شواريس كومار: الشركات الأميركية لديها الرغبة والتقنية للمساهمة بفعالية في التحول السعودي نحو الاقتصاد المعرفي

مساعد وزير التجارة الأميركي لـ «الشرق الأوسط»: أميركا تتجه للنمو عبر زيادة الصادرات

مساعد وزير التجارة الأميركي سواريس كومار
TT

وصف مساعد وزير التجارة الأميركي شواريس كومار العلاقات السعودية - الأميركية بأنها قوية ومتميزة، وقال في لقاء مع «الشرق الأوسط» في لندن: «لدى الولايات المتحدة الأميركية دائما علاقات قوية ومتميزة مع المملكة العربية السعودية». وأشار إلى أن السعودية ترغب في التحول إلى الاقتصاد المعرفي المبني على تقنية المعلومات ولدى الشركات الأميركية التقنية والرغبة الحقيقية في المساهمة في هذا التحول.

وقال كومار: لقد قدت، قبل 3 أو 4 أشهر، بعثة تجارية إلى المملكة، وأجريت محادثات مع نظيري هنالك، وكانت محادثات موسعة شملت عدة مجالات تجارية، خاصة الجوانب المتعلقة بالاقتصاد المعرفي وتقنية المعلومات. وأضاف: «تعلم أن المملكة ترغب في تنويع اقتصادها ومصادر دخلها بعيدا عن النفط والغاز، ولديها الرغبة في بناء اقتصاد مبني على المعرفة وتقنية المعلومات، والشركات الأميركية لديها التقنية والخبرات والرغبة في الاشتراك مع نظيراتها السعودية في عملية التحول الاقتصادي في السعودية ونقله إلى ما وراء الاعتماد على النفط والغاز الطبيعي». وأشار إلى أن الشركات الأميركية تلعب الآن دورا رئيسيا في الكثير من المشاريع السعودية الخاصة باقتصاد المعرفة، من بين هذه المشاريع: جامعة الملك فيصل والمدن الاقتصادية الأخرى. وقال: لا نزال نرى الطلب يتزايد في هذا المجال، وهنالك الكثير من الفعاليات التجارية بين الأعمال التجارية الأميركية والسعودية، ومثال على ذلك فإن منتدى رجال الأعمال السعودي - الأميركي سيُعقد الشهر المقبل في مدينة أتلانتا الأميركية. وسيحضر هذا المنتدى بين 300 و500 رجل أعمال سعودي سيلتقون نظراءهم الأميركيين، وذلك إضافة إلى الوكالات الأميركية الخاصة بتطوير التجارة الأميركية والمؤسسات الفيدرالية، وسيتداول رجال الأعمال من الطرفين، خلال 3 أيام، حول تقوية الروابط التجارية والمشاريع المشتركة وتفعيل الأعمال التجارية. وقال إنه سيخاطب هذا المنتدى.

وتعتبر سوق تقنية المعلومات في السعودية الكبرى في منطقة الخليج. ويلاحظ أن هنالك اهتماما خاصا من قبل الشركات الأميركية والسعودية في التعاون في مجالات تقنية المعلومات. وحسب المعلومات الرسمية السعودية فإن الإنفاق على تقنية المعلومات في السعودية بلغ 6 مليارات دولار في عام 2009، ومن المتوقع أن ينمو إلى 9.8 مليار دولار بحلول عام 2013. ويلاحظ أن 14 شركة أميركية شاركت في البعثة التجارية الأميركية إلى السعودية التي قادها كومار في بداية أبريل (نيسان) الماضي، على رأسها شركة «بوينغ» لصناعة الطائرات و«ياهو» واستهدفت سوق التقنية.

وحول الوسائل الكفيلة بزيادة حجم التجارة بين أميركا والسعودية، قال كومار: إن لدينا علاقات تجارية قوية مع السعودية، وهنالك رغبة أميركية وسعودية في تطوير العلاقات التجارية، وهذه الرغبة لا تأتي من الجهات الرسمية فقط، لكنها من شركات القطاع الخاص في البلدين، وما نرغب فيه هو استفادة قطاع الأعمال التجارية في السعودية من حلقة الربط والخدمات المتوافرة لقطاع الأعمال التجارية الأميركية؛ حيث إن لدينا شبكة ربط وخدمات تجارية كبيرة.

