صندوق النقد الدولي يعترض على عجز الموازنة العراقية لعام 2012

نائب محافظ البنك المركزي لـ «الشرق الأوسط» : ديون العراق مريحة

د. مظهر محمد صالح
TT

يستعد البرلمان العراقي خلال الفترة القليلة المقبلة للبدء في مناقشة الموازنة العامة للدولة العراقية لعام 2012 بعد أن تم إقرارها من قبل مجلس الوزراء. وتعد هذه الموازنة الأضخم في تاريخ الموازنات العراقية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة أوائل عشرينات القرن الماضي. وتبلغ طبقا لما أعلنته المصادر الحكومية العراقية نحو 120 مليار دولار. ومع أن اللافت فيها زيادة حجم التخصيصات الاستثمارية بنسبة 35% إلا أن نسبة العجز فيها تبلغ 20 مليار دولار أميركي. وتم قياسها على أساس 73 دولارا كسعر للبرميل الواحد من النفط الذي يشكل نحو 95% منها. وطبقا لما أعلنته اللجنة المالية في البرلمان العراقي فإن صندوق النقد الدولي اعترض على الموازنة الاتحادية للعراق، وهو الأمر الذي أدى إلى تأخير تقديمها إلى البرلمان لغرض مناقشتها وإقرارها. وبالفعل فإنه كان مقررا البدء بمناقشتها قبل العطلة التشريعية للبرلمان. وقال عضو اللجنة المالية في البرلمان هيثم الجبوري في تصريحات صحافية، إن «اعتراض صندوق النقد جاء نتيجة لما تقدمت به الموازنة من نسبة عجز كبيرة، والتي بلغت 30% من قيمة الموازنة». وأشار إلى أن هذه النسبة نصفها عجز ممول، حيث من الممكن تغطيته، والنصف الآخر غير ممول لا يمكن تمويله كالموازنة التشغيلية». وأضاف أن «اللجنة وافقت من حيث المبدأ على أن تقلل الموازنة الاستثمارية بما قيمته 15% حتى نستطيع السيطرة في حالة هبوط أسعار النفط على الموازنة والاقتصاد». وكشف الجبوري عن وجود مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهذا الخصوص. وكانت وزارة التخطيط قد أعلنت خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، أن الموازنة المالية للعام المقبل ستتراوح ما بين 112 و120 مليار دولار، مؤكدة أن 35% منها خصصت للموازنة الاستثمارية، في حين بلغت موازنة العام الحالي 81.9 مليار دولار بعجز بلغ 13.3 مليار دولار. من جانبه، أكد نائب محافظ البنك المركزي العراقي الدكتور مظهر محمد صالح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك عدة سبل لسد العجز في الميزانية منها مثلا عن طريق المبالغ المدورة من العام الماضي على الرغم من أنها سياسة ليست ناجحة لأن الأصل هو أن يتم تنفيذ المشاريع مثلما هو مخطط لها»، مشيرا إلى أن «سد العجز يمكن أن يأتي من تحصيل أموال إضافية من فارق أسعار النفط أو الاقتراض، سواء من السوق المحلية مثل المصارف الحكومية أو البنك المركزي أو الاقتراض الأجنبي». واعتبر صالح أن «القرض الياباني الذي أعلنه رئيس الوزراء نوري المالكي خلال زيارته لليابان مؤخرا إنما هو إحدى سبل سد العجز في الميزانية العراقية، وهناك أيضا البنك الدولي الذي أعلن عن استعداده لإقراض العراق نحو مليار دولار». وبشأن السياسة المالية المتبعة حاليا، اعتبر الدكتور صالح أن «هذه السياسة المتبعة حاليا في العراق هي في الغالب سياسة غير ناجحة اقتصاديا، حيث إن هناك 37 سببا لعرقلة مشاريع الاستثمار على سبيل المثال، ناهيك عن الكثير من التشريعات غير المبنية على أسس صحيحة مثل إنشاء بعض المؤسسات والصناديق التي تستنفد أموالا كثيرة من دون إنتاج»، معتبرا المضي «بتشريع قوانين دون دراسة طبيعة الإنفاق ستتحول إلى عبء مالي خطير وهي سياسة يمكن أن تقود إلى مزيد من الأخطاء المتراكمة، خصوصا أن العراق يعتمد على مورد واحد متحول هو النفط، وهو أمر لا يمكن الركون إليه في النهاية على المدى الطويل». وردا على سؤال بشأن ديون العراق وما تبقى منها وتأثير ذلك على الموازنة قال إن «الدين العراقي يبلغ أكثر من 120 مليار دولار، لكن نحو 80% من هذه الديون تم شطبها في إطار اتفاقية دول نادي باريس وما تبقى من هذه الديون نحو 23 مليار دولار تمت جدولتها إلى عام 2028 بفائدة قدرها 8%».

وأوضح أن «هذا المبلغ يعتبر بالقياس إلى كون العراق بلدا نفطيا كبيرا، مبلغا بسيطا ولا يشكل عائقا أو عبئا كبيرا، لا سيما أنه لا يشكل سوى 20% من الناتج الإجمالي للبلاد وبالتالي فإن وضع الديون العراقية يعتبر مريحا وليس مرهقا». واستثنى المسؤول العراقي الديون الخليجية للعراق، حيث اعتبر أن «هذه الديون لا تزال نقطة خلاف مع الدول الخليجية لأن ديون الخليج من وجهة نظرنا لم تكن أموالا لغرض تمويل خطط تنمية بقدر ما كانت أموالا لتمويل آلة حرب»، في إشارة إلى الحرب العراقية - الإيرانية خلال ثمانينات القرن الماضي. وأشار إلى أن «الإخوة الخليجيين صامتون الآن، ولكنها تثار أحيانا عندما تحصل أزمات سياسية لا أكثر وهي قابلة للنقاش معهم»، متوقعا أن «يتم شطب كل الديون العراقية الخليجية وغير الخليجية عاجلا أم آجلا».