خلاف بين الحكومة المصرية ومقاولين حول مشاريع متأخرة ومستحقات مالية

رئاسة الوزراء منحتهم 3 أشهر لاستكمالها رغم تأخرها في سداد 5.2 مليار دولار

جانب من البورصة المصرية («الشرق الأوسط»)
TT

أمهلت الحكومة المصرية مقاولين وموردين تتعامل معهم لتنفيذ مشرعاتها، ثلاثة أشهر جديدة كحد أقصى لتفادي زيادة المشاكل في ذلك القطاع الذي يشهد مشاكل كبرى منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني).

الخلافات بين الحكومة وشركات المقاولات كبيرة، فلتلك الشركات مديونيات متأخرة لدى جهات حكومية تقدر بنحو 31 مليار جنيه (5.2 مليار دولار)، وهذا ما جعل المقاولين متعنتين في استكمال تنفيذ المشاريع الحكومية، خاصة بعد فشل اتفاق يقضي بسداد تلك المستحقات وفقا لجدول زمني أبرمته الحكومة مع المقاولين في مايو (أيار) الماضي.

وكشفت مصادر قريبة من مديونيات قطاع المقاولات لـ«الشرق الأوسط» عن تصاعد حدة الأزمة بين الحكومة وشركات المقاولات، بسبب عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه المقاولين، حيث تضمن الاتفاق الذي أقره الطرفان إلزام المقاولين والموردين المتعاقدين مع الجهات الحكومية والوزارات والهيئات بتنفيذ المشروعات المتأخرة عن الجدول الزمني المتفق عليه، وحساب فترة تأخير محددة بسبب تداعيات ثورة 25 يناير والتزام الموردين بسرعة إنهاء ما ورد في العقود وتوريد باقي مستلزمات شركات المقاولات لتمكينها من استمرار العمل وفقا لجدول زمني محدد.

وأضافت المصادر أن الحكومة ممثلة في البنك الأهلي المصري، أكبر البنوك الحكومية، اتخذت إجراءات في وقت سابق من شأنها سداد جزء من تلك المديونيات، قدر بنحو 5 مليارات جنيه يمنحها البنك الأهلي، لكن خلافا بين وزارة المالية المصرية والشركات حول من يتحمل تكلفة الفوائد المحتسبة على تلك القروض أفشل مبادرة البنك، حيث أكد مصدر مصرفي شارك في المفاوضات بين الحكومة والشركات، لـ«الشرق الأوسط»، أن خلافا قويا بين وزارة المالية باعتبارها طرفا مدينا، وشركات المقاولات باعتبارها طرفا دائنا حول تحمل الفوائد، جعل البنك الأهلي يرجئ صرف واعتماد القرض، معتبرا أن معرفة الجدول الزمني للسداد ومن يتحمل فوائد أموال الممنوحة شرطان أساسيان للصرف.

وقدم المقاولون والموردون شكوى إلى الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء بعدم التزام وزارة الإسكان الممثلة عن الحكومة بسداد باقي المستحقات المالية المتأخرة، وأشار الشاكون في تقرير قدموه إلى مجلس الوزراء نهاية الشهر الماضي، إلى أن وزارة الإسكان ترد على مطالباتهم بعدم توافر سيولة مالية، ونتج عن ذلك عدم الوفاء بإنهاء المشروعات في الجدول الزمني المتفق عليه، وعدم التزام الموردين بتوريد المستلزمات لعدم وصول مستحقات مالية كافية.

واعترف مجلس الوزراء في اجتماعه قبل أسبوعين بالأزمة، وطلب رئيس الوزراء من وزير الإسكان سرعة سداد المستحقات المالية لشركات المقاولات، وأشار إلى أن السداد العاجل للمستحقات يمكن الشركات من الوفاء بالتزاماتها، كما يسهم في تخفيف الضغوط المالية الثقيلة على تلك الشركات.

واشتعلت الأزمة مطلع العام الحالي بسبب تأخر الحكومة في توفير الأموال لشركات المقاولات والموردين لتنفيذ المشروعات المفتوحة في البرنامج الزمني المحدد لها. وفي سياق متصل، يدرس البنك الأهلي المصري، أكبر البنوك الحكومية، الاحتفاظ بمليار جنيه من القرض الذي يرتبه لصالح هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة في أول تمويل تحصل عليه الهيئة الحكومية عقب الثورة والبالغ 5 مليارات جنيه، والذي من المقرر أن تحسم خطواته النهائية قبل نهاية الشهر الحالي، بحسب مصدر مطلع. وأضاف المصدر في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أن «الأهلي المصري» والبنوك الأربعة «العربي الأفريقي، وإتش إس بي سي، ومصر، والتجاري الدولي»، المشاركة في القرض، قدمت الأسبوع قبل الماضي مذكرة الشروط والضوابط التي تسبق توقيع عقد التمويل إلى الهيئة لمعرفة موقفها النهائي من تلك الشروط.

وأشار المصدر إلى وجود ضمانة مختلفة عن الضمانة التي كانت الهيئة تحصل بموجبها على التمويل في وقت سابق هو ما شجع البنوك على منح أول تمويل للهيئة التي كانت تعتمد في تمويلها على إصدار سندات طويلة الأجل بضمان وزارة المالية دون الحاجة إلى تمويل مباشر من البنوك، لكن الأزمة المالية جعلت البنوك تطالب بضمانة مختلفة.

وأشار المصدر إلى أن أراضي الهيئة هي الضمانة في القرض الجديد، الذي من المتوقع أن يسبقه قرض معبري توجه حصيلته إلى توسعات الهيئة خلال الفترة المقبلة وسط ركود في مشروعات المقاولات والإنشاءات على مدار الأشهر التسعة الماضية.

وتتراوح مدة القرض ما بين 8 إلى 10 سنوات، وسيستخدم في توصيل المرافق إلى كل مشروعات الهيئة وإقامة بنية تحتية قوية في عدد من المشروعات المزمع تنفيذها خلال الفترة المقبلة. وأشار المصدر إلى أن تمويل القطاعات الخدمية ومنها المقاولات والإنشاءات يشهد عزوفا من قبل البنوك، خاصة أن الضمانات المقدمة من الشركات الحكومية مقتصرة على وزارة المالية فقط، التي قلصت ما ينفق على قطاع الإنشاءات في ميزانيتها الأخيرة، مما يجعل البنوك تعزف عن تمويل تلك المشروعات.