وحسب إحصاءات وزارة التجارة الأميركية، بلغت الصادرات الأميركية إلى السعودية في الـ9 أشهر الأولى من العام الحالي حتى نهاية سبتمبر (أيلول) 9.6879 مليار دولار، وذلك مقابل واردات أميركية من السعودية بلغت 34.7228 مليار دولار. وبلغت صادرات المملكة إلى أميركا في العام الماضي 31.4128 مليار دولار، وبلغت وارداتها 11.5563 مليار دولار. وهذه الأرقام تعني أن هنالك زيادة واضحة في حجم التبادل التجاري بين البلدين، كما تترجم رجحان كفة الميزان التجاري لصالح السعودية، لكن يجب الأخذ في الاعتبار واردات أميركا من النفط السعودي. وحسب تقديرات مصلحة الطاقة الأميركية، فإن الولايات المتحدة تستورد أكثر قليلا من مليون برميل يوميا.

وحول النشاط التجاري الأميركي في دول الربيع العربي، أشار كومار إلى أن هنالك رغبة كبيرة من قبل الحكومة الأميركية والشركات الأميركية في تطوير العلاقات التجارية مع دول المغرب العربي ومصر، وأن هنالك الكثير من المشاريع التي يمكن للشركات الأميركية المساهمة في تنفيذها في دول المغرب العربي. وقال: «لقد كان لي الشرف بزيارة المنطقة العربية.. إن أميركا ملتزمة بشكل كبير تجاه تطوير العلاقات التجارية مع المنطقة العربية وتواصل التزامها في هذا الاتجاه، وقد قمت بزيارة المغرب العربي؛ حيث زرت تونس بعد أسبوع من إعلان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون (أن أميركا سترسل بعثة تجارية إلى هنالك)، وقدت هذه البعثة ومن ثم توجهت إلى المغرب».

وأضاف كومار: أعتقد أن المواطنين في تلك المنطقة لديهم الرغبة في الحصول على وظائف، وأن هنالك رغبة لدى الشركات الأميركية في إدخال بضائعها إلى هذه الأسواق وخلق الفرص التجارية والوظائف. وأضاف أن هنالك مجالات محددة جذبت اهتمام الشركات الأميركية. وقال في هذا الصدد: «رأينا بعض الفرص في تونس والمغرب، التي تقع بالقرب من أوروبا». ومن هذه الفرص: تطوير مشاريع الطاقة المتجددة التي تحتاج إليها أوروبا بشدة. وقال: إن الشركات الأميركية تملك التقنية التي تمكن كلا من تونس والمغرب من تطوير الطاقة المتجددة. وقال: إن الولايات المتحدة والشركات الأميركية مهتمة بتنمية علاقاتها التجارية، وترجم هذا في البعثة التجارية إلى تونس التي ضمت السيناتور جون ماكين والسيناتور جون كيري ومجموعة من الوكالات التي تخدم التجارة الأميركية ومجموعة من المؤسسات الاستثمارية.

وحول العلاقات التجارية الأميركية مع مصر قال كومار: إن لدينا الكثير من النشاطات في مصر. وقبل الربيع العربي، كانت هنالك نشاطات خاصة في مجال الطاقة المتجددة، وعقد في واشنطن منتدى أعمال مصري ضم ما بين 500 و600 رجل أعمال مصري للتعرف على الفرص المتوافرة وتحديدها. وتعمل الولايات المتحدة على تطوير علاقاتها التجارية مع مصر عبر ورش العمل الكثيرة التي تخطط لإنشائها خلال الفترة المقبلة، وكذلك عبر منتديات الأعمال التجارية المشتركة والبعثات التجارية وربط قطاع الأعمال في البلدين.

