تزايد الضغوط الاقتصادية في مصر يثير قلقا من احتمال تخفيض تصنيفها الائتماني

احتياطي النقد الأجنبي يفقد ملياري دولار.. وتراجع صافي الأصول الأجنبية 1.6 مليار دولار

السياحة ربما تكون المنقذ للاقتصاد المصري إذا حدث استقرار
TT

أعلن البنك المركزي عن مؤشرات سيئة عن الاقتصاد المصري تنذر بأن البلاد على وشك الدخول إلى أزمة اقتصادية، حيث فقدت احتياطيات النقد الأجنبي المصري نحو ملياري دولار في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، ليسجل 22.07 مليار دولار، ويأتي هذا التراجع ليشكل ضغطا كبيرا على موارد مصر من النقد الأجنبي، بعد أن فقدت البلاد 14 مليار دولار، منذ بداية العام الحالي، مع مطلع ثورة 25 من يناير، عندما سجل 36 مليار دولار في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

كما أظهر تقرير صادر عن البنك المركزي، أمس، أن صافي الأصول الأجنبية لدى البنك المركزي تراجع بما يعادل 11.4 مليار جنيه في شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، منها 10 مليارات جنيه (1.6 مليار دولار) في شهر أغسطس فقط.

ويرى الخبير المصرفي أحمد سليم أن التراجع الجديد للاحتياطي سوف يكلف الاقتصاد المصري فاتورة باهظة، حيث من المتوقع أن يتم تخفيض التصنيف الائتماني لمصر مجددا، الأمر الذي يدفع وكالات التصنيف إلى التنبؤ بعدم قدرة السلطات المصرية على سداد الديون، أو قدرتها على دعم الجنيه المصري، مشيرا إلى أن استمرار الانخفاض في احتياطي العملات الأجنبية بالوتيرة الحالية سوف يضعف موقف المدفوعات الخارجية للبلاد بشكل كبير.

وكان تراجع احتياطي النقد الأجنبي بالبلاد مبررا مشتركا لوكالتي «موديز» و«ستاندر آند بورز» لتخفيض التصنيف الائتماني للبلاد، مع إعطاء نظرة مستقبلية سلبية للاقتصاد المصري، كما قامت «موديز» خلال الأسبوع الماضي بتخفيض التصنيف الائتماني للودائع بالعملة المحلية لخمسة بنوك مصرية، لتعرضهم الكثيف للديون الحكومية من خلال شرائها لأذونات الخزانة المصرية.

وفيما يُقدر حجم ديون مصر الخارجية بنحو 34.9 مليار دولار، فإنها تسعى إلى اللجوء إلى الاقتراض من مؤسسات وحكومات عربية لسد جزء من عجز موازنتها المقدر خلال العام المالي الجاري (ينتهي في يونيو «حزيران») بنحو 134 مليار جنيه، كما تسعى أيضا أن تخفف العبء عن البنوك في تمويل عجز الموازنة، الذي أثر الاعتماد عليها في إقراض الحكومة على القيام بدورها الرئيسي في منح القروض للقطاعات الإنتاجية في البلاد.

ويضيف سليم أن هناك خطرا أكبر لتراجع الاحتياطي يتمثل في عدم تغطية شراء الواردات لفترة تزيد على ثلاثة أشهر، مما يجعل الاقتصاد المصري على حافة الخطر.

وتصنف المعايير الاقتصادية الدولية المتعارف عليها مرحلة الخطر الحقيقية للاحتياطيات الدولية، عندما تغطي أقل من 3 أشهر من الواردات السلعية، التي تعادل 12.5 مليار دولار بالنسبة لمصر، طبقا لأسعار السلع الأساسية والاستراتيجية التي تستوردها البلاد، وذلك بمتوسطات أسعارها خلال العام المالي الماضي 2010 - 2011.

وحسب تقرير حديث للبنك المركزي، وصل إجمالي الأصول الأجنبية في نهاية أغسطس نحو 242.094 مليار جنيه، بعد أن وصل لـ253.574 مليار جنيه في الشهر الذي يسبقه بما يعادل 4.6 في المائة.

واعتبر سليم ذلك التراجع مؤشرا على مخاوف المستثمر الأجنبي الذي ينسحب من السوق المصرية لصالح أسواق أخرى أكثر أمنا، في ظل ذلك الوضع الاقتصادي والأمني والسياسي السيئ لمجمل الوضع المصري.

إلى ذلك ثمن صندوق النقد الدولي الخميس بعد قيام بعثة منه بزيارة مصر، بالتقدم الذي حققته الحكومة المصرية نحو برنامج اقتصادي معد محليا، ولكنه لم يتحدث عن احتمال منح قرض لهذا البلد.

وقال الصندوق في بيان: «تتميز مصر بإمكاناتها الواعدة على المدى المتوسط لكن التحدي الذي لا يزال قائما هو المحافظة على الاستقرار الاقتصادي الكلي والتجانس الاجتماعي، وسط احتمالات النمو المتواضعة على المدى القصير، ومع الضعف المتزايد الذي تشهده البيئة الخارجية». وأضاف البيان الذي أصدرته راتنا ساهاي، نائبة مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، التي زارت مصر على رأس بعثة الصندوق أن البعثة «ترحب بالتقدم الذي حققته السلطات نحو إعداد استراتيجية مصرية لمواجهة هذه التحديات، وتنفيذ جدول أعمال يحقق النمو الشامل لجميع المواطنين، ويوفر لهم المزيد من فرص العمل».

وأوضح البيان أن «صندوق النقد الدولي يتطلع إلى مواصلة التعاون مع السلطات المصرية في هذا الإطار». وأشار البيان إلى أن البعثة زارت مصر في 26 أكتوبر (تشرين الأول) إلى الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، بطلب من السلطات المصرية لاستعراض آخر التطورات الاقتصادية وتقييم احتياجات التمويل. وكان وزير المالية المصري حازم الببلاوي أعلن مطلع أكتوبر أن بلاده ستعيد درس إمكانية الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، بعد استبعادها الأمر في يونيو (حزيران).