أزمة الديون تصل إلى قلب «اليورو».. ومخاوف من «السكتة»

الفوائد على السندات في منطقة الخطر

رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي ورئيس المجلس الأوروبي فان رومبوي في بروكسل (رويترز)
TT

واجه زعماء أوروبا، الذين يعانون من انقسامات شديدة، إشارات متزايدة يوم الاثنين الماضي على أن أزمة الديون قد بدأت تتجه نحو قلب منطقة اليورو، حيث حذرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني من أن فرنسا تواجه فقدان تصنيفها الممتاز (AAA)، وهو ما كان أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى انخفاض العديد من المؤشرات الرئيسية في أوروبا بنسبة تتجاوز 3 في المائة.

وصرحت الوكالة بأن ارتفاع تكاليف الاقتراض والتوقعات المتردية للوضع الاقتصادي يضغطان على الجدارة الائتمانية لفرنسا. ولم تغير وكالة موديز تصنيف فرنسا حتى الآن، شأنها في ذلك شأن غيرها من كبرى وكالات التصنيف، بيد أنها قد حذرت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي من أنها قد تعيد النظر في ذلك التصنيف.

وقال أولي رين، المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والنقدية، يوم الاثنين الماضي: «وصلت الأزمة إلى قلب منطقة اليورو، ويجب أن نتخلص من أوهامنا حيال ذلك». ومن شأن فقدان فرنسا لتصنيفها الممتاز أن يؤدي إلى آثار كبيرة سوف تتجاوز التأثير على باريس وحدها، حيث سيعد ذلك بمثابة إشارة على أن الأزمة قد امتدت إلى الأعضاء الأساسيين في منطقة اليورو، وأنه لم يعد من الممكن السيطرة على الآثار القادمة من الدول البعيدة عن المركز مثل اليونان والبرتغال وآيرلندا.

وتعاني كل من إسبانيا وإيطاليا أيضا من ارتفاع تكاليف الاقتراض بشكل كبير، حيث ارتفعت العوائد على السندات الإسبانية أجل 10 سنوات بـ0.20 نقطة مئوية، لتصل إلى 6.513 في المائة يوم الاثنين، في حين ارتفعت العوائد على السندات الإيطالية أجل 10 سنوات بـ0.16 نقطة مئوية لتصل إلى 6.64 في المائة. وعلى النقيض من ذلك، وصلت العوائد على السندات الألمانية أجل 10 سنوات إلى 1.913 في المائة.

وبالإضافة إلى ذلك، سيكون فقدان فرنسا لتصنيفها الائتماني المتميز بمثابة ضربة قوية للجهود المبذولة لإنشاء صندوق إنقاذ منطقة اليورو أو ما يسمى بمرفق الاستقرار المالي الأوروبي بقيمة تصل إلى نحو 1.35 تريليون دولار.

ومع الوضع في الاعتبار أن الحكومة الفرنسية تقدم ضمانات كبيرة للصندوق - 158 مليار يورو - فإن تخفيض التصنيف الائتماني لفرنسا قد يجعل زعماء منطقة اليورو يتخلون عن فكرة ضخ تلك الأموال في الصندوق لشراء سندات البلدان المضطربة، والتحول إلى مجموعة من المقترحات الأكثر راديكالية. وفي هذه الأثناء، يحاول صناع السياسة الأوروبية المضي قدما في الصفقة التي توصلوا إليها في أواخر الشهر الماضي، والتي تدعو الصندوق إلى تحمل الديون وشراء السندات وشطب 50 في المائة من الديون اليونانية.

وعلى الرغم من أن اليونان تحتاج لمساعدات دولية بقيمة 8 مليارات يورو الشهر المقبل لتجنب الإفلاس، أعلن لوكاس باباديموس، رئيس الوزراء اليوناني الجديد، بعد محادثات يوم الاثنين الماضي في بروكسل أنه لا يزال يسعى للحصول على ضمانات خطية من جانب السياسيين البارزين في اليونان لدعم تدابير التقشف الإضافية. وكان أعضاء منطقة اليورو قد طالبوا بهذه التعهدات في مقابل التوقيع رسميا على أي أموال جديدة. ومن جهته، رفض أنطونيوس ساماراس، وهو رئيس حزب الديمقراطية الجديدة، هذا الطلب، واصفا إياه بأنه إذلال لليونان.

