اتصالات أوروبية على مستوى القادة.. كاميرون في برلين ومونتي في بروكسل وأخرى عبر الهاتف

بهدف تطويق أزمة اليورو وإيجاد حلول للخلافات بين الاقتصاديات الكبرى حول خطط مواجهة أزمة الديون

خيال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال المؤتمر الصحافي الذي عقداه في برلين أمس (إ. ب. أ)
TT

جرت اتصالات مكثفة بين عدة عواصم أوروبية في محاولة لإنهاء خلافات تتعلق بسبل التعامل مع الخطوات الرامية لتطويق أزمة اليورو وضمان عدم انتقال العدوى من اليونان وآيرلندا والبرتغال إلى دول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا وسوف تستمر الاتصالات واللقاءات خلال الأيام القليلة القادمة ففي بروكسل أعلن مكتب رئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبوي أن رئيس الوزراء الإيطالي الجديد ماريو مونتي سيجري مشاورات مع فان رومبوي وعدد آخر من كبار المسؤولين الأوروبيين الثلاثاء المقبل في بروكسل في أول زيارة له خارج إيطاليا بعد توليه مهام منصبة خلفا لسلفيو برلسكوني.

أتي ذلك فيما توجه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس إلى العاصمة الألمانية برلين لإجراء محادثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تتناول ضمن أمور أخرى أزمة الديون في منطقة اليورو. وتأتي في ظل ضغوط تقودها بريطانيا وألمانيا بهدف تحقيق الاستقرار في منطقة اليورو بينما تعتزم إيطاليا واليونان تطبيق خطط تقشف صارمة استجابة لمطالب الاتحاد الأوروبي لمواجهة أزمة الديون الحكومية.

لكن ورغم ذلك ثار الخلاف مؤخرا بين لندن وبرلين حول اقتراحات بفرض ضريبة أوروبية على التحويلات المالية وهو ما رفضته الحكومة البريطانية بشدة إذ وصف وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن هذه الضريبة بأنها انتحار اقتصادي. بينما المستشارة ميركل تضغط من أجل تعزيز منظومة الاتحاد الأوروبي بمنحه صلاحيات أوسع في مجال مراقبة التزام الدول الأعضاء بالمعايير الخاصة بالميزانيات الحكومية.

وقد أبدت ميركل استعداد بلادها لتقديم تنازلات في هذا الشأن إلا أن حكومة كاميرون البريطانية عارضت ذلك أيضا في وقت يسعى فيه كاميرون لاستعادة بعض الصلاحيات من بروكسل بهدف تحقيق ما وصفه بسياسة أوروبية مرنة ومتنوعة.

ومن المقرر أن يقدم رئيس الوزراء الإيطالي الذي يتولى أيضا حقيبة الاقتصاد، الخطوط العريضة لخطته للتغلب على الأزمة المالية التي تواجهها بلاده.

وتتعرض إيطاليا لضغوط أوروبية بغية تحسين أدائها المالي والحد من العجز العام.

وفي نفس الوقت جرى الإعلان عن اتفاق رئيس الحكومة الإيطالي الجديد مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على توثيق التعاون بين بلدانهم الرئيسية في الاتحاد الأوروبي لدعم استقرار منطقة اليورو المالي ونموها الاقتصادي. وذكرت تقارير إعلامية أوروبية أن الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية أجريا مع مونتي «مؤتمرا هاتفيا» أعربا خلاله عن دعمهما التام لتصميمه على المسارعة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمواجهة الأزمة المالية. وأضاف البيان أن الرؤساء الثلاثة تناقشوا بعمق الأوضاع الاقتصادية والمالية في منطقة اليورو واتفقوا على الحاجة لتسريع تطبيق التدابير التي تقررت على مستوى الاتحاد الأوروبي وفي منطقة اليورو وخلال قمة مجموعة الـ20 الأخيرة في كان والرامية إلى ضمان الاستقرار ودفع عجلة النمو في المنطقة.

وأشارت التقارير إلى أن مونتي الذي أحاط الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية ببرنامجه لاستعادة ثقة الأسواق ومواجهة الوضع الاقتصادي الذي تمر به إيطاليا أكد تصميمه القوي لاعتماد التدابير التي تقررت لضمان التوازن الضريبي وتطبيق الإصلاحات الهيكلية من أجل إطلاق النمو في إطار العدالة الاجتماعية. وأشار في هذا الصدد إلى أن الزعماء الثلاثة أكدوا أن إيطاليا وألمانيا وفرنسا البلدان المؤسسة وصاحبة أهم اقتصادات منطقة اليورو عاقدة العزم على تحمل مسؤولياتها المشتركة لصالح الاستقرار والرخاء في منطقة اليورو وتقويتها داخل الاتحاد الأوروبي.

ويرى البعض من المراقبين أنه رغم الطبيعة الودية المتوقعة لهذا الاجتماع فإنه لن يخفي حجم الخلافات الجدية بين البلدين حول مستقبل الاتحاد الأوروبي وطبيعة التكامل الاقتصادي والسياسي بين دوله إذ إن الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم في ألمانيا يطالب بتعديل معاهدة لشبونة لتحقيق المزيد من التكامل الاقتصادي بين دول منطقة اليورو. وأقر كبار قادة الحزب الألماني الحاكم بأن الدول الأعضاء الـ27 قد لا توافق كلها على تعديل المعاهدة مما يعني ضرورة الحصول فقط على موافقة دول منطقة اليورو التي لا تضم بريطانيا.

وفي ظل هذه التطورات حذر رئيس البنك المركزي الأوروبي الجديد ماريو دراغي، دول منطقة اليورو من فقدان الثقة، خلال بذل الجهود اللازمة للخروج من أزمة الديون التي تشهدها المنطقة.

وقال دراغي في مؤتمر اقتصادي عقد في مدينة فرانكفورت، إنه «من الممكن فقدان الثقة بسرعة فيما استعادتها تتطلب بذل جهود اقتصادية واجتماعية كبيرة» في إشارة إلى ضرورة أن تحظى القرارات السياسية لدول منطقة اليورو بثقة أسواق المال والقطاعات الاقتصادية الأوروبية والعالمية. وتتزامن تحذيرات رئيس البنك المركزي الأوروبي هذه مع الأصوات المطالبة بتدخل البنك في إنقاذ الدول المتعثرة من أزمتها المالية لا سيما بعد امتداد الأزمة إلى إيطاليا التي تحتضن ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو.

وترى هذه الأصوات أن البنك المركزي الأوروبي هو المرجعية المالية الوحيدة القادرة على تهدئة أسواق المال على المدى البعيد وذلك من خلال شراء غالبية السندات الإيطالية الحكومية وسندات دول أخرى متعثرة على رأسها اليونان الأمر الذي رفضته الحكومة الألمانية والبنك المركزي الألماني.

وناشد دراغي زعماء دول اليورو المضي قدما في تطبيق قرارات القمة الأوروبية الأخيرة التي عقدت بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في العاصمة البلجيكية بروكسل وعدم الانتظار أكثر من أجل تطبيق القرارات المتفق عليها. وعلى صعيد الإصلاحات التي صادق عليها البرلمان الإيطالي مؤخرا طالب دراغي رئيس حكومة الإنقاذ الإيطالية ماريو مونتي بتطبيق هذه القرارات من أجل منع وصول أزمة الديون إلى إيطاليا.