكثير يمكننا القيام به لتدعيم التجارة. يمكننا العمل على المقاييس والأنظمة المحددة، بالإضافة إلى تسهيل التجارة على الحدود، وغيرها من إجراءات مهمة حتى لا تجلب الاهتمام المماثل مثل اتفاقيات التجارة الحرة.

* تركز الولايات المتحدة في هذه المرحلة التاريخية للدول العربية على أهمية التجارة والعلاقات الاقتصادية، لماذا؟

- نعلم أن التجارة الجيدة تشكل وسيلة جيدة إلى الأمام في تحقيق مستوى علاقات أفضل. وقمت بإعلان جائزة باسم «السلام من خلال التجارة» لهذا الغرض وهذه جائزة قدمناها هذا العام ونقبل الترشيحات للعام المقبل الآن. وهذه الجوائز وجهودنا المكثفة تأتي من الاعتراف بأن هذا جزء أساسي من عملنا.