وقال باباديموس إن التعهد الذي طالبت به منطقة اليورو كان «ضروريا للقضاء على الشكوك والغموض بشأن الإجراءات التي يتعين اتخاذها في المستقبل من جانب الأطراف الموجودة في السلطة». وتطرق باباديموس إلى الآمال اليونانية في استعادة أموالها، قائلا إن «المهمة التي تنتظرنا تتسم بصعوبة استثنائية».

وفي الوقت الذي ترفض فيه ألمانيا الدعوات التي تطالب البنك المركزي الأوروبي بأن يلعب دورا مباشرا في حماية إسبانيا وإيطاليا عن طريق شراء سندات كلا البلدين، عادت الضغوط لكي تسمح للبنك المركزي بالمساعدة في تمويل صندوق الإنقاذ، وهو ما يسمح للصندوق بالتدخل في سوق السندات.

وتظهر مسودات دراسة الجدوى التي من المفترض أن تصدرها المفوضية الأوروبية خلال الأسبوع الجاري حول السندات والأوراق المالية في منطقة اليورو والتي من شأنها أن تكون مدعومة من قبل جميع الدول التي تستخدم اليورو في الاتحاد الأوروبي والتي يصل عددها إلى 17 دولة، تظهر أنه لكي تكون السندات فعالة، فإنه يجب تغيير المعاهدة التأسيسية للاتحاد الأوروبي - وهي عملية سوف تستغرق وقتا طويلا ومن الممكن أن يتم الاعتراض عليها من قبل أي دولة.

وتؤكد المسودة أن المشروع «يتطلب تقدما حاسما وفوريا في عملية التكامل الاقتصادي والمالي والسياسي داخل منطقة اليورو».

وحددت الورقة ثلاثة طرق ممكنة، بما في ذلك الاقتراح الأكثر راديكالية وهو أن تقوم كافة البلدان معا بتقديم «عدة» ضمانات تغطي جميع ديون منطقة اليورو، ولكن الخيار الآخر والذي من شأنه أن يوفر مزايا أقل «يبدو ممكنا من دون عمل تغييرات كبيرة في المعاهدة، وبالتالي سيكون التأخير أقل نسبيا في علمية التنفيذ».

وفي إطار هذا النهج، فإن السندات التي سيتم استخدامها بصورة جزئية من جانب دول فردية سوف يتم دعمها من خلال ضمانات من الدول الأعضاء في منطقة اليورو.

وقالت الوثيقة: «إن النهج الذي يتعلق باستقرار السندات سوف يفي بمزايا أقل من الإصدار المشترك، ولكنه يتطلب أيضا الإيفاء بعدد أقل من الشروط المسبقة».

ونقلت وكالة رويترز عن ستيفن سيبرت، الناطق الرسمي باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، قوله إن الحكومة الألمانية قد اعترضت على ذلك، ولكن «المستشارة الألمانية والحكومة الألمانية لا يتفقان مع الاعتقاد السائد بأن سندات منطقة اليورو سوف تكون نوعا من العلاج الشافي لأزمة الديون الآن».

وفي بروكسل، قال خوسيه مانويل باروسو، رئيس المفوضية الأوروبية، إنه من غير المتوقع أن تقدم سندات اليورو حلا قصير الأجل لهذه المشكلة، وأضاف: «نعتقد أنه عندما يكون هناك مستوى مناسب من التكامل والانضباط، فمن المنطقي أن يكون هناك نوع من السندات المستقرة في أوروبا».

* كتب التقرير ستيفن كاستل من بروكسل، وديفيد جولي من باريس