وحول اتفاقية منطقة الشراكة التجارية بين أميركا ودول المحيط الباسفيكي وآسيا، التي وقعها الرئيس باراك أوباما الأسبوع الماضي، قال مساعد وزير التجارة الأميركي: «إنها اتفاقية متميزة كما رغب فيها؛ حيث وضعت الأسس لمجموعة من المبادئ الواسعة في التجارة تتضمن مبادئ حرية التجارة وإلغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية واحترام حقوق الملكية الفكرية. وهي اتفاقية في جوهرها تضع مجموعة من الترتيبات التجارية الشاملة التي تمكن دولا كثيرة من المتاجرة مع بعضها بدلا من الاتفاقات الثنائية. وقال: أعتقد أنها منظور عظيم وجهد رائع يستحق الثناء؛ لأنك لا تحتاج معه إلى اتفاقيات فردية للتفاوض مع كل دولة وحدها، لكنه منظور تجاري واحد لعدة دول، وهنالك 9 دول وقعت على اتفاقية الشراكة التجارية. يُذكر أن الرئيس باراك أوباما كان قد أعلن في مايو (أيار) الماضي عن هذه المبادرة التجارية ضمن مجموعة من الاستراتيجيات التجارية.

لكن ما الذي تفعله أميركا لتطوير التجارة؟ قال كومار: لقد أعلن الرئيس باراك أوباما مبادرة التجارة القومية قبل 20 شهرا، وقال: إن أهداف الرئيس واضحة، وهي مضاعفة التجارة في 5 سنوات، وبالتالي خلق مليوني وظيفة في أميركا في هذه المدة ودعم مليوني وظيفة أخرى وخلق عدة ملايين من الوظائف في أنحاء العالم. وأضاف: بعد 20 شهرا من المبادرة، فقد نمت الصادرات بمعدل يتراوح بين 50 و70%. ومن ناحية خلق الوظائف، قال مساعد الوزير: كنا نتمنى أن نحقق نجاحا أفضل؛ لأن معدل البطالة ما دام يتراوح بين 9 و9.1%، من الواضح أن هذا المعدل يشكل تحديا. وقال إن الوزارة تعمل على تحقيق أهداف مبادرة الرئيس عبر وسيلتين، الأولى الخدمات التجارية الداخلية في 109 مدن في أنحاء الولايات المتحدة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن الوظائف تخلق في الشارع الأميركي وليس في «وول ستريت» أو واشنطن العاصمة. والوسيلة الثانية هي الخدمات التجارية الخارجية عبر موظفي التجارة والبعثات؛ حيث إن لدينا 1050 موظفا في 79 دولة. وهذه الخدمات التجارية الخارجية تقوم بربط الأعمال التجارية الأميركية مع شركائهم في أنحاء العالم. وقال: عبر هذه الشبكة نقوم بفتح الفرص أمام الشركات الأميركية وتوسيع أعمالها وبالتالي خلق الوظائف؛ لأن الحكومات لا تخلق الوظائف بقدر ما تعتمد السياسات وتخلق البيئة الصالحة لنمو الأعمال التجارية وخلق الوظائف. وأشار في هذا الصدد إلى النمو الكبير في عدد البعثات التجارية الأميركية إلى الأسواق الخارجية، وكذلك نمو عدد الشركات التي شاركت في هذه البعثات التجارية. وقال: إن عدد الشركات الأميركية المشتركة في البعثات التجارية نما بمعدل 300%، وذلك إضافة إلى عدد المشترين للبضائع الأميركية الذين يزورون الولايات المتحدة. وقال: إن وزارة التجارة تساعد 20 ألف شركة أميركية على تسويق بضائعها.

وحول ما إذا كانت هذه النجاحات المتحققة في قطاع الصادرات تعني أن أميركا تتجه نحو النمو عبر زيادة الصادرات قال كومار: بالتأكيد. وأشار في هذا الصدد إلى أن أكثر من 50% من النمو المتحقق في الاقتصاد عام 2010، البالغ 2.9%، كان بسبب الصادرات. وقال: إن الصادرات الأميركية ارتفعت بمعدل 11.2% في عام 2009 و12.5% في عام 2010. وتعتمد أميركا في دفع صادراتها عبر مبادئ لخصها كومار في مبدأين هما: المنافسة العادلة وحرية التجارة.