جدل أوروبي حول تهديد وكالة «ستاندرد أند بورز» بخفض تصنيف منطقة اليورو

فرنسا استغلت التهديد للضغط على دول أعضاء ومفوض أوروبي يعتبره مجرد رأي

TT

قال المفوض الأوروبي لشؤون الأسواق الداخلية ميشيل بارنييه أمس الثلاثاء إن تحذير وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيف الائتماني من مخاطر خفض تصنيف 15 دولة بمنطقة اليورو «هو مجرد رأي من بين آراء أخرى». وقالت ستاندرد أند بورز إن فرنسا وألمانيا والنمسا وفنلندا ولوكسمبورغ وهولندا قد تخسر تصنيفها الممتاز إيه إيه إيه، بينما قد تشهد تسع دول أعضاء في منطقة اليورو وهي بلجيكا واستونيا وأيرلندا وإيطاليا ومالطا والبرتغال وسلوفاكيا وسلوفينيا وإسبانيا خفضا آخر لتصنيفها.

وقال بارنييه إن «تلك الآراء تنطوي على الكثير من الأهمية والثقل، لكن ليست بالكثيرة جدا».

وفي إشارة للخطط التي قدمتها يوم الاثنين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بتعديل معاهدات الاتحاد الأوروبي لفرض ضوابط أكبر على الميزانيات داخل منطقة اليورو، قال بارنييه إن «قادة الاتحاد الأوروبي لا ينتظرون ستاندرد أند بورز ليتحركوا». وأعرب بارنييه، الذي اضطر مؤخرا إلى التخفيف من اقتراحاته لتشديد قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن عمل وكالات التصنيف الائتماني، عن شكوكه في توقيت تحذير ستاندرد أند بورز. وأشار إلى أنه «لاحظت أن هذا التحليل من ستاندرد أند بورز يأتي قبل ثلاثة أيام من انعقاد المجلس الأوروبي (الذي يهدف لإقرار خطة أزمة منطقة اليورو) وليس بعد ذلك، بحيث يمكن تقييم تأثير» القرارات المقرر اتخاذها. لكنه استبعد ما يتردد بأن وكالات التصنيف الائتماني تنتقم من اقتراحاته بوضعها تحت رقابة وإشراف أكبر، وقال إنني «لا يمكن أن أتخيل ذلك».

وأصبحت التقديرات التي تقدمها وكالات التصنيف الائتماني للدول والمؤسسات الاقتصادية مثار جدل خاصة بعد تعالي أصوات هذه الوكالات في الآونة الأخيرة مما أدى لاهتزاز أسواق، بل ودول بكاملها.

وتتهم هذه الوكالات بالتسبب في الأزمة المالية العالمية التي هزت العالم عام 2008 لأنها منحت أفضل الدرجات الائتمانية لسندات كانت مشوبة بقروض شبه ميؤوس منها في سوق العقارات الأميركية مما أدى إلى تضليل المستثمرين الذين اشتروا هذه السندات ثقة منهم في تقديرات وكالات التصنيف الائتماني. وكانت المصارف الألمانية من بين الجهات التي انساقت وراء هذه التقديرات مما كبدها خسائر فادحة لا تزال تعاني منها حتى اليوم.

كما أن هناك انتقادات في أوروبا لأكبر ثلاث وكالات تصنيف ائتماني هادفة للربح وهي ستاندرد أند بورز (إس أند بي) وموديز وفيتش، وهي الوكالات الأكثر شهرة في العالم وغالبا ما تحصل على أموال من الجهات التي تقيمها مما يجعل عملها مشوبا بشكوك في تحيزها. ويرى العالمان هانو بك وهلموت فيينر من جامعة بفورتسهايم الألمانية أن هذه الوكالات الثلاث تحتكر سوق التقييم الائتماني وتحصل مقابل ذلك على أرباح هائلة مقابل أداء سيئ. وذلك حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية.

كما أن وكالة «إس أند بي» أثارت زوبعة في سوق الاقتصاد قبل عدة أسابيع بسبب مجرد عطل حدث في أنظمة الكمبيوتر لديها.

ويعتمد التصنيف الائتماني لكل دولة أو بنك على بيانات معروفة بالفعل ولكن توقيت الإعلان عنها يؤدي إلى بلبلة في الأسواق من جديد مما جعل المفوض الأوروبي للتجارة الداخلية ميشيل بارنييه يدرس حظر تقييم الوضع الاقتصادي لدول منطقة اليورو مؤقتا في ظل ظروف معينة ولكنه لم ينجح في ذلك في هذا الوقت.

ويدعو بارنييه إلى فرض ضوابط على هذه الوكالات تجعل عملها أكثر شفافية وأسند الإشراف عليها إلى الهيئة الأوروبية لمراقبة سوق الأوراق المالية (إيه إس إم إيه).

وفي باريس استغلت الحكومة الفرنسية أمس تهديد وكالة ستاندرد أند بورز العالمية للتصنيف العالمي للضغط من أجل حشد المساندة للخطة الألمانية والفرنسية لوضع معاهدة أوروبية جديدة. وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه إن الاقتراحات التي قدمها الرئيس نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل يوم الاثنين كانت «الرد على أحد الأسئلة الرئيسية» التي أثارتها «ستاندرد أند بورز». وتتعرض فرنسا لخطر خفض تصنيفها بمقدار درجتين من إيه إيه إيه إلى إيه إيه وألمانيا بمقدار درجة واحدة من إيه إيه إيه إلى إيه إيه موجب.

وجرى إصدار التحذير في غضون ساعات من إعلان ميركل وساركوزي عن اقتراحاتهما لوضع ضوابط أكثر صرامة بشأن مستويات الدين والعجز لدول اليورو. قال جوبيه لراديو «آر تي إل» إن الاتفاق الألماني الفرنسي يجيب على مخاوف «ستاندرد أند بورز» بشأن الخلافات السياسية. وفي الوقت نفسه، اعترف بأن فرنسا، التي لديها أعلى مستوى ديون بين دول اليورو التي تتمتع بالتصنيف الممتاز إيه إيه إيه، يجب عليها «أن تبذل جهودا أكبر من الآخرين». وقال وزير المالية الفرنسي فرانسوا باروان إن تهديد «ستاندرد أند بورز» يؤكد الحاجة إلى «القاعدة الذهبية» التي تتطلب من دول منطقة اليورو أن تبذل جهودا مستميتة من أجل تحقيق موازنات منضبطة.

وتقترح فرنسا وألمانيا أن تكتب كل دولة مثل هذه القاعدة في دساتيرها. ويرفض الاشتراكيون المعارضون في فرنسا وضع هذه القاعدة في الدستور رغم موافقتهم على أن الحكومة في حاجة لخفض العجز. وهدد باروان بحدوث مواجهة بشأن هذه القاعدة.