تقرير: على دول الخليج الاستفادة من الطاقات النسائية الكامنة للتحول إلى الاقتصاد المعرفي

«بوز أند كومباني» تؤكد أن مخرجات التعليم النسائي يملكن المواهب الأفضل تعليما

يشير التقرير إلى أن شركة سعودية متخصصة في السلع الاستهلاكية تبين لها أن زيادة حصتها في السوق بين النساء ترفع الإيرادات السنوية إلى 36 مليون دولار («الشرق الأوسط»)
TT

كشف تقرير دولي أن دول الخليج العربي تملك طاقات اقتصادية غير مستغلة، من الممكن أن تسهم في زيادة توطين الوظائف، إضافة إلى دعم توجهها للتحول إلى الاقتصاد المعرفي، والتي تتمثل في المرأة، حيث تشكل في العديد من الأسواق الإقليمية مجموعة من المواهب الأفضل تعليما من عموم السكان، خاصة في الكويت والسعودية وقطر التي تمثل النساء الغالبية من متخرجي الجامعات فيها.

وقال التقرير الذي أصدرته شركة «بوز أند كومباني» العالمية وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن النسبة المئوية للنساء من مجمل القوى العاملة، والتي تتراوح بين 12 في المائة في السعودية و57 في المائة في الكويت، هي أدنى بكثير مما هي عليه في بلدان مثل اليابان 67 في المائة، الولايات المتحدة 72 في المائة والنرويج 79 في المائة.

وقالت ليلى حطيط المديرة الأولى في شركة بوز أند كومباني العالمية وإحدى معدات التقرير، إنه يمكن لشركات القطاع الخاص التي تدمج المرأة في القوى العاملة لديها بنجاح، مساعدة الحكومات الإقليمية في تحقيق هدفها المتمثل في توطين القوى العاملة غير أن الأهم، هو أنه يمكن لهذه الشركات سد الفجوات القائمة فيما يخص المهارات، والاستفادة من أفواج النساء المتعلمات تعليما جيدا والتائقات للانضمام إلى القوى العاملة.

وزادت حطيط «يمكن للشركات أيضا استهداف المستهلكات بشكل أكثر فعالية عندما يكون لديها نساء يتخذن القرارات في مجالات مثل البحث والتطوير، وتطوير المنتجات والتسويق والمبيعات، والواقع أنه لا يمكن للشركات أن تفوت مثل هذه الفرص الحاسمة فيما تواصل القدرة الشرائية للمرأة النمو في دول مجلس التعاون الخليجي».

وأوضحت أنه تبين لشركة سعودية متخصصة في السلع الاستهلاكية أن زيادة حصتها في السوق بين النساء في كل منطقة من المناطق، والتي تعمل فيها سوف ترفع الحجم الإجمالي للعملاء لأكثر من 2 في المائة والإيرادات السنوية إلى 36 مليون دولار.

من جهته قال كمال طرزي، مدير أول في شركة بوز أند كومباني إنه للحصول على هذه الفوائد، يجب على الشركات اتباع نهج شامل لإدارة الموظفين وليس فقط الإناث منهم، حيث يبدأ النهج المثالي لإدارة المواهب بالتوظيف، من خلال البحث عن المرشحات الواعدات من الكليات النسائية والمعاهد المهنية، ورعاية دراسات المرشحات الواعدات، وعقد شراكات مع المؤسسات الرائدة في التدريب على التكنولوجيا وشركات التكنولوجيا الرائدة التي تقدم برامج التدريب.

وبين طرزي أنه بعد أن توظف الشركات أفضل المرشحين، يجب أن تواصل الاستثمار في تطويرهم عبر برامج التدريب لتزويدهم بالمهارات اللازمة، حيث تشعر شركات كثيرة، أن النساء يفتقرن إلى الإلمام الكافي باللغة الإنجليزية، والتدريب الفني، ومهارات التعامل مع الآخرين.

وأكد أن ذلك يعود بشكل كبير إلى الطريقة التي دُفعت بها المرأة في المنطقة نحو العمل في عدد محدود من القطاعات، مثل التعليم والرعاية الصحية، كما يمكن للتدريب الخاص داخل الشركات إضافة إلى إصلاح نظم التعليم في المنطقة المساعدة على سد هذه الفجوة.

