ديفيد كاميرون يواجه محنة في قمة بروكسل

أمام قرارين أحلاهما مر

ديفيد كاميرون (رويترز)
TT

يدخل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اجتماعات قمة الاتحاد الأوروبي وهو في وضع لا يحسد عليه، حيث يعيش ضغوطا داخلية من جانب بعض الأعضاء في حزبه، وهم المعارضون لعضوية بريطانيا في أوروبا والذين يطالبونه بإجراء استفتاء على أي تعديلات تقترح على اتفاقية الاتحاد الأوروبي قبل الموافقة عليها. كما يواجه رئيس الوزراء كاميرون انتقادات حادة من زعماء الاتحاد الأوروبي، خاصة من الرئيس ساركوزي والمستشارة الألمانية ميركل. ويتهم كاميرون من قبل زعمائه الأوروبيين بأنه لا يرغب في المشاركة في حل أزمة اليورو أو ترك الآخرين يسهمون في حلها، وبالتالي طلبوا منه الابتعاد.

وترغب دول الاتحاد الأوروبي في إدخال تعديلات على اتفاقية الاتحاد الأوروبي تجعل الميزانيات المالية للدول الأعضاء تخضع لإشراف مباشر ومراقبة من قبل المفوضية الأوروبية لتلافي الإسراف في الإنفاق الذي أدى إلى أزمة الديون. ويعتقد العديد من أعضاء حزب كاميرون أن مثل هذا التعديل يعني تدخل المفوضية الأوروبية في شؤون الحكم البريطاني في شكل يرقى إلى انتهاك الديمقراطية.

وبالتالي فإذا قبل كاميرون بالتوقيع على التعديلات المقترحة فإنه سيواجه بغضب في البرلمان، أما في حال رفضه التوقيع على هذه التعديلات فإن ميركل وساركوزي سيعملان على إجازتها بين أعضاء منطقة اليورو التي لا تضم بريطانيا. وبالتالي ربما ستصبح بريطانيا شبه معزولة. ويرى خبراء أنه في الحالتين سواء وافق رئيس الوزراء كاميرون على التعديلات أو لم يوافق فإنه سيواجه محنة حقيقية، إذ إنه في حال عدم موافقته فإن قافلة اليورو ستسير من دون بريطانيا، وبالتالي ستتضرر مصالح بريطانيا تجاريا وماليا.

وقال لويد شولتز، الخبير المالي بحي المال، لـ«الشرق الأوسط»: «التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون خلال اليومين الماضيين حول حماية المصلحة البريطانية قصد منها الاستهلاك الداخلي، ولكنه ليست لديه قوة تفاوضية تمكنه من إقناع أعضاء الاتحاد الأوروبي بحماية مصلحة الاقتصاد البريطاني». وأضاف «النقطة الوحيدة التي تبرر اعتراض بريطانيا على إجراء تعديلات هي المقترح الخاص بفرض ضريبة على الصفقات المالية، حيث إن حي المال البريطاني يتضرر من هذه الضريبة».

وقالت مصادر بحي المال لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال إقرار زعماء أوروبا للضريبة على الصفقات المالية، فإن حي المال البريطاني سيكون المنقذ الأكبر لأوروبا، وبالتالي تكون بريطانيا المتضرر الأكبر. وتقدر الأموال التي ستتمكن أوروبا من جمعها عن طريق هذه الضريبة بنحو 57 مليار يورو، سيأتي 80 في المائة منها من حي المال البريطاني، أي نحو 40 مليار يورو. ومعروف أن مثل هذه الضريبة ستدفع بعض المستثمرين إلى هجر لندن إلى مراكز مالية أخرى في أميركا والشرق الأقصى. وبالنسبة لبريطانيا فإن حي المال في لندن يعد من المصادر المهمة للثروة، حيث يسهم بنسبة 11 في المائة من موارد الميزانية البريطانية.