مدير «الصرافة والخدمات المالية» الليبي: أهم المشكلات تأخر إلغاء الحظر الكامل على الأموال المجمدة بالخارج

برق الليل لـ «الشرق الأوسط»: حظ الشركات الأجنبية في ليبيا الجديدة يعتمد على الكفاءة والجودة

محمد عبد الله برق الليل، المدير العام للشركة الليبية للصرافة والخدمات
TT

قال محمد عبد الله برق الليل، المدير العام للشركة الليبية للصرافة والخدمات، وهي شركة مساهمة ليبية، إن استمرار المشكلات الاقتصادية والمالية في البلاد يعود جانب منه إلى تأخر إلغاء الحظر «الدولي» على الأموال الليبية المجمدة بالخارج والتي لم يتم استرجاعها بالكامل بعد، قائلا إن النقد الأجنبي ما زال غير متوافر، وسوق الأوراق المالية لم تعمل بكامل طاقتها، وتأثر الحوالات المالية الخارجية مستمر.

وأضاف برق الليل قائلا إن ارتفاع حظ الشركات الأجنبية في ليبيا الجديدة يعتمد على الكفاءة والجودة، متوقعا زيادة إنفاق الليبيين في المرحلة المقبلة أكثر مما كان عليه الأمر في ظل نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، قائلا في حوار مع «الشرق الأوسط» إن المؤسسات المالية والاقتصادية الليبية تضررت بشكل كبير منذ بداية الثورة الليبية على نظام القذافي، لكنه توقع أن يرتفع دخل الليبيين من عائدات النفط، مع رواج اقتصادي مع البدء في عملية الإعمار، مقللا من شأن أي تهديدات يمكن أن يمثلها أنصار النظام السابق على الأوضاع في البلاد.

وأضاف برق الليل أن البنك المركزي بدأ في الإعلان لتلقي تصاميم للعملة الليبية الجديدة التي ستستمر في المرحلة المقبلة، بحيث تكون خالية من صور القذافي، قائلا إن المرحلة الماضية انتهت، ونحن نبدأ مرحلة جديدة. وأضاف أن النشاط المالي المصرفي الحالي يقتصر على الخدمات الإلكترونية المتمثلة في الدفع الإلكتروني وخدمات الترميز والصكوك والبطاقات. وإلى تفاصيل الحوار..

* يتوقع البعض أن يؤدي البدء في أعمال إعادة الإعمار والاستثمار في النفط لحراك كبير في الأسواق الليبية قريبا.. كيف ترى الأمر؟

- أولا نحن نتوقع من حركة إعادة الإعمار إحداث نشاط كبير في السوق الليبية.. كما تعرف عملية إعادة الإعمار تتطلب رؤوس أموال وتتطلب شركات وتتطلب عمالة وهذا كله له علاقة بدوران رأس المال وله علاقة بحركة النقد الأجنبي سواء من خلال خطابات الضمان أو الحوالات الخاصة بالمبالغ الكبيرة والأخرى الخاصة بالعاملين أو غيره.. هذه كلها تؤثر بالإيجاب على السوق وسوف تؤثر أيضا على المواطن الليبي وتعطيه فرصة أكبر وتعطي التجار فرصا أكبر لتصريف المنتجات وتنشيط حركة العقارات.. هذا سيكون إيجابيا على كل الفئات وكل القطاعات من خلال زيادة الأنشطة ونعقد عليه آمالا كبيرة جدا.

* هناك شركات لم تدخل ليبيا من قبل في العهد السابق. فما هي المعايير الجديدة لعمل الشركات الأجنبية؟

- هذا ما يقرره الشعب الليبي والمجلس الوطني الانتقالي الممثل الوحيد للشعب. المجلس الوطني الانتقالي حدد شروطا منها الكفاءة وحدد الجودة كمعايير أساسية للعمل. أعتقد أن هذا سوف يعطي الفرص للجميع.. التنافس سيكون تنافسا شريفا ومن خلال الجودة والكفاءة ومن يقدم خدمة أفضل للشعب الليبي.

