وكالة الطاقة الدولية: أسعار النفط تتجه قريبا نحو سعر 150 دولارا للبرميل

إذا تراجعت الاستثمارات النفطية بمقدار الثلث عن 100 مليار دولار سنويا في المنطقة العربية

TT

قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي إن من المتوقع أن تصل أسعار النفط إلى 150 دولارا للبرميل في الأمد القريب إذا تراجع الاستثمار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنتجة للخام. وقالت وكالة الطاقة الدولية التي تقدم المشورة للبلدان الرئيسية المستهلكة للنفط إن الطلب العالمي على الخام سيرتفع بشكل مطرد على مدى السنوات العشرين المقبلة ليصل إلى نحو 99 مليون برميل يوميا بحلول 2035 وعلى الاستثمارات في الإنتاج الجديد أن تواكب ذلك.

وقال التقرير «في الفترة بين 2011 و2015 إذا تراجع الاستثمار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمقدار الثلث عن مبلغ 100 مليار دولار المطلوب سنويا فقد يواجه المستهلكون ارتفاعا في سعر النفط في الأمد القريب إلى 150 دولارا للبرميل».

ووصلت أسعار النفط إلى مستويات تاريخية مرتفعة هذا العام مع تجاوز متوسط العقود الآجلة لخام برنت والخام الأميركي الخفيف 100 دولار للبرميل ويرجع ذلك جزئيا إلى توقف إنتاج النفط في ليبيا أثناء الحرب الأهلية.

وقال فاتح بيرول، كبير الخبراء الاقتصاديين لدى وكالة الطاقة الدولية، إن أسعار النفط المرتفعة تهدد بتراجع النمو الاقتصادي على مستوى العالم. وأضاف «بلغ متوسط سعر النفط حتى الآن في 2011 نحو 102 دولارا للبرميل وهذا يعني أن التعافي الاقتصادي العالمي يتعرض لمخاطر. نحن في منطقة الخطر بالنسبة للاقتصاد العالمي عند المستويات الحالية». وقال بيرول في مؤتمر صحافي «هناك احتمال بأن يكون نمو الإنتاج في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليس بالمستويات التي يحبذها المستهلكون». وتابع «ربما تصل أسعار النفط بحلول عام 2015 إلى 150 دولارا بالمعدلات الحقيقية وإلى 176 دولارا بالمعدلات الاسمية إذا كانت الاستثمارات منخفضة للغاية».

وقالت الوكالة إن الضغوط قصيرة الأجل على أسعار النفط تتراجع مع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وبدء عودة النفط الليبي إلى السوق بعد أشهر من الحرب لكن من المرجح ارتفاع الأسعار في الأجل الطويل. ورفعت الوكالة توقعها لسعر النفط في 2035 إلى نحو 212 دولارا للبرميل من 204 دولارات قبل عام. وقالت الوكالة إن إنتاج النفط التقليدي سيتراجع تدريجيا إلى نحو 68 مليون برميل يوميا بحلول عام 2035 لتخفض بذلك توقع العام الماضي بمقدار 0.5 مليون برميل يوميا. وقال بيرول «نعتقد أن المشكلة الرئيسية التي تواجه قطاع النفط بجانب النمو الكبير في الطلب تتمثل في تراجع إنتاجية الحقول الحالية. سيتم فقدان ما يعادل 47 مليون برميل يوميا على مدى 25 عاما المقبلة وهذا يعني أن علينا أن نجد ونطور 47 مليون برميل يوميا لنحافظ على مستويات الإنتاج الحالية الآن. علينا أن نجد ونطور شرق أوسطين جديدين.. وهذه مهمة صعبة».

وقالت الوكالة إنها تتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز 1.7 في المائة سنويا إلى 4.75 تريليون متر مكعب بحلول 2035. ورغم ذلك فإن الغاز الوفير على الأمد القصير من مصادر غير تقليدية مثل الغاز الصخري سيواصل الضغط على الأسعار.

وتوقعت الوكالة نمو إمدادات الغاز من المصادر غير التقليدية إلى ما يزيد على 20 في المائة من إجمالي إنتاج الغاز بحلول 2035 من نحو 13 في المائة في 2009. ويعد تقرير الوكالة متماشيا في نواح كثيرة مع مسودة اطلعت عليها «رويترز» الأسبوع الماضي قبل صدوره.

وقال التقرير إن كارثة مفاعل فوكوشيما النووي في اليابان ستؤدي إلى تباطؤ نمو الطاقة النووية، لكن رغم ذلك سيظل الإنتاج العالمي للطاقة النووية يرتفع ليصل إلى 70 في المائة بحلول عام 2035 بقيادة الصين وكوريا والهند.

