وزير المالية السعودي: إيرادات ومصروفات الميزانية المقبلة أكثر من المتوقع

دعا الأوروبيين إلى طمأنة الأسواق العالمية والتصدي لأزمتهم

وزير المالية السعودي خلال حديثه أمس في حوار الطاقة بالرياض (تصوير: خالد الخميس)
TT

شدد وزير المالية السعودي الدكتور إبراهيم العساف على أن إيرادات الميزانية العامة للدولة المقبلة ستكون أكثر من المتوقع، مشيرا إلى أن المصروفات هي الأخرى ستكون أكثر من المتوقع، مؤكدا أن برنامج الاستثمارات الضخمة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين وخصص لها خلال الميزانية العام الماضي 400 مليار ريال سيستمر.

ولفت العساف إلى أن الاقتصاد السعودي قادر على التصدي لرياح الأزمة المالية العالمية، دون الرجوع إلى الاحتياطيات، مبينا أن إيرادات الدولة ومداخيلها كافية لتحيد صناع القرار عن اللجوء إلى الاحتياطيات.

وعن مستوى ضخ الاستثمارات في المدن الصناعية، قال وزير المالية إنها دون المستوى المتوقع، كاشفا في ذات الوقت عن توجه لإيجاد خطط لتعزيز الاستثمارات في هذه المدن.

وأرجع العساف خلال نقاش دار في الجلسة الأخيرة لليوم الثاني من فعاليات ندوة حوار الطاقة الأول في الرياض البارحة، تأخر تنفيذ بعض مشاريع البنى التحتية، إلى صعوبات يتعرض لها القطاع الخاص، مؤكدا أن الحكومة ماضية في تنفيذ مشاريعها، وإن كان سيرها ببطء.

وقال العساف إن تنفيذ المشاريع يسير بثبات، إلا أن هناك صعوبات يتعرض لها القطاع الخاص ومن بينها الأزمات المالية العالمية، مشيرا إلى أن الحكومة حريصة على إشراك القطاع الخاص، وأنها تسعى لإيجاد مبادرات لتطور العمل المشترك بينها ومنشآت القطاع الخاص.

وقال: «المملكة وعلى الرغم من الأزمات المالية العالمية الحرجة، حققت نسب نمو جيدة وحافظت عليها، كما استمرت في إنشاء مشاريع ضخمة ومهمة والتي من خلالها أيضا دعمت القطاع الخاص، مبينا أنها في تلك الفترة خفضت الدين حتى وصل إلى صفر، واستطاعت أن تبني احتياطيات مالية، على رغم انخفاض أسعار النفط في عام 2009».

إلى ذلك جدد وزير المالية السعودي مخاوفه من استمرار أزمة الديون الأوروبية، واصفا تلك الأزمة تمثل التحدي الرئيسي لنمو الاقتصاد العالمي إضافة إلى تمدد آثارها، مؤكدا أن اليوم يعيش العالم مخاطر مضاعفة عما كانت عليه في عام 2008، مؤكدا أن تشديد شروط السيولة بدأ يطفو على السطح في الصعيد العالمي.

وأضاف الدكتور إبراهيم العساف أن الشكوك وانعدام الثقة بدأت تؤثر على جميع بلدان العالم بحلول الأزمة في أوروبا مما أدى إلى تباطؤ اقتصادي أكثر عمومية، وقال إن السعودية قد تمكنت من الصمود بشكل أفضل من الرياح المعاكسة للأزمة من بدايتها، مؤكدا أن المملكة تملك الوسائل للتعامل مع أي تحديات جديدة.

وأشار إلى أنه لم يكن يتصور منذ سنوات قليلة أن الاتحاد الأوروبي القوي سيبحث عن تمويل أو مساعدة من دول مثل الصين والبرازيل أو روسيا، أو أن دولة مثل إيطاليا كبيرة ومهمة تخضع للمراقبة من قبل برنامج الإصلاح الاقتصادي لصندوق النقد الدولي، فمع تأثير الأزمة المالية، بات الإصلاح أمرا بالغ الأهمية، وينبغي على الجميع أن يتبناه. وزاد العساف الذي كان يتحدث خلال جلسة حوار الطاقة المنعقد حاليا في السعودية، «على الرغم من أن المهمة صعبة للغاية فالدين إلى الناتج المحلي الإجمالي يجب أن تكون نسبه مخفضة».