* وماذا عن سوق المال الليبية (البورصة) متى يتوقع أن تعاود العمل؟

- سوق المال الليبية تعمل حاليا لكن ليس في عمليات التداول، وإنما في مجال يخص حاجة الشركات المسجلة في السوق.. الشركات المسجلة في السوق تحتاج، في العادة، إلى تقديم إفصاحات وبيانات، وهذه أساس السوق.. البيانات والمعلومات هي أساس السوق التي تمكن المستثمر أن يشتري في هذه الشركة أو غيرها. حاليا هذا غير ممكن. ولذلك التداول مؤجل حتى تستقر الأوضاع بالكامل في المصارف والشركات وغيرها.. لكن بالنسبة للخدمات التي يحتاجها المستثمرون فهي موجودة حاليا وتعمل.

* كيف تأثرت أعمال الصرافة وتقديم الخدمات المالية في البلاد؟

- نحن مثلا تأثرنا كما تأثرت السوق الليبية بشكل عام.. لأننا نعتمد أساسا على العملات الأجنبية والحوالات الخارجية بالإضافة إلى الأوراق المالية وبالنسبة للأسواق الرئيسية تأثرت تأثرا كبيرا جدا خلال الفترة الماضية، مما أدى بطبيعة الحال للتأثير «السلبي» الكامل على حركة التعاملات داخل ليبيا.

* هل بدأت الأمور تعود للحركة في الوقت الحالي، أم أنه ما زالت هناك مشكلات؟

- المشكلات ما زالت «موجودة» لأنه بالنسبة للأموال المجمدة لم يتم استرجاعها بالكامل، وكذلك ما زالت هناك مشكلة في التعامل مع النقد الأجنبي الذي ما زال غير متوفر.. سوق الأوراق المالية لم تعد لمزاولة نشاطها بالكامل. والحوالات الخارجية ما زالت متأثرة.. لكن للأمانة لدى الموظفين التزام كبير ويوجدون يوميا في مكاتبهم ويحاولون تسيير العمل إلى أن يعود إلى ما كان عليه في السابق وأفضل إن شاء الله..

* ما حجم التعاملات الحالية مقارنة بالوضع قبل 17 فبراير؟

- الفرق كبير جدا، ولا يخضع للمقارنة، النشاط قبل 17 فبراير كان كبيرا جدا، لكن الآن لا يوجد نشاط.. تستطيع القول إن النشاط أصبح مقتصرا على الخدمات الإلكترونية فقط والمتمثلة في الدفع الإلكتروني وخدمات الترميز والصكوك والبطاقات.. التي تعمل حاليا هي الخدمات الإلكترونية المصاحبة للخدمات المالية.

* وماذا عن مشكلة الصكوك وتسويقها؟

- ليست الصكوك السياحية، لكن الصكوك التي تعمل على المقاصة الآلية.. والمتخصص في تأمين هذه العملية هو البنك المركزي الذي يعتبر الأول من نوعه في شمال أفريقيا في هذا المجال. ويقوم البنك المركزي بتمييز الصكوك بغرض تمريرها من خلال المقاصة الإلكترونية بمصرف ليبيا المركزي لتعطي فرصة وإمكانية لصاحب الصك من خلال تقليل فترة المقاصة إلى أربع وعشرين وساعة إلى ثمان وأربعين ساعة كحد أقصى.. وشركة الصرافة هي المسؤولة عن تزويد المصارف المكلفة في السابق من قبل مصرف ليبيا، بأن تجهز الصكوك المصرفية، التي هي صكوك الزبائن سواء كانوا شركات أو صكوك مصدقة، بمواصفات أمنية عالية جدا.. كما أن شركات الصرافة تتعامل على البطاقات الائتمانية والمصرفية.

* هل تغيير العملة الليبية في ظل النظام الجديد يمكن أن يسبب إرباكا لسوق المال؟

- للأمانة هذا اختصاص المصرف المركزي. لكن المتداول أن البنك المركزي بدأ في الإعلان لاستقبال تصاميم للعملة الليبية الجديدة التي ستستمر في المرحلة المقبلة.. لكن شخصيا لا أتوقع أن يكون هذا خلال الفترة القريبة جدا.. لأني أعتقد أن هذا يحتاج إلى وقت حتى تسحب العملة من السوق وإحلال العملة الجديدة.. وستكون العملة خالية بطبيعة الحال من صور القذافي، لأن المرحلة الماضية انتهت، ونحن نبدأ مرحلة جديدة.