إلى ذلك، توقعت منظمة أوبك استمرار وفرة إمدادات النفط العالمية في فصل الشتاء بنصف الكرة الشمالي مما سيكبح أسعار النفط مما ينبئ بأن المنظمة لن تجري على الأرجح تغييرات كبيرة على سياسة الإنتاج خلال اجتماع مقرر الشهر المقبل.

وفي تقرير شهري أبقت منظمة البلدان المصدرة للبترول توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط في 2011 و2012 دون تغيير. وخفضت المنظمة توقعاتها للطلب على نحو مطرد هذا العام، معللة ذلك بضعف النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة وجهود الصين والهند لكبح استهلاك الوقود. وقالت أوبك التي يضخ أعضاؤها الـ12 أكثر من ثلث إمدادات النفط العالمية أن تعافي الإنتاج الليبي ونمو إنتاج بحر الشمال سيرفعان إمدادات الخام عالي الجودة في حين أن ضعف الطلب في الدول المتقدمة يبقي المخزونات عند مستويات مرتفعة نسبيا. وقالت أوبك في التقرير الذي يضعه اقتصاديون بمقر الأمانة العامة للمنظمة في فيينا «في ضوء كل تلك التطورات يضمن هذا أن أسواق الخام والمنتجات ستظل تتلقى إمدادات جيدة على مدى موسم الشتاء ما من شأنه أن يحد من أي ضغوط صعودية في الأسعار». وقالت أوبك إن الطلب العالمي على النفط سيزيد 880 ألف برميل يوميا هذا العام 1.19 مليون برميل يوميا أخرى العام المقبل وذلك دون تغيير عن تقريرها الشهري السابق.

وتجتمع أوبك في 14 ديسمبر (كانون الأول) في فيينا لمراجعة سياسة الإنتاج وقال أمينها العام عبد الله البدري في مؤتمر صحافي يوم الثلاثاء بمناسبة إعلان التقرير السنوي لعام 2011 عن آفاق النفط العالمية إنه لا يتوقع أن ترفع المنظمة إنتاجها هذا العام أو العام المقبل. وقال البدري «إذا احتاجت الأسواق فعلا لمزيد من الخام فنحن مستعدون لإمدادها به لكنني لا أعتقد أن أوبك ستنتج أكثر من 30 مليون برميل يوميا بنهاية العام الحالي وربما العام المقبل أيضا».

ويستبعد مسؤولون في أوبك ومحللون أن تخفض المنظمة الإنتاج في وقت تتجاوز فيه الأسعار 100 دولار للبرميل إلا أنه من المحتمل أن يخفض أعضاء بشكل منفرد بعض الإنتاج الإضافي في الأشهر المقبلة لإفساح المجال أمام عودة الإنتاج الليبي.

ورفعت السعودية وحلفاؤها الخليجيون بمنظمة أوبك الإنتاج بشكل منفرد بعدما أخفقوا في إقناع أعضاء آخرين خلال اجتماع أوبك الماضي في يونيو (حزيران) بزيادة منسقة لتعويض توقف الإمدادات الليبية. وقال التقرير نقلا عن مصادر إن أوبك أنتجت 29.98 مليون برميل يوميا في أكتوبر تشرين الأول من دون تغير يذكر عن سبتمبر (أيلول) وجاءت أكبر زيادة من ليبيا بينما تراجع إنتاج السعودية قليلا.

ورفع التقرير تقديراته للطلب على نفط أوبك في 2012 عشرة آلاف برميل يوميا إلى 30 مليون برميل يوميا وهو نفس مستوى إنتاج المنظمة في أكتوبر تقريبا. وأشارت تقديرات أوبك في يونيو إلى فجوة كبيرة بين الإمدادات والطلب في أواخر 2011. وعلى الرغم من أن البدري توقع مزيدا من الانسجام في اجتماع ديسمبر فإن الوزراء قد يجدون أنفسهم في مفاوضات صعبة إذا قرروا إزالة الفجوة بين الإنتاج المستهدف والإمدادات الفعلية.

وباستبعاد العراق الذي لا يخضع لنظام حصص الإنتاج ضخ أعضاء أوبك 27.27 مليون برميل يوميا في أكتوبر بزيادة نحو 2.5 مليون برميل يوميا عن الإنتاج المستهدف الذي اتفقوا عليه في ديسمبر 2008 عند 24.84 مليون برميل يوميا حينما تراجع الطلب بسبب الأزمة الاقتصادية.