أوروبا تواجه امتحان ثقة قبيل القمة الأوروبية

وسط انخفاض اليورو وهبوط كبير لأسواق المال الأوروبية

المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل (أ.ب)
TT

في مؤشر يعكس حالة التشاؤم التي تعيشها أسواق المال، انخفض سعر صرف اليورو أمس وأغلقت الأسهم الأوروبية منخفضة قبيل انعقاد اجتماع القمة الأوروبية في بروكسل. وجاء انخفاض اليورو في أعقاب تصريحات أدلى بها رئيس المركزي الأوروبي ماريو دراغي قال فيها إنه لم يعط مؤشرات أن المركزي سيرفع مشترياته من السندات الأوروبية.

وفتح مؤشر «داو جونز» الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى منخفضا 45.41 نقطة أو 0.37 في المائة عند 12150.96 نقطة. وهبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأوسع نطاقا 8.86 نقطة أو 0.70 في المائة إلى 1252.15 نقطة. وانخفض مؤشر «ناسداك» المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا 19.27 نقطة أو 0.73 في المائة إلى 2629.94 نقطة.

وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل قبيل انعقاد القمة، إن أوروبا تواجه امتحان ثقة ومصداقية، بينما حذر رئيس مجموعة اليورو رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكر، من خوض نقاش دائم حول تعديلات محتملة على الاتفاقيات الأوروبية، لا سيما اتفاقية الاستقرار المالي، مطالبا بالتسريع في إجراء هذه التغييرات، وجاءت تلك التصريحات قبل ساعات قليلة من انطلاق أعمال قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل مساء أمس الخميس على عشاء عمل، وتستأنف اليوم الجمعة بحضور قادة الدول الـ27 الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد، وتنتظر الأسواق الأوروبية والعالمية وأيضا رجل الشارع الأوروبي ما سوف يخرج عن القمة من قرارات.

فقد عبر رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو، عن قناعته بأن أوروبا تواجه امتحان ثقة ومصداقية، وأضاف قائلا «إن العالم أجمع يترقب اجتماعاتنا اليوم، فأمامنا قمة حاسمة»، وأعرب عن أمله أن يقول زعماء الدول الأعضاء في التكتل الموحد «ما يمكن فعله معا وليس ما لا يمكن عمله»، على حد تعبيره. وأوضح أن المفوضية الأوروبية تريد حلولا وليس مزيدا من المشاكل، «ومن هنا جاء دعمنا لإجراءات تعزيز الانضباط المالي، لأن الهدف الأهم هو حماية استقرار العملة الموحدة، اليورو»، ووجه باروسو نداء ملحا لجميع زعماء الدول الأوروبية من أجل إظهار مزيد من التضامن فيما بينهم، وحسب العديد من المراقبين تعقد القمة في ظل أجواء متشنجة على خلفية تباين شديد في وجهات النظر حول طرق الخروج من الأزمة.

وطالب يونكر في تصريحات صحافية بأن تكون هذه التعديلات محددة، محذرا من إجراء نقاشات طويلة حولها أو إخضاع القرارات بخصوصها إلى تصويت برلمانات الدول الأوروبية. ويذكر أن هذه التغييرات، التي اقترحتها ألمانيا بعد اتفاق بين المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وترمي إلى خروج منطقة اليورو من أزمة الديون، ستكون الموضوع الرئيسي الذي ستناقشه قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل.

وفي الوقت الذي أعرب فيه يونكر في التصريحات ذاتها عن تأييده لتدخل أوسع من قبل المفوضية الأوروبية في مناقشة الملفات المالية والاقتصادية، رفض المسؤول تدخل المحكمة الأوروبية في فض نزاعات حولها، ليعارض بذلك المقترحات الألمانية في هذا الخصوص. وطالب المسؤول الزعماء الأوروبيين باتخاذ القرارات اللازمة في القمة المقررة حتى لو اضطروا إلى اتخاذها بموافقة الدول الأعضاء في منطقة اليورو (17 دولة) دون الاضطرار إلى الحصول على موافقة جميع الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي. وقوبلت الفكرة الفرنسية - الألمانية ببعض الشك في الصحافة الأوروبية، فمن جانبها علقت صحيفة «جورنال دي نيجوسيوس» البرتغالية على هذه الخطوة قائلة إن «أولئك الذين يعرفون أوروبا يدركون أن ميركل وساركوزي وضعا استراتيجية غير مؤكدة لكسب المعركة ضد الانهيار الفوري لليورو لكنهما أعادا فتح الجروح القديمة الخاصة بمصداقية السيادة والديمقراطية في البلدان الأوروبية ودول الاتحاد الأوروبي».

وفي خطوة اعتبرت تأجيجا للأزمة ومفاقمة للوضع أعلنت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني أنها وضعت بعض دول منطقة اليورو تحت المراقبة الائتمانية السلبية مما تسبب في ضجة سياسية في أوروبا. بينما علقت صحيفة «ليبيراسيون» الفرنسية على هذه الخطوة قائلة إنه بوضع منطقة اليورو تحت المراقبة السلبية عشية اجتماع الاتحاد الأوروبي «تكون (ستاندرد آند بورز) أكدت ظهور قوة اقتصادية لا حدود لها تهيمن على الهياكل والقواعد الديمقراطية». وعلاوة على ذلك فإن أزمة الديون والأزمة المالية تحيي المنافسات الماضية مع زيادة المخاوف من «ألمانيا قوية» تسيطر على أوروبا. فمن جانبها رأت صحيفة «بوبليكو» البرتغالية أن «ألمانيا تحضّر للهيمنة على أوروبا». وبحسب العديد من المراقبين الأوروبيين فإنه ورغم تعدد قمم الاتحاد الأوروبي والكم الهائل من المبادرات والمقترحات فإن أزمة الديون في أوروبا تزداد عمقا.