أسواق المال تلبس الأخضر بعد تدخل البنوك المركزية.. رغم بقاء المحاذير

مصرفيون لـ «الشرق الأوسط» : الخطوة مهمة لإنقاذ بنوك أوروبا ومنطقة اليورو من الركود

متعامل في سوق «وول ستريت» وقد بدت على وجهه ابتسامة عريضة بعد نجاح الخطة وارتفاع الأسهم (أ.ف.ب)
TT

تحولت مؤشرات أسواق المال الأميركية إلى الأخضر كما قفز سعر الذهب وسعر صرف اليورو بعد أن توفرت الدولارات للمقترضين في أوروبا وأصبحت البنوك التجارية الأوروبية قادرة على تمويل التجارة وإقراض الشركات أمس بفضل التنسيق الذي قاده بنك الاحتياط الفيدرالي مع البنك المركزي الأوروبي وأربعة بنوك مركزية عالمية أخرى.

وبعد ساعات من إعلان بنك الاحتياط الفيدرالي عن الخطوة، انخفض سعر صرف الدولار في أوروبا وارتفع اليورو وكسبت أسعار الذهب 2.0%، كما قفزت الأسهم الأميركية عند الفتح في بورصة «وول ستريت» مع تحسن شهية المستثمرين للأصول العالية المخاطر.

وقال مصرفيون في لندن إن الخطوة مهمة لإنقاذ البنوك التجارية الأوروبية التي تواجه نقصا كبيرا في السيولة، خاصة السيولة بالدولار في أعقاب سحب المودعين الكبار من المؤسسات وصناديق المعاشات الأميركية إيداعاتهم من البنوك الأوروبية. وقال المصرفي والمحامي بحي المال في لندن لويد شولتز لـ«الشرق الأوسط»: «لقد كانت خطوة تنسيق الاحتياطي الفيدرالي الأميركي مع 5 بنوك مركزية أخرى خطوة مهمة لتوفير السيولة التي تحتاج إليها البنوك التجارية الأوروبية ولكنها بالتأكيد لا تمثل حلا لأزمة اليورو». من جانبه، قال جينز سوندرغارد الاقتصادي الأوروبي بمصرف «نومورا إنترناشيونال» الياباني في لندن: «حينما يكون هنالك تدخل منسق بين البنوك المركزية، فإنه أمر جيد، ولكنه هل يغير شيئا في أزمة اليورو؟». وقال شولتز المدير التنفيذي والشريك في صندوق الاستثمار «إيميرجينغ ماركت غروث إنفسمنت» في لندن: «الأسواق استقبلت التدخل المنسق استقبالا جيدا؛ حيث ارتفعت الأسهم بنحو 3.00% في المتوسط كما أن الخطوة ستعمل على تلافي دخول منطقة اليورو في ركود اقتصادي بعد البيانات الضعيفة التي ظهرت في الشهور الماضية».

ويلاحظ أن مؤشر «داو جونز» الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى صعد 317.57 نقطة أو 2.75 في المائة إلى 11873.20 نقطة/ في حين قفز مؤشر «ستاندارد آند بورز - 500» الأوسع نطاقا 32.52 نقطة أو 2.72 في المائة إلى 1227.71 نقطة. وارتفع مؤشر «ناسداك» المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 70.07 نقطة أو 2.79 في المائة إلى 2585.58 نقطة. وفي سوق الصرف تراجع الدولار تراجعا حادا على نطاق واسع أمس الأربعاء بسبب زيادة المعروض النقدي منه كما ارتفع اليورو. وهبط مؤشر الدولار واحدا في المائة إلى أدنى مستوى في أسبوع مسجلا 78.119 في حين قفز اليورو نحو سنتين إلى أعلى مستوى خلال الجلسة عند 1.35067 دولار. كما ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى في نحو أسبوعين أمس بسبب انخفاض سعر صرف الدولار الذي تقدر قيمته بالدولار. وكان من الطبيعي أن يرتفع الذهب تبعا لانخفاض الدولار. وقفز سعر الذهب في السوق الفورية نحو 2 في المائة إلى 1748.79 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 14.45 بتوقيت غرينتش وهو أعلى مستوى له منذ 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وكان الذهب قد عوض خسائره في وقت سابق بعد أن تحركت الصين لتقليص القيود على الائتمان من خلال خفض مستويات الاحتياطية الإلزامية للبنوك لأول مرة منذ نحو ثلاث سنوات.

وقاد بنك الاحتياط الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، إضافة إلى كل من البنك المركزي السويسري وبنك إنجلترا وبنك اليابان وبنك كندا، خطوة خفض سعر الفائدة لليلة. وتم خفض الفائدة على الإقراض لليلة على الدولار بنسبة 50 نقطة مئوية (0.5%». وتم مد العمل بهذا البرنامج التمويلي الذي يهدف إلى تلافي حدوث انهيارات في البنوك التجارية بمنطقة اليورو، حتى عام 2013. حسب بيان البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي أدلى به في واشنطن. وقال البيان إن الخطوة تستهدف فك الضائقة المالية في الأسواق وزيادة القدرة الاستيعابية للبنوك المركزية حتى تتمكن من دعم النظام المالي العالمي. يذكر أن تكلفة تمويلات البنوك التجارية الأوروبية بالدولار ارتفعت إلى أعلى مستوياتها وسط مخاوف من تفكك منطقة اليورو.

وحدت المصارف المركزية العالمية جهودها لتقديم دفع لمنطقة اليورو وقطاعها المصرفي المهدد بالتدهور بسبب أزمة الدين بينما لا يلوح أي رد في الأفق قبل عشرة أيام من اجتماع حاسم. وكانت هذه المصارف المركزية قامت بتحرك مماثل خلال الأزمة المالية في 2008 ثم منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي. لكن أزمة الديون تفاقمت منذ ذلك الحين وأصبحت تهدد كل دول منطقة اليورو وكذلك الاقتصاد العالمي.

وبالنسبة للقطاع المصرفي، يترجم تفاقم الأزمة بفقدان عام للثقة يقود المؤسسات إلى عدم تبادل الاقتراض وفي النهاية تجميد القروض للشركات والعائلات. ويؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي ويزيد خطر الانكماش، وهي دائرة مفرغة.

ولتخفيف هذا التوتر، اتفقت المصارف المركزية الستة الكبرى على تسهيل وتوسيع المبادلات بالقطع حتى نهاية فبراير (شباط) 2013 وكذلك بالنسبة لبعضها، مواصلة عمليات إعادة التمويل لثلاثة أشهر، حتى إشعار آخر. وسيتمكن البنك المركزي الأوروبي بذلك من تأمين الين والفرنك السويسري والدولار الكندي للمؤسسات المالية في منطقة اليورو، إلى جانب الدولار.