«الخطوط الجوية الأميركية» تصارع من أجل البقاء على القمة

طلب حمايتها من الدائنين يشير إلى التحول الذي يشهده القطاع

طائرات تابعة لـ«أميركان أيرلاينز» في مطار دالاس بتكساس
TT

لم تستطع «الخطوط الجوية الأميركية» الصمود على الساحة، وبينما وجدت أكثر شركات الطيران طريقة للعودة إلى تحقيق أرباح خلال السنوات القليلة الماضية من خلال خسارة التكاليف من خلال إشهار الإفلاس أو الحد من سعتها أو الاندماج مع بعضها البعض، خسرت الشركة الأميركية الركاب الذين توجهوا إلى شركات أخرى مثل «دلتا إير لاينز» و«يونايتد إير لاينز» وكذلك الشركات المنافسة التي تقدم أسعارا منخفضة مثل «ساوث ويست إير لاينز».

واقتصدت الشركة في النفقات من خلال الاقتصار على بضعة مطارات. وحاولت العمل بطائرات قديمة تستهلك كميات كبيرة من الوقود وأجلت تجديد أسطول طائراتها.

لذا يسلط قرار الشركة بإشهار إفلاسها، خلال الأسبوع الحالي، الضوء على التحول الكبير الذي شهده هذا المجال على مدى الـ10 سنوات الماضية والمسافة الكبيرة التي تفصل الشركة عن الشركات الأخرى المنافسة لها.

في الوقت الذي وجدت فيه الشركات الأخرى طريقة للحفاظ على تحقيق الأرباح حتى في ظل ارتفاع أسعار الوقود وانخفاض عدد الركاب، بلغت خسائر «الخطوط الجوية الأميركية» شهريا 100 مليون دولار. وكانت الشركة يوما ما من الشركات الرائدة على المستويين المحلي والدولي، في حين تراجعت الآن إلى المركز الثالث. وقال روبرت هيربست، محلل مستقل وطيار كان يعمل في الشركة سابقا: «لم تحدث المشاكل التي تعانيها الشركة بين عشية وضحاها. لقد اضطرت الشركة لإيقاف خطوطها غير المربحة بسبب ارتفاع التكاليف، مما أثر سلبا على العائدات. وبالتالي كان الإفلاس أمرا حتميا».

ويعد اتجاه القطاع نحو الاستقرار المالي أمرا عسيرا ولا يزال هشا.

ودفع العاملون، الذين تم تخفيض معاشاتهم ورواتبهم، ثمنا باهظا. واختفت الكثير من شركات الطيران عن الساحة خلال الـ10 سنوات الماضية؛ حيث أشهرت بعضها إفلاسها واندمج بعضها الآخر مع شركات أخرى. وخسرت صناعة الطيران نحو 60 مليار دولار في تلك الفترة. وبفضل تراجع التنافس، تمكنت الشركات الباقية في هذا المجال من زيادة أسعار تذاكر الطيران وكذلك زيادة الأرباح من خلال فرض رسوم مختلفة على أمور مثل تفتيش الحقائب وحجز مقعد يقع وسط الممر في الطائرة. وكانت الشركة هي الأخيرة من شركات الطيران القديمة التي أنشئت قبل فرض قيود على المجال عام 1978، والتي لم تضطر إلى طلب إشهار إفلاسها. وإذا تمكنت من تخفيض التكاليف تحت حماية المحكمة، يقول محللون إنها ستصبح مرشحة للاندماج أو ستكون معرضة للاستحواذ. والشريك المرجح لها هو «يو إس إير وايز». وطالما أكد رئيسها دوغ باركر حاجة هذا القطاع لعمليات الاندماج. وقال راي نيدل، محلل في مجموعة «ماكسيم غروب»: إن «يو إس إير وايز» ستعمل على توسيع شبكة «الخطوط الجوية الأميركية» في الجنوب الغربي والجنوب الشرقي، على الرغم من أنها لن تضيف كثيرا من خلال زيادة الوجهات الدولية.

ويقول نيدل: «إن الاندماج مع (يو إس إير وايز) سوف يساعد على جعل الإدارة قوية وفاعلة، وهو ما تحتاجه (الخطوط الجوية الأميركية) من أجل استعادة مكانتها في هذا المجال». لكن سوف يمثل عدم قدرة «الخطوط الجوية» على إبرام عقود عمل مع طياريها خلال السنوات الثلاث الماضية مشكلة أخرى. وما زالت الشركة تواجه مشاكل مع العمال لديها، التي بدأت عند اندماجها عام 2005 مع شركة «أميركا ويست». ولم يتوصل الطيارون من شركتي الطيران إلى قائمة مشتركة توضح ترتيبهم. وتسير الشركة على الدرب الذي مهدته شركات «دلتا إير لاينز» و«يونايتد إير لاينز» و«يو إس إير وايز» التي أشهرت إفلاسها خلال السنوات القليلة الماضية.

