تبديد الثروة

علي المزيد

TT

كتبت الأسبوع الماضي عن الهدر في المياه في العالم العربي، وأنتم تعرفون قبلي أن العالم العربي يعتبر تحت خط الفقر المائي، ومع ذلك نبدد أهم ثروة لا تمكن الحياة من دونها! وقلت في حينه إن محطة تحلية مياه عربية تحلي الماء وتعيد نصفه للبحر بسبب عدم وجود ناقل (أنبوب مياه).

وأنتم تعرفون أن أي محطة، أو مصنع، لا بد أن تعمل بأكثر من طاقتها، أي بزيادة تقدر من 15 إلى 20 في المائة، حتى تكسب إن كانت ربحية وتعمل بكفاءة إن كانت غير ربحية، لأن هناك مصاريف ثابتة لا يمكن تغييرها، مثل أجور الموظفين وغيرها.

وحينما تعمل بنصف الطاقة تكون غير مربحة أو غير كفؤة... المهم أنني تلقيت الكثير من المكالمات التي تذكر هدرا في الموارد هنا وهناك، ومع الحديث مع هؤلاء، لا أعرف لماذا تذكرت قصة قديمة رأيتها في ولاية كلورادو الأميركية، وتحديدا في مدينة فورت كلنز، إذ رأيت أميركيا أسود يستخدم المغاسل العامة، وبعد أن فرغ، قام بتنظيفها لتكون جاهزة لمن بعده.

الحقيقة استرعاني المنظر وظللت أبحث عن إجابة؛ لماذا هذا الأميركي الصالح لا يبدد الثروة؟ بينما في عالمنا العربي الكل يبدد الثروة، بدءا من رمي النفايات في الشارع، وانتهاء بعدم تدويرها للاستفادة منها، وكي لا تشكل عبئا على البيئة.

وضعت عددا من الإجابات الافتراضية، منها وعي الأميركي وتعلمه، فيما قال لي البعض إن الحفاظ على الممتلكات العامة الأميركية يقلل بنود الصيانة، مما يجعل الضريبة لا ترتفع، أي أنه مستفيد.

أو أن الأميركي حينما يحافظ على الثروة تذهب الأموال إلى الصحة أو لإحداث وظائف، بمعنى أن هناك ثقة بين المواطن الأميركي والموظف العام؛ إذ يثق الأميركي في أن الأموال ستذهب لمكانها الصحيح، فهل يفتقد المواطن العربي مثل هذه الثقة؟ بشكل أوضح، فإن المواطن العربي لا يثق في أنه إذا حافظ على الثروة فستذهب إلى مكانها الصحيح، بل ستذهب إلى جيب الموظف العام عبر آلاف الحيل القانونية التي لا تجعله تحت طائلة المساءلة؛ فما بالك بالعقاب.

* كاتب اقتصادي