وأضاف: «من الدروس المستفادة من الأزمة أن على الاتحاد الأوروبي أن يملك الحصافة المالية والوحدة حتى يتمكن أن يحدث الخطوة المطلوبة لمتابعة الوحدة النقدية. يجب أن يتم إصلاح السوق المالية سواء كان ذلك على مستوى تجارة المشتقات المالية، أو تنظيم أفضل لصناديق التحوط، فضلا عن وكالات التصنيف»، وقال إن السيولة والثقة تسيران جنبا إلى جنب مع البنوك المركزية للحفاظ على مرونتها واليقظة من الأسواق، ورسم سياسة يكون لها ردود فعالة وفورية.

وقال إن ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي الجديد أمامه عدد من التحديات والمهام الصعبة، ونأمل أن يكون قادرا على التعامل مع هذه التحديات، لافتا إلى أن هناك العديد من الطرق، في الوقت الذي تعتبر فيه الأسواق الأوروبية تملك الرد بشكل أسرع بكثير من الحكومات، وهو أمر بالغ الصعوبة أن نبقى على اطلاع، ولكن لا بد من القيام به.

وينبغي على الاقتصادات الناشئة والنامية فضلا عن تلك التي تأثرت بشكل أقل بمخاطر في الهبوط أن لا تتهاون، كما أن الإصلاح هو ضرورة للجميع، تم تغيير النظرة إلى المخاطر بأسرع عالم الخالية من المخاطرة، وأن يتم تقييم ذلك باستمرار.

وشدد على أنه ومن خلال تجربة السنوات الثلاث الماضية لا بد من أن تتغير السياسات الاقتصادية الكلية والهيكلية على مستويات متعددة الأطراف والقطرية، إضافة إلى إدارة الاقتصاد الكلي في الاقتصاديات المتقدمة، سواء كان ذلك في حجم الدين العام، أو من الاختلالات الداخلية والخارجية، والتي يجب أن تتغير بشكل جذري، وإلا فستكون غير قادرة على مواجهة التجاوزات والاختلالات، كما أظهرت الأسواق في حالة اليونان ومؤخرا إيطاليا وإسبانيا.

ودعا كل بلدان العالم إلى النظر في خيارات السياسات الخاصة بها محددة، بعد التنسيق والتعاون والتي لا تقل أهمية، خاصة بين الاقتصادات الرئيسية. وقال: نحن بحاجة إلى سياسات اقتصاد كلي أكثر انضباطا، وعدم الانضباط في عدد من البلدان أدى إلى تراكم الاختلالات الخارجية التي لا يمكن تحملها قبل الأزمة المالية. ولفت إلى أهمية الحاجة لمعالجة الاختلالات الاجتماعية بين التوقعات وقدرة صانعي القرار.

وبين أن دور السعودية تواصل العمل مع الشركاء في مجموعة العشرين بشكل عميق، وتعمل على مستوى واحد، في الوقت الذي لم تهمل فيه الدور الاقتصادي في المنطقة، حيث لا تزال المملكة تلعب دورها كقوة استقرار في سوق النفط العالمية. وأكد أنه من الضروري أن يلاحظ أن التزام المملكة كان مطمئنا أكثر في وقت كانت فيه الأسواق المالية تتعرض لضغوط وأسواق النفط المتقلبة، مشيرا إلى أن صندوق النقد الدولي اعترف بالدور الهام الذي تضطلع به السعودية في استقرار مستويات إنتاج النفط في تقريرها الذي نشر مؤخرا التقرير الموحد المتعدد.

وبين أنه وبفضل جهود الزملاء في وزارة البترول والثروة المعدنية، ومنتدى الطاقة الدولي، ونتيجة لنجاح المبادرة المشتركة في البيانات المنظمات على النفط، والتي وفرت المزيد من الشفافية في إمدادات النفط ومعلومات عن الطلب، قررت مجموعة العشرين إنشاء قاعدة بيانات «جودي» للغاز على طول نفس المبادئ من «جودي» النفطية، كما قررت الشروع في عملية مماثلة للسلع الزراعية.

وأشار إلى أنه من ناحية أخرى، أدى برنامج المملكة الاستثماري، والذي يعد واحدا من أكبر الاستثمارات في دول مجموعة العشرين كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، أعطى فوائد واضحة للاقتصاد السعودي، حيث إنه في ذروة الأزمة المالية لعام 2009، كانت السعودية من بين عدد قليل من الاقتصاديات العشرين التي سجلت إيجابية في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وإن كانت منخفضة بالمقارنة مع النمو، وعلاوة على ذلك ونتيجة لهذا البرنامج الاستثماري، هناك العديد من الآثار الإيجابية غير المباشرة على الاقتصادات الإقليمية والعالمية من خلال قنوات التجارة والتحويلات.

وبين أن واردات السلع نمت بنسبة 40 في المائة في العامين الماضيين، كشاهد على حالة الاقتصاد المحلي.

=