الكونغرس يخير شركات تصديق شهادات السفن وحفر آبار البترول المفاضلة بين مقاطعة إيران أو فقد مصالحها في أميركا

كوسيلة ضغط جديدة على إيران

جانب من مبنى الكابيتول هيل
TT

يحاول الكونغرس استغلال شرط تصديق السفن ومنصات الحفر غير المعروف كوسيلة للضغط على تجارة إيران مع بقية العالم. وفي استجابة للضغوط الأميركية، أنهت شركة نرويجية تصدر شهادات للسفن علاقتها بإيران، حيث تقدم الشركة شهادات تصديق لكل شيء بدءا من سفن الشحن إلى الناقلات النفطية وحتى قوات الدورية.

وتحتاج السفن إلى شهادات التصديق هذه لتتمكن من الدخول إلى غالبية موانئ دول العالم، ويحاول أعضاء الكونغرس تشديد العقوبات على إيران عبر إجبار شركات التصديق على السفن للاختيار بين القيام بالعمل في الولايات المتحدة أو في إيران.

وقد أغلقت شركة «ديت نورسكي فيريتاس»، الشركة الأكبر في منح شهادات تصديق السفن، التي يعمل بها ما بين 18 إلى 20 موظفا في إيران، أبوابها هناك، لتنهي عمليات التفتيش على السفن الإيرانية. وأرسلت الشركة مذكرة إنهاء إلى 15 أو 20 منصة نفط دولية تقوم بالحفر في المياه الدولية وتعمل بتصديق مصدر منها.

وصرح بلين كولينز، المتحدث باسم شركة «دي إن في»: «مجرد النظر إلى المشهد السياسي والمخاطرة السياسية، نرى بكل تأكيد أنها ليست منطقة نمو، ونحن لا نرغب في القيام بأعمال مع دول لا تود الالتزام ببيانات القيمة الخاصة بنا. لذا، فقد حان الوقت للقيام بهذا»، مشيرا إلى أن «دي إن في» امتثلت للعقوبات الدولية.

وقد ضغط المشرعون الأميركيون على شركة «دي إن في» وعدد من الشركات المماثلة، باعتبارها أداة جديدة لتشديد الخناق الاقتصادي على إيران بسبب المخاوف من مساعي إيران لإنتاج سلاح نووي. وكانت وكالات الأنباء الإيرانية قد ذكرت يوم الأحد أن الجيش الإيراني أسقط طائرة استطلاع أميركية من دون طيار، مما زاد من حدة التوتر. ويقول محللون متخصصون في شؤون النفط إن المخاوف من أن تؤدي العقوبات إلى وقف الإمدادات الإيرانية من النفط تسببت في ارتفاع أسعار النفط، التي لا تزال فوق 100 دولار للبرميل على الرغم من الضعف الاقتصادي في أوروبا والولايات المتحدة.

ومن خلال العمل نيابة عن الحكومات، يقدم عدد قليل من الشركات - المعروفة باسم وكالات التصنيف - شهادات تحتاجها السفن للحصول على التأمين. وفي الولايات المتحدة، يوفد حرس السواحل الأميركي وفود تفتيش إلى هذه الشركات. ويقول السيناتور جوزيف ليبرمان والسيناتور سوزان كولينز: «من دون الحصول على شهادة من قبل هيئة تصنيف محترمة سيكون من الصعب - بل من المستحيل - بالنسبة لسفينة الحصول على تأمين أو التصريح بدخول أحد الموانئ العالمية الكبرى. وباختصار، دون الحصول على اعتماد من هيئة تصنيف فلن تحصل السفينة على رخصة للتجارة في الأسواق العالمية».

وقد أسقط مكتب الشحن الأميركي، ومقره الولايات المتحدة، تصنيفه للسفن المملوكة أو التي تشغلها الحكومة الإيرانية في عام 1979 أثناء الثورة الإيرانية. وفي سبتمبر (أيلول) 2009، أسقطت الشركة تصديقها لـ16 منصة حفر نفطية دولية تنقب عن النفط في المياه الإيرانية بعد إعلان وزارة الخزانة الأميركية عن سياستها بشأن العقوبات ردا على استفسار من مكتب الشحن الأميركي، بحسب نائب رئيس الشركة للعلاقات الخارجية، جان غولد، في بريد إلكتروني. بيد أن الشركات الأخرى - خاصة «ليودز ريجستر»، و«بوريو فيريتاس» Burea، و«غيرمانيزتشر ليودز» - واصلت تقديم خدماتها للإيرانيين والسفن الأخرى العاملة في الموانئ أو المياه الإيرانية. وقال مارك ستوكس، مدير الاتصالات بالمجموعة في شركة «ليودز»: «تراعي (ليودز ريجستر) المخاوف الأميركية، وسنواصل الالتزام بأي تشريع يتم سنه وينطبق علينا. ونحن نثمن استقلالنا بشكل كبير ونأمل ألا يقوض أي تشريع وطني جديد من تمثيلنا عالميا». ويود الكونغرس حرمان إيران من خدمات الشركات هذه، التي يمكن أن تحد من تجارتها أو على الأقل ترفع الأسعار.