وشأنها شأن هذه الشركات، تأمل أن تعيد صياغة عقود العمل لديها والتخلص من بعض الالتزامات وربما خفض المعاشات التي لا تحتملها. ولم يتم الإعلان عن تفاصيل خطة إعادة هيكلة الشركة بعد. وطلبت «يو إس إير وايز» حماية المحكمة مرتين قبل أن يتم الاستحواذ عليها من قبل شركة «أميركا ويست». واشترت شركة «دلتا إير لاينز» شركة «نورث ويست» بعد عام من ميلاد الشركتين مجددا بعد الإفلاس.

واشترت شركة «يونايتد إير لاينز»، التي ظلت تحت حماية المحكمة من 2002 إلى 2006 وهي أطول فترة مقارنة بغيرها من الشركات، شركة «كونتيننتال» العام الماضي. أتمت شركة «ساوث ويست»، التي لم تشهر إفلاسها أبدا، شراءها لشركة «إير تران» بداية العام الحالي. وقال هيربست: «عمليات الاندماج هي ما أنقذ الصناعة من الانهيار، فلولاها لكانت أكثر شركات الطيران قد أشهرت إفلاسها مجددا». وقد أظهرت شركات الطيران التزاما غير عادي في الحفاظ على سعة طائراتها منذ عام 2008، فقد خفضت عدد الرحلات وركزت على جذب أكبر عدد ممكن من الركاب. ونادرا ما تقلع طائراتها حاليا بمقاعد خالية. وقد وجدت الشركة صعوبة في التنافس مع الشركات الأكبر وتراجع نصيبها من السوق في بعض المدن الكبرى مثل نيويورك وشيكاغو. في الوقت ذاته، تعني التكاليف المرتفعة للشركة قدرتها على التنافس على الكثير من الوجهات داخل الولايات المتحدة. وتراجع عدد المقاعد في طائرات الشركة التي تقطع رحلات مسافتها ميل بنسبة 12% منذ عام 2002. مع ذلك، على الرغم من تقليص سعة الطائرات منذ الأزمة المالية، زادت إجمالي سعة طائرات الشركات المنافسة لها على مدى الـ10 سنوات الماضية. ومنذ عام 2002 زادت مقاعد الطائرات التي تقوم برحلات مسافتها ميل في شركة «يونايتد إير لاينز» بنسبة 48% وفي «دلتا إير لاينز» بنسبة 53% وفي «ساوث ويست» بنسبة 43%. وفي الوقت الذي تمكنت فيه شركات الطيران من تجاوز تباطؤ النمو الاقتصادي، يشعر بعض المحللين بالقلق من أن يهدد إفلاس «الخطوط الجوية الأميركية» أرباحها. وربما تتجه الشركة حاليا إلى خفض أسعار تذاكرها للاحتفاظ بركابها الذين قد يشعرون بالتوتر من احتمالات نجاح الشركة بحسب فيكي بريان، المحللة بشركة «جيمي كريديت».

وأوضحت فيكي في ورقة بحثية، مشيرة إلى الشركة الأم لـ«الخطوط الجوية الأميركية»: «يعني الإفلاس حتى بالنسبة إلى الرجل العادي أن الشركة تعاني مشكلة خطيرة وربما لا تتمكن من الصمود، وهذا يغير من سلوك العميل واستراتيجية مجال الطيران. بالنظر إلى حجم الشركة وما سيتبين فيما بعد أنها عملية إعادة هيكلة صعبة، ربما يؤدي إفلاس الشركة إلى تأثير سلبي لفترة طويلة على أسعار وأرباح الشركات العاملة في هذا المجال في ظل تراجع الطلب». وخفضت الشركة أسعار تذاكرها يوم الأربعاء، بعد يوم من طلب إشهارها الإفلاس. وشمل التخفيض 3400 رحلة، على حد قول بريان. قد تكون هذه التخفيضات مؤقتة. وأصبحت الشركة الآن تحت حماية المحكمة؛ حيث حصلت على 4.1 مليار دولار نقدا وتأمل أن تتمكن من خلال هذا المبلغ أن تقوم بعملية إعادة الهيكلة وحدها. ومن المتوقع أن يتم تقليص عدد الخطوط، لكن لا يمكن للشركة تحمل تراجع عائداتها أكثر من هذا على حد قول نيدل. ويأمل المديرون في الشركة أن تنتهي عملية إشهار الإفلاس خلال 18 شهرا، لكن لا يمكن التكهن بما يمكن أن يحدث بعد ذلك. وتعول الشركة على أنها سوف تستعيد مكانتها بمجرد التحكم في النفقات، خاصة بعد حصولها على طائرات جديدة من شركتي «بوينغ» و«إير باص» لتحل محل أسطول طائراتها القديم البالي. وقال الرئيس الجديد للشركة، توماس هورتون، إنه يعتزم تبني طريقة مستقلة خاصة بالشركة؛ حيث أوضح قائلا في مقابلة يوم الثلاثاء: «ليس من الضروري أن نسعى إلى شراكة».

* خدمة «نيويورك تايمز»