موقع «فيس بوك» ربما يجبر على طرح أسهمه للاكتتاب العام

بسبب زيادة المساهمين عن 500 وقد لا يجمع مبلغ 100 مليار دولار من الطرح

TT

شركة «فيس بوك» واقعة في مأزق، إذ ربما تضطر لطرح أسهمها للاكتتاب العام في ظرف غير مواتٍ. وفي وقت يتداول فيه سعر سهم إحدى شركات الإنترنت الأخرى الناجحة، وهي شركة «غروبون»، بأقل من سعر الاكتتاب. وتبدو سوق الاكتتاب العام الأولي الخاصة بشركات الإنترنت راكدة. وتساهم أزمة الدين السيادي الأوروبية في تعزيز النظرة التشاؤمية السائدة في السوق. يبدو أن الأشهر المقبلة ستكون بمثابة فترة سيئة غير مواتية لطرح أسهم في اكتتاب عام أولي.

غير أن شركة موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فيس بوك» ربما تجبر على طرح أسهمها في اكتتاب عام أولي أثناء هذه الفترة شاءت أم أبت - وسواء تمكنت من تحصيل مبلغ قيمته 100 مليار دولار أو أكثر من ذلك الطرح العام الأولي أم لا.

الأمر يرجع جزئيا إلى خطأ من جانب شركة «فيس بوك»، حيث إن لديها عددا هائلا من المساهمين.

ويلزم نظام تداول الأوراق المالية أية شركة أميركية يبلغ عدد مساهميها المسجلين 500 مساهم أو أكثر بالبدء في إعداد تقارير، تشمل المعلومات المالية التي تمت مراجعتها، وتقديمها إلى هيئة الأوراق المالية والبورصة بعد أربعة أشهر من العام الذي تتجاوز فيه هذا الحد. لقد تجاوز عدد مساهمي شركة «فيس بوك» على الأرجح 500 مساهم هذا العام. وبنهاية أبريل (نيسان) 2012، ستخضع لهذا القانون الصارم وسيتعين عليها الكشف عن كم كبير من معلوماتها التجارية السرية.

وتعتبر غالبية شركات التكنولوجيا الناشئة قادرة على تجنب تجاوز هذا الحد. فهي تمول عملياتها من خلال مجموعة مستثمرين. وعادة ما تتمثل أكبر مجموعة من المساهمين في موظفين يتسلمون عقود خيار، وهي مجموعة مستثناة من هذا الحساب. وفي عام 2008، تحولت شركة «فيس بوك» من منح عقود خيار إلى منح أسهم مقيدة، غير أن هيئة الأوراق المالية والبورصة ذهبت إلى منح الشركة إعفاء خاصا للسماح بهذا.

ويبدو أن شركة «فيس بوك» قد وقعت في مأزق جراء حدثين استثنائيين. لقد كان الموظفون العاملون بها منذ فترة طويلة يستخدمون عقود الخيار خاصتهم ويبيعون الأسهم بكميات كبيرة في الأسواق الخاصة. وطرحت شركة «فيس بوك» عقود الخيار الخاصة بهؤلاء الموظفين من دون أن تفرض أي قيود على إعادة بيع الأسهم، بخلاف أن لها حق إعادة شراء الأسهم، إذا ما حاول الموظفون بيعها. غير أن الشركة لم تمارس هذا الحق بشكل دائم، بل سمحت بتحويل هذه الأسهم إلى مستثمرين جدد، يقترب عددهم من 500 مستثمر، وهو الحد الأقصى المسموح به. وفي يناير (كانون الثاني)، رتبت شركة «فيس بوك» لبيع أسهم قيمتها 1.5 مليار دولار بواسطة بنك «غولدمان ساكس» إلى مستثمرين جدد. ويبدو أن هذا العرض قد أوقعها في مأزق.

غير أن شركة «فيس بوك» ملزمة فقط بالبدء في إعداد تقارير تتضمن معلومات عن عملياتها وتقديمها إلى هيئة الأوراق المالية والبورصة بنهاية أبريل. وليست الشركة ملزمة قانونا بطرح أسهمها في اكتتاب عام بحلول هذا الموعد، على الرغم من أن مطلب لجنة الأوراق المالية والبورصة في حد ذاته سيكون بمثابة حافز كبير لها للقيام بذلك.

إن عمليات طرح الأسهم في اكتتاب عام أولي ليست معتمدة فقط على أساسيات الشركة، وإنما أيضا على فن البيع. في المعتاد، تحاول الشركات اقتحام السوق من خلال تقديم معلومات خاصة بعملياتها وبيانات حساباتها المالية إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة. ومن خلال طرح الشركة أسهمها للاكتتاب العام الأولي في هذا التوقيت، يتسنى لها بيع أسهمها بأعلى سعر. وتخلص الشركات أيضا إلى أنها لو كان من المقرر أن تخضع لمعظم القوانين المقترنة بطرح أسهمها للاكتتاب العام، فربما يشجعها ذلك على المضي قدما في طرح أسهمها في اكتتاب عام أولي والاستفادة من جميع المزايا المرتبطة بذلك. وكانت هناك سابقة في اتخاذ هذا الإجراء من جانب إحدى الشركات المنافسة لشركة «فيس بوك». ففي عام 2004، أجبرت شركة «غوغل» أيضا على بدء تقديم معلوماتها المالية إلى لجنة الأوراق المالية والبورصة وطرحت أسهمها في اكتتاب عام أولي بشكل متزامن مع تقديم تلك المعلومات.

