بعد إيطاليا واليونان.. أزمة الديون تمتد إلى فرنسا

مددت الحظر على البيع المكشوف بعد المضاربات وارتفاع كلفة تأمين ديونها

TT

ارتفعت كلفة التأمين ضد التخلف عن السداد لسندات الديون السيادية الفرنسية إلى مستوى قياسي أمس بعد توقعات نشرتها المفوضية الأوروبية قالت فيها إن حجم الدين الفرنسي يتجه للارتفاع إلى ما يعادل 92% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2013. وحسب مؤشر شركة «سي إم إيه» في لندن التي تراقب مخاطر الديون في السوق المستقبلية، فإن تأمين عقود سندات الديون السيادية الفرنسية ارتفع بمقدار 8 نقاط مئوية في منتصف نهار أمس إلى 204 نقاط. وقال متحدث باسم شركة «سي إم إيه» لـ«الشرق الأوسط» إن الشركة لا تعلق على المعلومات التي تنشرها ولكن حسب قول خبير استثماري «فرنسا بدأت تدخل في محنة الديون وإذا لم تحل أزمة إيطاليا، فإن السوق ستنظر بعين الشك لكل السندات السيادية الصادرة من منطقة اليورو».

وفي ذات الصعيد نسبت وكالة بلومبيرغ إلى مصرف «جي بي مورغان تشيس أند كو» الأميركي قوله إن كلفة التأمين على ديون الشركات الفرنسية ارتفعت كذلك في سوق تبادل الديون المستقبلية. ويؤشر ذلك إلى أن المستثمرين في سوق السندات ينتابهم الشعور أن قادة اليورو غير قادرين على حل أزمة ديون اليورو التي تتطور بسرعة خارج نطاق القدرة المالية للمؤسسات المالية الأوروبية.

ويذكر أن وزير المالية الفرنسي فرانسوا باروا مدد أمس الحظر على عمليات البيع على المكشوف لعشرة أسهم مالية رئيسية في السوق لمدة ثلاثة أشهر أخرى حسبما أعلنت الوزارة لمنع المضاربات الجامحة على أسهم البنوك، كما فرضت إيطاليا وإسبانيا وبلجيكا أيضا إجراءات حظر مشابهة لعدة أسابيع. وقال باروا، حسبما نقلت وكالة الأنباء الألمانية، إن هيئة الأسواق المالية أشارت في الثالث من الشهر الجاري إلى أن ظروف السوق ليست جيدة لرفع الحظر. وفي البيع على المكشوف، يربح التجار من المراهنة على أن حركة قيمة السهم سوف تنخفض. وتم تحميل هذه الممارسة مسؤولية التسابق على الأسهم المصرفية الفرنسية الصيف الماضي. وتضرر ثاني أكبر مصرف في البلاد «سوسيتيه جنرال» خصوصا، حيث فقدت أسهمه أكثر من نصف قيمتها في غضون أسابيع. وتأتي هذه الخطوة وسط مخاوف السوق مجددا حول إيطاليا، التي ارتفعت تكاليف اقتراضها إلى مستوى قياسي وصل إلى 7.35 في المائة يوم الأربعاء، رغم إعلان رئيس الوزراء سلفيو برلسكوني إنه سيستقيل.

من جهة أخرى قالت المفوضية الأوروبية أمس الخميس إن أوروبا تواجه «خطر ركود جديد»، إذ إنها تتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بمعدل 0.6% فقط في العام القادم مقابل 1.6% هذا العام. وذلك حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية.

فقد انطوى تقرير الخريف للتوقعات الاقتصادية الأوروبية على بيانات قاتمة بالنسبة للاقتصادات المتعثرة في منطقة اليورو مثل اليونان وإيطاليا. ويتوقع التقرير الصادر عن المفوضية الأوروبية نمو اقتصادات الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة بنسبة 0.6% من إجمالي الناتج المحلي خلال العام المقبل في حين يتوقع نمو اقتصادات منطقة اليورو التي تضم 17 دولة بنسبة 0.5% خلال العام المقبل. ويتوقع نمو الاتحاد الأوروبي بنسبة 1.6% ومنطقة اليورو بنسبة 1.5% خلال العام الحالي.

وقال أولي رين مفوض الشؤون النقدية والاقتصادية في الاتحاد الأوروبي إن هناك خطر الدخول في دورة ركود اقتصادي جديدة. مشيرا إلى أنه لا يوجد أي تحسن متوقع في موقف البطالة بالاتحاد الأوروبي ككل. ويذكر أن الاقتصاد يعتبر في حالة ركود إذا سجل انكماشا لمدة فصلين متتاليين.

وتتوقع المفوضية ألا يسجل اقتصاد الاتحاد الأوروبي أي نمو على الإطلاق خلال الربع الأخير من العام الحالي في حين تتوقع أن يسجل اقتصاد منطقة اليورو انكماشا بمعدل 0.1 % من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة نفسها.

في الوقت نفسه تشير التوقعات إلى بقاء معدل البطالة في الاتحاد الأوروبي عند مستوى 10% حتى عام 2013 في حين تشير إلى أن معدل التضخم سوف ينخفض إلى 1.7% العام المقبل مقابل 2.6% العام الحالي.

وقال رين: «أرجوكم لا تهاجموا حامل الرسالة ولا مصدر التوقعات. فأنا أتطلع إلى اليوم الذي أستطيع أن أحضر فيه لإعلان أنباء سارة ولكن حتى الآن فإن الأفق بالنسبة لاقتصاد الاتحاد الأوروبي يبدو قاتما للأسف».

وحذر من أن الأمور سوف تتدهور بصورة أكبر إذا لم تعد ثقة الأسواق في اقتصادات منطقة اليورو بحلول الربيع المقبل أو إذا تباطأت التجارة العالمية.

في الوقت نفسه قالت المفوضية الأوروبية اليوم في تقريرها للتوقعات الاقتصادية في خريف 2011 إن الدين العام اليوناني من المقرر أن يرتفع بشكل صاروخي إلى 198.3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012.

وفي الشأن الإيطالي قالت المفوضية الأوروبية أمس إن إيطاليا ستدخل في مرحلة ركود في الوقت الذي أشار تقريرها للتوقعات الاقتصادية في خريف 2011 إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد سينكمش لربعين سنويين على التوالي.