71% من الأوروبيين غير متفائلين بقرب حل الأزمة المالية

مع تزايد المخاوف العالمية من خروجها عن السيطرة

جانب من البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت (رويترز)
TT

انطلقت الثلاثاء في بروكسل اجتماعات وزارية أوروبية، تبحث في الأوضاع المالية والاقتصادية الراهنة وطرق معالجة أزمة الديون السيادية، والتحضير لقمة قادة أوروبا المقررة في التاسع من الشهر المقبل، وبالتزامن مع وصول وزراء المال في دول مجموعة اليورو التي تضم 17 دولة تتعامل بالعملة الأوروبية الموحدة، للاجتماع في بروكسل بعد ظهر أمس - أظهر استفتاء نشرته المفوضية الأوروبية أن 71 في المائة من مواطني دول الاتحاد الأوروبي غير متفائلين بقرب حل الأزمة الاقتصادية الأوروبية. وكشف الاستفتاء عن أن أغلب المواطنين الأوروبيين الذين أخذت آراؤهم يشعرون بأن الأداء الاقتصادي للاتحاد الأوروبي تراجع مؤخرا، مستشهدين بذلك على زيادة معدل الفقر في دول الاتحاد.

كما أعرب أغلب من أدلوا بآرائهم عن ثقتهم بأنهم لن يطردوا من وظائفهم، كما كشف الاستفتاء أن 60 في المائة يريدون تغيير وظائفهم والانتقال إلى مجالات وظيفية أخرى. وذكر الاستفتاء أن المواطنين الإسبان هم الأكثر قلقا على مستقبلهم الوظيفي، حيث إن 72 في المائة منهم خائفون من فقد وظائفهم، يليهم المواطنون اليونانيون، حيث أظهر الاستفتاء أن 63 في المائة منهم قلقون من فقد وظائفهم ويليهم المواطنون الليتوانيون بنحو 61 في المائة. وحسب ما جرى الإعلان عنه في بروكسل، خصص اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو أمس الثلاثاء حول إذا ما كانت شروط تسليم اليونان الجزء السادس من حزمة المساعدات قد استوفيت، بعد تعهد أثينا كتابيا بتطبيق خطة التقشف المطلوبة من قبل الاتحاد الأوروبي. والجزء السادس من حزمة المساعدات الأولى قيمته ثمانية مليار يورو. ويعتبر تسلم اليونان لهذه المساعدات أمرا حيويا لكي تقدر في ديسمبر-كانون أول المقبل على سداد معاشات ورواتب القطاع العام، كما يبحث الوزراء في حصول كل من آيرلندا والبرتغال على مساعدات مالية جديدة في إطار اتفاق سابق مع كل طرف منهما، بعد طلب مساعدات من المفوضية الأوروبية إثر انتقال عدوى أزمة الديون السيادية إليهما. وناقش الوزراء أيضا تعزيز الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي لتصل قيمته إلى تريليون يورو أمام قيمته الحالية (440 مليار يورو)، وذلك في ظل تنامي الضغوط من قبل الأسواق على دول مثل إسبانيا وإيطاليا. ودرس الوزراء أيضا في اجتماعهم تقرير بعثة مراقبة المفوضية الأوروبية لإيطاليا عقب رحيل رئيس الوزراء سلفيو برلسكوني وتولي المفوض الأوروبي السابق ماريو مونتي للمنصب، ومن المنتظر أن تتوسع الاجتماعات في اليوم الثاني (الأربعاء) لتشمل وزراء المال في الدول الـ27 الأعضاء في التكتل الموحد لبحث الأوضاع الاقتصادية والمالية بشكل عام في التكتل الأوروبي الموحد والإعداد لمجموعة من الإجراءات والتدابير المقرر أن تعتمدها القمة الأوروبية المقررة في التاسع من الشهر المقبل. من جانبه، دعم نائب رئيس المفوضية الأوروبية أنطونيو تاجاني الثلاثاء مقترح رئيس الحكومة الإسبانية المنتخب ماريانو راخوي بإنشاء نموذج جديد للعمل يتضمن سلسلة من الإصلاحات لضمان تقوية عملية تدويل الشركات الصغيرة والمتوسطة الإسبانية. وجاءت تصريحات تاجاني عقب اجتماعه لمدة ساعة مع راخوي في مقر الحزب الشعبي بمدريد، حيث تحدث الطرفان عن المستقبل الاقتصادي لمنطقة اليورو في ظل تنامي ضغط الأسواق والدور الذي يجب على البنك المركزي الأوروبي أن يقوم به. وأبدا الطرفان خلال الاجتماع رغبتهما في أن يكون للمركزي الأوروبي دور أكبر في تصميم عملية الحكم الاقتصادي الرشيد. وأوضح تاجاني موقفه بقوله «على الرغم من أن البنك المركزي الأوروبي عمل بشكل جيد لصالح الاستقرار، ولكن يجب أن يصبح مثل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي». وكشف المسؤول عن أن راخوي سيلتقي الأربعاء م قادة النقابات الرئيسية في إسبانيا، وذلك للتوصل لاتفاق معهم قبل إصلاح نموذج العمل الساري منذ عام. ومن المتوقع أن يتخذ راخوي القرارات التي يراها صائبة بصورة فردية إذا لم يتفق مع النقابات ورجال الأعمال على النموذج الذي يرغب في تطبيقه.