ومن المرجح أن ترغب شركة «فيس بوك» في اتباع الإجراء نفسه.

وحتى إذا ما رفضت شركة «فيس بوك»، فإن ثمة مجموعة متحمسة من موظفي «فيس بوك» سيمارسون ضغوطا من أجل دفعها لطرح أسهمها في اكتتاب عام أولي، بحسب إريك إلدون من شركة «تك كرانش». وفي عام 2008، تبنت شركة «فيس بوك» برنامج أسهم مقيدة جديدا منع الموظفين من بيع أسهمهم إلى أن يتم طرح أسهم الشركة في اكتتاب عام أولي أو تجرى عملية بيع للأسهم أو إذا سمح «فيس بوك» بذلك. وحتى الموظفون الذين استحوذوا على أسهم قبل هذا الوقت يحظر عليهم بيع أسهم بموجب سياسة التداول الداخلية للشركة ما لم تفتح شركة «فيس بوك» نافذة تداول. غير أن هذه النافذة قد ظلت مغلقة، فقد كانت المرة الأخيرة التي سمحت فيها شركة «فيس بوك» لموظفيها ببيع أسهم في عام 2009.

ومن ثم تواجه شركة «فيس بوك» اختيارا صعبا. فهي إما أن تمنع طرح أسهم في اكتتاب عام أولي وتخاطر بإثارة غضب موظفيها وتبدأ في الخضوع لقوانين لجنة الأوراق المالية والبورصة، أو تتجه لطرح أسهم للبيع في سوق متقلبة، مما يحتمل معه عدم تحقيقها النتيجة المثلى المرجوة.

لقد كان بإمكان شركة «فيس بوك» تفادي هذا التحول في الأحداث. وكان من الممكن أن تمارس شركة «فيس بوك» حقها في إعادة الشراء وتقوم بشراء الأسهم التي قد أغرقت الأسواق الخاصة. وفيما يحتمل ألا تكون قد رغبت في الإنفاق على شراء هذه الأسهم، إلا أن شركة «فيس بوك» قد وضعت هذه الأسهم بحوزة أيد أمينة، مثل بنك «غولدمان ساكس». وعلى سبيل المثال، عملت شركة «لينكد إن» مع «شيرز بوست»، سوق التداول الخاصة، من أجل ضمان أنه قبل طرحها أسهما في اكتتاب عام، تم شراء هذه الأسهم في البورصة من قبل المستثمرين الحاليين فقط. وقد اتخذت شركة «زينغا» موقفا أقوى برفضها تسجيل عمليات تداول الأسهم في بعض الحالات. كذلك، وضعت شركة «فيس بوك» نفسها في مأزق حينما قدمت أسهما لبنك «غولدمان ساكس» من أجل بيعها لمستثمرين خارجيين. كان من المؤكد أن طرح أسهم للبيع بهذا النطاق الواسع سيثير ضجة وسيجذب انتباه الهيئات التنظيمية. ومن المحتمل أيضا أن يكون قد جعل شركة «فيس بوك» تتجاوز عدد الخمسمائة مساهم المسموح به.

هنالك ثمة دروس مستفادة من هذا بالنسبة للشركات الرائدة. من البداية، ربما ترغب الشركات في امتلاك عقود خيار أسهم تمنع بيع أسهم لمستثمرين خارجيين إلى أن يتم طرح الأسهم في اكتتاب عام أولي أو حال إجراء تصفية. وسيحقق هذا للشركة ميزة عدم تجاوز حد الخمسمائة مساهم، كما سيتيح لها أيضا منع ظهور أي سوق خاصة لتداول أسهمها. ووفقا لما ورد في التقارير، فقد ألزمت شركات «تويتر» و«ليفينغ سوشيال» و«سكوير» مستثمريها الجدد بالموافقة على شروط على هذه الشاكلة.

وفي هذا الشهر، طرح عضوا مجلس الشيوخ، بات تومي، الجمهوري عن ولاية بنسلفانيا، وتوم كاربر، الديمقراطي عن ولاية ديلاوير، مشروع قانون لرفع حد الـ500 مساهم إلى حد آخر اعتباطي بالمثل وهو 2000 مساهم. يجب أن يطلق على مشروع القانون هذا اسم مشروع قانون الـ«فيس بوك». غير أن شركة «فيس بوك» حالة فريدة من نوعها. في المستقبل، يجب أن تكون شركات الإنترنت قادرة على إدارة قاعدة مساهميها من أجل تجنب تجاوز هذا الحد المقرر.

ربما يكون رفع هذا الحد إلى 2000 مساهم أو إلى أي عدد آخر مناسب نظرا لأن الشركات الأصغر لديها فرص أقل هذه الأيام لطرح أسهمها في اكتتاب عام، وربما تحتاج لبيع أسهمها إلى عدد أكبر من المساهمين. لكن ذلك يجب أن لا يحدث بسبب شركة «فيس بوك»، التي تملك جميع الفرص المتاحة في العالم لبيع أسهم إلى عدد محدد من المستثمرين الخاصين.

إن لدى شركة «فيس بوك» مبررات قوية لطرح أسهمها في اكتتاب عام العام المقبل. لكن ربما ينتهي بها الأمر إلى طرح أسهمها في اكتتاب عام في وقت غير مناسب أو إلى تحصيل مبلغ أقل من 100 مليار دولار. الخيارات المتاحة لشركة «فيس بوك» قد تركتها من دون متسع كامل لوضع خطط بارعة.

* خدمة «نيويورك تايمز»