وشدد المدير الأول في «بوز أند كومباني» على أنه يتعين على الشركات أن تنظر أيضا في إقامة برنامج تعليمي يجمع موظفات أقل خبرة مع أخريات أكثر خبرة، وقد يعجّل التوجيه المركّز في تطوير المرأة لتتولى المناصب القيادية، كما يساعد النساء في التعامل مع التحولات الصعبة في حياتهن المهنية، مثل الحمل والولادة والعودة من إجازة الأمومة.

ولفت طرزي إلى أن تقييم الموظفين بصورة عادلة وموضوعية يعتبر جزءا رئيسيا من إدارة المواهب، وينبغي أن تستند جميع معدلات الأداء إلى نتائج محددة كأرقام المبيعات، ويجب أن تشمل عملية التقييم مصادر متعددة من المداخلات، بما في ذلك المديرون والزملاء والمرؤوسون.

ولفت إلى أن هذه الممارسة سليمة في ما يخص جميع الموظفين، وتغدو حيوية عند تقييم الموظفات في بيئة يسيطر عليها الرجال، واستشهد بمثال عندما تحصل المرأة في بعض تقييمات العمل على إشارات من السمات الشخصية، فهي «خجولة» أو «عاطفية» أو «غير صلبة كفاية»، وذلك بدلا من إعطاء صفات محددة لسلوكياتها أو تقييمات كمية عملها، ومن الطرق التي تمنع حصول ذلك ضمان تمثيل المرأة بما فيه الكفاية في لجان التقدير والتقييم.

كما أن العنصر الأخير يتمثل في حال إدارة المواهب حيث يجب الحفاظ على الموظفين، وبعد أن تتخذ الشركة التدابير اللازمة لتوظيف وتطوير وتقييم المرأة في القوى العاملة لديها، يجب تكريس جهود مماثلة للحفاظ على الموظفات وضمان رضاهن الوظيفي وتمتعهن بالحوافز.

وشدد على أن هذا يتطلب محفزات تقليدية إلى حد كبير فيما يخص الموارد البشرية مثل التعويضات والمنافع، وفرص التقدم الوظيفي، والتوازن بين العمل والحياة، فضلا عن العناصر غير الملموسة التي تجعل الموظفين يشعرون بدافع للعمل بجد كل يوم من خلال الاعتراف بالجهد، والشعور بالسعي إلى هدف، والثقة، والروابط مع الزملاء والشركة ككل.

وقال عبد القادر لمع، مستشار أول في «بوز أند كومباني» إن إصلاح إدارة المواهب بهذا الشكل ليس أمرا سهلا، فهو يتطلب مرونة وتغييرا من جميع أفراد الشركة، وليس كافيا في هذا السياق مجرد إعداد النساء للانضمام إلى القوى العاملة، بل يجب على الإدارة إعداد بقية الموظفين لجعل اندماج المرأة أمرا ناجحا على مستوى الشركة ككل.

وأكد لمع أن إدخال المرأة في أعداد كبيرة في قوى العمل بالقطاع الخاص الخليجي لن يكون سهلا، وهناك خطر كبير من السير السريع في هذا المجال، لكن هذا التغيير يبدو حتميا على المدى الطويل، والمرأة متعلمة، والأهم من ذلك أنها تملك الرغبة في الاضطلاع بدور أكثر من محوري في سوق العمل في المنطقة.

ولفت إلى أن الشركات التي تعتمد استراتيجية ذكية لإدارة هذه المرحلة الانتقالية سوف تكتسب ميزة تنافسية، من خلال قوى عاملة أكثر التزاما وتعكس بصورة أفضل الواقع السكاني لدول مجلس التعاون الخليجي ككل.

وذكر التقرير أنه في الوقت الذي تواصل فيه دول مجلس التعاون الخليجي التحوّل من منطقة تعتمد على عائدات النفط إلى مجموعة من الاقتصادات الحيوية القائمة على المعرفة، يتبدّى أن أحد أكثر الموارد قيمة وغير المستغلة يتمثّل في طاقات المواطنات الاقتصادية.