وقد أقر مجلس النواب هذا الخريف إجراء يمنع حرس السواحل من استخدام هيئات التصنيف التي تعمل مع إيران. وقال المجلس إن بمقدور حرس السواحل استخدام وكالة التصنيف في حال قررت وزيرة الخارجية أن وكالة التصنيف الخارجية لا تقدم خدمات مماثلة في أو لدولة راعية للإرهاب.

وتسعى الزيادة الحالية في قانون مخصصات مجلس الشيوخ الموجهة لوزارة الخارجية والعمليات الخارجية إلى القيام بالأمر ذاته، مطالبا وزيرة الخارجية باتخاذ الخطوات اللازمة تجاه الشركات غير الملتزمة وإرسال تقرير إلى الكونغرس. وأوضح كولينز أن التحركات التي قام بها الكونغرس قد تسرع من عملية اتخاذ القرار بشأن مغادرة إيران. وقد قدمت «دي إن في»، حتى شهر مضى، عندما فكرت في الانسحاب من إيران، شهادات لـ38 إلى 40 سفينة ترفع العلم الإيراني. وقال كولينز: «نحن نعتقد حقا أننا متقدمون على التشريع، ولذا نحن نملك وعيا واضحا إلى حد بعيد».

وتقوم شركة «دي إن في» بالتفتيش على السفن ومنصات الحفر في الولايات المتحدة نيابة عن خفر السواحل، وقد قامت الشركة بالتفتيش على حفار «ترانس أوشن ديب ووتر هوريزون»، الذي انفجر وغرق العام الماضي، مما أسفر عن مقتل 11 شخصا يعملون في شركة بئر ماكوندا التابع لشركة «بريتش بتروليوم». وقد أجرت في وقت لاحق DNV تشريحا لمانع الانفجار لحكومة الولايات المتحدة من بئر ماكوندا الذي أهدر نحو 5 ملايين برميل من النفط الخام في خليج المكسيك.

وقد منحت الشركة أيضا شهادات لناقلات النفط في قبرص ومالطا التي تعود ملكيتها لشركة ناقلات النفط الإيرانية الوطنية التي خصخصتها إيران عام 2009، لكن لا يزال يعتقد أنها مقربة من الحكومة الإيرانية. وتمتلك الشركة 10 في المائة من ناقلات النفط العملاقة وتخطط لتوسعة عملها.

وتضم شركة «دي إن في» هيئات استشارية للدول المختلفة وتضم هيئتها الاستشارية لإيران ثلاثا من شركة خطوط شحن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، التي كشفت وزارة الخزانة الأميركية عام 2008 عن تقديمها خدمات لوجيستية. وتشمل الشحنات المتعلقة بالأسلحة إلى وزارة الدفاع ولوجيستيات القوات المسلحة الإيرانية.

وتعمل الحفارات النفطية العاملة حاليا في المياه الإقليمية الإيرانية في الغالب لصالح شركات مملوكة لإيران، وتعود ملكية الحفارات من جانب مجموعة متنوعة من الشركات الأجنبية، بما في ذلك شركة «سينفست» النرويجية، وشركة «فورسايت غروب» ومقرها لندن، و«تشاينا أويلفيلد سرفيسيز» والصين لخدمات حقول النفط، و«جابان دريلينغ» اليابانية، وشركة «سايبم» التابعة لشركة «إيني» النفطية الإيطالية العملاقة. وقالت مصادر الصناعة إن الحفارات ربما تكون قد حصلت على التصديق من شركة «لويدز» أو مكتب «فيريتاس»، ولم ترد «فيريتاس» على الأسئلة التي وجهت إليها.

وقد نشرت «لويدز ليست»، مطبوعة، يوم الاثنين مقالات تؤكد أن تشديد العقوبات سيرفع من أسعار النفط الخام، من خلال تهديد صادرات إيران من النفط التي تقارب المليوني برميل يوميا. ويذهب ما يقرب من ربع هذه الكمية إلى الصين و12 في المائة إلى اليابان. وتتلقى معامل التكرير في اليونان وإيطاليا وإسبانيا 450.000 برميل من النفط الخام الإيراني يوميا، بحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية بعضها عبر السفن والبعض الآخر عبر خط أنابيب يمر بمصر. وقال فاضل غيط، محلل النفط في شركة «أوبنهايمر أند كومباني»: «ينبغي أن تقترب أسعار النفط من 80 دولارا للبرميل»، لكنه أوضح أن التكهنات بشأن نقص المعروض في السوق من النفط أدت إلى زيادة سعر البرميل 20 دولارا إضافية بسبب الأوضاع في ليبيا وإيران وغيرها من الدول. وأشار إلى أن هذا الأمر مثل الغول، فلا أحد يعلم شكله أو ضحيته القادمة. وصرحت شركة «يوراشيا غروب»، التي تعمل في مجال المخاطر الاقتصادية المرتبطة بالسياسة، بأن ارتفاع أسعار النفط سينتهي بدفع الدول الغربية إلى التراجع عن العقوبات، التي ربما تؤثر سلبا على صادرات إيران من النفط الخام، بما في ذلك الإجراءات الأوروبية الأخيرة الخاصة بفرض قيود على المصرف المركزي الإيراني. وأضافت الشركة في بيان مؤخرا: «هذه المخاوف مبالغ فيها، حيث سيكون التأثير الحقيقي الفعلي لهذا الوضع على السوق محدودا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»