اقتصاديو مصر يطالبون حكومة الجنزوري بوضع أولوية لعودة الأمن

طالبوا بتغيير قوانين الاحتكار وهيكل الأجور وتطبيق الضريبة التصاعدية

TT

تواجه الحكومة المصرية التي أدت اليمين الدستورية أمس تحديات عدة، خاصة على الجانب الاقتصادي، وتشير بيانات حكومية إلى تضرر الاقتصاد بشكل أصبح كارثيا، بحد وصف رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري، فمنذ بداية العام تضرر العديد من المصانع، وأغلق نحو ألف مصنع أبوابه بسبب تعذر حصول المستثمرين على تمويل من البنوك التي تخشى بدورها من تعثر المستثمرين نتيجة الأوضاع الاقتصادية وأصبحت تعتمد في أرباحها بشكل أساسي على عائدات إقراض الحكومة المصرية من خلال شرائها لأذون الخزانة، خاصة مع الارتفاع المتوالي لفائدة تلك الأذون.

ويرى رجال أعمال واقتصاديون أن بداية تعافي الأداء الاقتصادي يبدأ مع عودة الأمن في البلاد، وأكدوا أن مسؤولية وزير الداخلية كبيرة، وستتعلق بشكل كبير بعودة الاقتصاد إلى ما كان عليه، فالأمن والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، وأشاروا إلى أن الأحوال الأمنية السيئة لا تشجع على الاستثمار وجذب رؤوس الأموال.

وظهرت عدة تصريحات تشير إلى أن البلاد التي تستورد نصف احتياجاتها الغذائية على شفا أزمة اقتصادية كبيرة، بعد تصريحات أحد أعضاء المجلس العسكري أن الاحتياطيات الأجنبية لمصر ستنحدر إلى 15 مليار دولار بنهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وأن عجز الميزانية سيرتفع بدرجة أكبر، الأمر الذي قد يستلزم مراجعة دعم البنزين ومواد أخرى، وهو الأمر الذي يعد تلويحا منهم برفع الدعم عن الطاقة.

وينادي الخبراء برفع دعم الطاقة عن المصانع، وأشار مسؤولون حكوميون إلى أن هناك اتجاها فعليا لرفع دعم الطاقة عن المصانع؛ إلا أنها لم تتخذ أي قرار بهذا الشأن.

ويقول رجل الأعمال محمد المرشدي الذي يرأس غرفة الصناعات النسيجية، إن مشكلة الأمن مشكلة مزمنة أضرت بالقطاع الصناعي بشكل بالغ، فأدت إلى تغيب العمال عن المصانع. وأضاف المرشدي لـ«الشرق الأوسط»: «تنتظر مجموعة من البلطجية العمال أثناء خروجهم من المصانع لكي يسرقوهم، مما أدى إلى عزوف العمال عن القدوم إلى المصانع، كما أدى ذلك إلى تخوف أصحاب تلك المصانع من سرقة إنتاجهم ومعداتهم، مما أثر على الإنتاج بشكل كبير».

ويرى المرشدي أن وزير الداخلية الجديد ستكون الأضواء مسلطة عليه من المواطنين كافة، فعودة الأمن هي الأساس لكي تبدأ الأمور للسير في سياقها الطبيعي.

وتولى اللواء محمد إبراهيم حقيبة وزارة الداخلية، وكان يعمل مديرا لأمن الجيزة وله خبرة طويلة في العمل الجنائي، وجاءت ترشيحات رئيس الوزراء كمال الجنزوري له لمحاولة السيطرة على الانفلات الأمني في البلاد.

وتابع المرشدي: «ما قام به وزير التجارة والصناعة محمود عيسى خلال الفترة الماضية مشجع، المجتمع الصناعي متفائل ببقائه في الحكومة الحالية، وقام خلال الفترة الماضية بحل مشاكل كثير من المصانع المتعثرة، وأعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد حلا لأغلب المستثمرين المتعثرين»، مضيفا أن «هناك مشكلة كبيرة تؤرق المستثمرين المصريين، وهي متعلقة بالأمن أيضا، وهي مشكلة التهريب التي تضر بالمنتجات المحلية، فمصر الآن مليئة بالسلع المهربة، مما أدى إلى تراجع الطلب على المنتجات المحلية»، مشيرا إلى أن تجفيف منابع التهريب يجب أن توضع على رأس أولويات الحكومة الجديدة.

فيما حدد خبراء اقتصاديون مجموعة من الإجراءات التي ستؤتي ثمارها بشكل سريع على اقتصاد البلاد، وأوجز تلك الإجراءات الدكتور إيهاب السعيد أستاذ الاقتصاد. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تحقيق العدالة الاجتماعية يجب أن يكون على رأس أولويات الحكومة الحالية، فيجب على الحكومة تحديد حد أقصى للأجور، وتعديل هيكل الأجور بشكل كامل، مؤكدا أن هذا الأمر سيحقق قدرا كبيرا من العدالة الاجتماعية في البلاد، هذا إلى جانب تطبيق الضريبة التصاعدية التي ستزيد من إيرادات الدولة.

وأضاف أن الحكومة السابقة أهملت ضبط أسعار السلع في البلاد، ويجب أن تنتبه الحكومة الجديدة لها، مشيرا إلى أن الحل يكمن في تعديل قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار، مؤكدا أن «الحكومة يجب عليها تبسيط إجراءات الاستثمار، ومنح ميزة للمصنعين والمستثمرين، وحل مشاكل المستثمرين المتعثرين، وسرعة التصالح مع المستثمرين الذين تورطوا في عمليات فساد خلال الفترة المقبلة».

ويضع رئيس الوزراء المصري الدكتور كمال الجنزوري على رأس أولوياته تنمية سيناء، وأكد في أكثر من حديث له أن كل الأمور جاهزة للبدء الفوري في الزراعة بشبه الجزيرة، وهذا المشروع الذي كان يتبناه خلال فترة توليه لرئاسة الوزراء في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك.

وتواجه مصر عجزا كبيرا في موازنتها للعام المالي الحالي الذي ينتهي في يونيو (حزيران)، وبلغ هذا العجز خلال الأربعة أشهر الأولى من العام المالي الحالي 46.8 مليار جنيه، ومن المتوقع أن يفوق خلال العام المالي الحالي نحو 134 مليار جنيه وهو ما كانت تستهدفه الحكومة.