«ستاندرد تشارترد» الإنجليزي يسحب عرضه لشراء «بيريوس ـ مصر»

استبعد أن يكون للاضطراب السياسي سبب في فشل صفقة الاستحواذ

TT

سحب بنك «ستاندرد تشارترد» الإنجليزي، والذي يعد أحد أكبر البنوك الإنجليزية، طلب الاستحواذ الذي تقدم به منذ 5 أشهر لشراء الحصة من بنك «بيريوس - مصر» الحاكمة والبالغة 96%، في خطوة صادمة للبنوك المصرية وللبنك اليوناني الأم الذي يمتلكه.

وكشفت مصادر مقربة من سير المفاوضات التي أجريت علي مدار الشهور الماضية لـ«الشرق الأوسط»، عن أن البنك الإنجليزي استند في سحب طلب الشراء على عملية فحص فني نافي للجهالة اشتملت على جميع الملفات المتعلقة بوحدة البنك اليوناني في مصر بالأزمة المالية العالمية والخسائر التي منيت بها معظم الأسواق، دون أن يكون للاضطراب السياسي في مصر أي علاقة بسحب طلب الشراء.

وقالت المصادر إن البنك الإنجليزي أكد في إخطاره لإدارة البنك اليوناني في مصر مساء أول من أمس أن سحب قرار الاستحواذ غير مرتبط بوحدة البنك اليوناني في مصر أو الدراسة، نافية الجهالة التي قام بها لمعرفة الموقف المالي للبنك.

كان البنك الإنجليزي قد طلب معلومات عن عمليات التجزئة المصرفية وموقف الموظفين، خاصة بعد تقديمهم شكاوى ضد الإدارة في وقت سابق، ومدى التزام إدارة البنك بتطوير الفروع الموجودة قبل استحواذ البنك اليوناني على البنك المصري التجاري قبل خمسة أعوام وموقف المخصصات والديون المتعثرة.

وكان من المتوقع تقديم «ستاندرد تشارترد» عرض شراء لكامل أسهم «بيريوس - مصر» قبل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بعد انتهائه من عملية الفحص، التي تعد الثانية لنفس البنك الذي تقدم لشراء أسهمه منذ 5 سنوات، ولكن عرض «بيريوس اليوناني» كان الأقوى وهو ما حسم الأمر لصالحه في ذلك الوقت.

في السياق ذاته، كشفت مصادر رفيعة المستوى بالجهاز المصرفي المصري، عن أن اعتراضا قدم بالفعل من شخصيات مصرفية رفيعة المستوى على عرض البنك الإنجليزي، حيث إنه دخل في مفاوضات أكثر من مرة لشراء بنوك مصرية، وكان يقدم اعتذار بعد اطلاعه على كافة المعلومات الخاصة بالبنك والمعروفة «بالدراسة النافية للجهالة».

وسبق أن حاول البنك الإنجليزي «ستاندرد تشارترد» عدة مرات شراء بنك داخل السوق المصرية، لكنه فشل. وكانت المحاولة الأولى قبل 10 سنوات، حين حاول البنك الإنجليزي شراء «البنك المصري - الأميركي»، كما دخل البنك ضمن العروض الأفضل لشراء «بنك القاهرة» قبل أربع سنوات، ولكن الحكومة ألغت مزاد البيع بسبب تدني السعر كما أعلنت حينذاك.

كان البنك اليوناني يعمل على بيع وحدته المصرفية في مصر لتوفير سيولة تساعد على سد الخسائر التي تعرضت لها المجموعة الأم في أثينا، والتي بلغت نحو 27 مليار يورو على خلفية ما تعرضت له اليونان من أزمة مالية كبرى أثرت على الأسواق الأوروبية بالكامل خلال الشهور الماضية وأجبرت دول منطقة اليورو على اتخاذ خطوات تحد من تلك الخسائر التي منيت بها معظم اقتصاديات المنطقة، خاصة للبنوك الأوروبية التي كانت تستثمر في سندات الحكومة اليونانية.

ووضعت الحكومة المصرية ممثلة في البنك المركزي المصري سياسة تمنع تأسيس بنك جديد داخل السوق المصرفية المصرية، مما يجعل الاستحواذ على بنك قائم فقط هو آلية الدخول الوحيدة للبنوك الخارجية، وهو ما ساعدها في السنوات الثماني الماضية في تقليص عدد البنوك مما يزيد على 60 بنكا إلى 39 بنكا فقط في الوقت الحالي. وبحسب مصادر قريبة من عملية الفحص التي أجراها البنك الإنجليزي، فإن البنك طالب ببعض المعلومات الإضافية تتعلق بالعمليات المصرفية التي أجراها «بيريوس - مصر» خلال الفترة الماضية، ومدى التزام البنك في مصر بسد فجوة المخصصات التي بلغت مليار جنيه (168 مليون دولار)، وفقا لاتفاق سابق بين البنك المركزي المصري وإدارة البنك في مصر.

وتوجد بنوك إنجليزية كبرى في السوق المصرية مثل «باركليز» و«إتش إس بي سي»، إلا أن بنك «ستاندرد تشارترد» يقتصر وجوده في مصر على مكتب تمثيل، رغم كبر البنك العالمي وعمله في عدد كبير من الأسواق تصل إلى 16 بلدا على مستوى العالم، فقد حقق البنك نموا لنصف العام التاسع على التوالي (2011) بنسبة 11% في الدخل ليصل إلى 8.76 مليار دولار أميركي ونمو الأرباح 17% لتصل إلى 3.64 مليار دولار أميركي. ويصل رأسمال البنك في مصر إلى 1.450 مليار جنيه مصري، بينما تبلغ قيمة الأصول 1.38 مليار يورو وامتلك البنك 48 فرعا حتى نهاية مارس (آذار).