وحسب تقارير إعلامية غربية، فإن إقرار وزراء مالية منطقة اليورو الثلاثاء، تفاصيل تعزيز صندوق الإنقاذ للمساهمة في منع أزمة الدين من الامتداد إلى أسواق السندات، سيكون تحت ضغط من الولايات المتحدة ووكالات التصنيف لاحتواء الأزمة القائمة منذ عامين. وقالت تلك التقارير «ضغط الرئيس الأميركي باراك أوباما على مسؤولي الاتحاد الأوروبي، للتحرك بسرعة وحسم لحل أزمة الديون السيادية التي يقول البيت الأبيض إنها تضر بالاقتصاد الأميركي». وحذرت وكالة التصنيف الائتماني (موديز) الثلاثاء من أنها قد تخفض تصنيف الدين الثانوي لعدد 87 بنكا في 15 دولة، نتيجة مخاوف من عجز كبير في السيولة لدى حكومات هذه الدول يحول دون إنقاذها البنوك المحلية. ووجه وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي مناشدة مؤثرة لبرلين، وطلب من ألمانيا أن تلعب دورا قياديا أكبر في أزمة منطقة اليورو، وجاء ذلك بعد أن قال الرئيس الأميركي باراك أوباما في ختام قمة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إن بلاده «مستعدة للقيام بدورها» من أجل تجاوز أزمة الديون في أوروبا. وأكد أوباما أن مواجهة الأزمة الاقتصادية «أمر غاية في الأهمية» بالنسبة للولايات المتحدة، لأن سقوط الاقتصاد في أوروبا يعني «صعوبة أكبر في خلق فرص عمل» في واشنطن، وذلك خلال تصريحات مشتركة مع كل من رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو ورئيس المجلس الأوروبي هرمان فان رومبي. ومن جانبه، أعرب باروزو عن «ثقته الكاملة» بأن الزعماء الأوروبيين سيفعلون كل ما بوسعهم من أجل تجاوز الأزمة، مضيفا أنه في بعض الحالات «فإن القرارات تستغرق وقتا، ولكننا وجدنا طريقا جيدا الآن». وأكد أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يحتفظان بالعلاقات الاقتصادية والتجارية «الأقوى من نوعها في العالم»، لذا فإنه من الضروري أن «يتخذ الجانبان قرارات حاسمة من أجل تقليل المخاوف بشأن النمو على المدى القريب وكذا الهشاشة الضريبية والمالية».