* هناك توقعات بزيادة قدرة الليبيين على الإنفاق بشكل أكبر مما كان في عهد القذافي. ما تعليقك؟

- هذا صحيح.. وهذا هو المأمول. كل الليبيين يتطلعون إلى القدرة على زيادة قدرتهم على الإنفاق.. نتوقع أن يكون هناك زيادة في مستوى الإنفاق. قد يعتقد البعض أن الليبيين كانوا يتمتعون بقدرة كبيرة أو معقولة على الإنفاق في ظل النظام السابق، ولكن الحقيقة هي أن الغالبية العظمى من الليبيين كانوا من ذوي الدخل المحدود، وكان الإنفاق الكبير يقتصر على قلة بسيطة من الشعب الليبي. وبعد ثورة 17 فبراير نأمل أن يتمتع كل ليبي بحقوقه التي كان محروما منها في العهد السابق، ومن ضمنها إيرادات النفط والخدمات الاجتماعية والخدمات الاقتصادية وأن ترتقي هذه الخدمات للأفضل والأحسن. هذا ما ندعو إليه ونتمنى أن يتحقق إن شاء الله.

* هل هناك مخاوف من بعض المشكلات من أتباع النظام السابق التي يمكن أن تؤثر على الاستثمار ودوران العجلة الاقتصادية؟

- نتمنى ألا يحدث هذا نهائي.. أنا أرى أن وعي الشعب الليبي حاليا أصبح وعيا كبيرا جدا. ولا أعتقد أننا يمكن أن نصل إلى مثل هذه المرحلة.. الشعب الليبي شعب قادر على إدارة هذه المرحلة رغم توفر السلاح في أيدي العديد من الناس سواء من الثوار أو من الآخرين، لكن لاحظت انضباطا كبيرا جدا من كافة شرائح الشعب الليبي. والحمد لله.. نحن نعول على شعبنا وأننا لن نصل لمثل هذه المرحلة.

* ما الدور المتوقع لدول الجوار على الاقتصاد الليبي في ظل منافسة متوقعة من شركات الدول الكبرى؟

- علاقتنا مع مصر وتونس علاقة قديمة وكبيرة ويوجد ارتباط اقتصادي مباشر، سواء من خلال مستثمرين ليبيين في مصر أو في تونس أو من خلال مستثمرين مصريين وتونسيين في ليبيا. وأعتقد أنه كان في النظام السابق مفروضا عليهم مجموعة من القيود، وحاليا، وبوجود دولة القانون ودولة المؤسسات، ستكون فرصهم أكبر. وكل شخص أو كل شركة سيكون لديها القدرة والكفاءة ستجد لها نصيب.

* ما العراقيل التي كانت موجودة ضد الشركات في ظل النظام السابق، ولن تكون موجودة في النظام الجديد؟

- هذا السؤال يخص وزارة الاقتصاد التي تتوافر لديها بيانات عن مثل هذه الأمور.. لكن بشكل عام وكرجل مهتم بالشؤون الاقتصادية والمالية، أرى أنه، كشعور عام، كان يوجد بعض التجاوزات.. جهة معينة كانت تفرض على شركة ما لتقديم مشروع والموافقة عليه، بغض النظر عن كفاءتها أو لأن «سين» من الناس هو شريكها أو وكيلها في داخل ليبيا يحاول يفرضها لتنفيذ هذه الأعمال أو تلك. هذه من أهم المشكلات التي كان الكل يعاني منها في ظل النظام السابق من دون استثناء. وفي إطار الرؤية الجديدة التي تحترم القانون لن يكون هناك وجود لمثل هذه الممارسات. ونود أن نثني على ثورة 17 فبراير والناس الذين كانوا وراء هذا المجهود الجبار ونترحم على الشهداء وندعو للجرحى ونتمنى الأمن والأمان لليبيا، مع غد أفضل للبلاد والعباد.