«نخيل» تسدد ملياري دولار من مجموع الدفعات النقدية المستحقة للدائنين

بعد تأكيد دبي عدم وجود نية لإعادة هيكلة ديون شركاتها

TT

في وقت تضاربت فيه التقارير الاقتصادية حيال خيارات إمارة دبي المالية للإيفاء بسندات بقيمة 3.8 مليار دولار تستحق السداد العام المقبل، يبدو أن الإمارة التي تجاوزت أسوأ تبعات أزمة مالية وتفادت بصعوبة التخلف عن سداد سندات.. يبدو أنها حسمت أمرها، ولكن لا يزال عليها التعامل مع ما يترتب عليها من ديون من خلال التأكيد على أن لا نية لإعادة هيكلة ديون الشركات التابعة لحكومة دبي في 2012 وإنما قد يتم النظر في إعادة تمويل بعضها.

في غضون ذلك، أعلنت شركة «نخيل» المملوكة لحكومة دبي أمس عن قيامها بسداد مبلغ 7.3 مليار درهم (مليارا دولار) من مجموع الدفعات النقدية المستحقة للدائنين التجاريين، وهو ما اعتبرته الشركة «خطوة كبيرة ضمن خطتنا لإعادة الرسملة».

وجاء تأكيد حكومة دبي عدم وجود نية لإعادة هيكلة ديون الشركات التابعة لحكومة دبي في 2012 على لسان رئيس الفريق الاقتصادي في الإمارة الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس اللجنة العليا للسياسات المالية في دبي، مشيرا أنه لا صحة لما تردد حول نية «إعادة هيكلة» بعض الديون المستحقة على الشركات التابعة لحكومة دبي في عام 2012، في الوقت الذي تتبع فيه الحكومة سياسة مالية متينة تعزز من مستويات الثقة في قدرة شركاتها على ملاقاة كل الالتزامات المالية بأسلوب منهجي سليم.

واعتبر الشيخ أحمد أن حكومة دبي ربما قد تنظر في «إعادة تمويل» جزء من المستحقات المالية الواجب سدادها على الشركات التابعة لها في غضون العام المقبل إذا ما استدعت الحاجة ذلك، مع التأكيد على الفارق الكبير بين عمليات «إعادة الهيكلة» وعمليات «إعادة التمويل»؛ حيث تُعتبر الأخيرة من الممارسات الطبيعية والمتعارف عليها في مجال تمويل المؤسسات.

وفي حين لم يشر المسؤول إلى مصادر إعادة التمويل، أشارت تقارير في وقت سابق إلى أنه ربما تستغل دبي أموال صندوق الثروة السيادي للمساهمة في سداد سندات بقيمة 3.8 مليار دولار تدين بها شركات مرتبطة بالدولة وتستحق السداد العام المقبل.

وتجاوزت الإمارات أسوأ تبعات أزمة للدين بفضل انتعاش اقتصادي للتجارة والسياحة ووضعها بوصفها ملاذا آمنا وسط انتفاضات الربيع العربي، ولكنها ما زالت تواجه تحدي سداد ديون ضخمة. والديون التي تستحق السداد العام المقبل من جانب ثلاث شركات هي «دبي القابضة للعمليات التجارية» التابعة للشركة القابضة الخاصة بحاكم الإمارة، و«دي أي إف سي» للاستثمار، و«المنطقة الحرة لجبل علي»، ويعتقد أن الشركات الثلاث صاحبة المخاطر الأكبر لإعادة جدولة ديون، وربما تنخرط في الأمر «مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية» ذراع الثروة السيادية في الإمارات، بحسب وكالة «رويترز».

وفي بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه مساء أول من أمس، قال الشيخ أحمد إن حكومة دبي على استعداد كامل لدعم الشركات التابعة لها وضمن كل المراحل وذلك من خلال مجموعة من الخيارات المختلفة. ونشرت بعض وسائل الإعلام مؤخرا نقلا عن وكالات التصنيف القلق حول ديون بعض الشركات الحكومية في دبي، التي تستحق قريبا.

إلى ذلك، أشار بيان مقتضب لشركة «نخيل» العقارية المملوكة لإمارة دبي إلى قيامها بسداد مبلغ 7.3 مليار درهم (مليارا دولار) من مجموع الدفعات النقدية المستحقة للدائنين التجاريين، وهو ما اعتبرته الشركة «خطوة كبيرة ضمن خطتنا لإعادة الرسملة، وكذلك استكمالا للدفعات النقدية لنحو 500.000 درهم (أو أقل) التي تم دفعها للدائنين التجاريين كمرحلة أولية بدءا من شهر مارس (آذار) 2010».

وأشار البيان إلى أن «نخيل» أعلنت مسبقا أنه «تم الانتهاء من إعادة هيكلة الشركة ماليا، والعمل يسير وفق الجدول الزمني المعدل».

ويبدو من خلال كل تلك المؤشرات أن «نخيل» تحث الخطى لإغلاق ملف ديونها بنجاح بعد نجاحها في تسوية أكبر عملية لإعادة هيكلة الديون في الشرق الأوسط، حيث أعلنت «نخيل» المملوكة لحكومة دبي والعضو في «مجموعة دبي العالمية» في وقت سابق، وبدعم من حكومة دبي، أنه تم تسجيل صافي أرباح تجاوز نصف مليار درهم (143 مليون دولار) كنتائج للنصف الأول من السنة المالية المنتهية بتاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) 2011.

وأعلنت الشركة المطورة لمشاريع كبرى في دبي أن إجمالي عائدات الشركة خلال النصف الأول من السنة المالية المنتهية بتاريخ 31 ديسمبر 2011، بلغت مليار ونصف المليار درهم، وقالت «نخيل» إنها حُصلت من تسليم العديد من الوحدات السكنية في مشاريع «نخيل» المختلفة، كما ساعدت بعض فروع قطاع الأعمال الأخرى كالقطاع التجاري والتأجير في بلوغ هذه النتيجة الإيجابية. من ناحية أخرى، فإن الشركة بدأت تطبيق سياسة تخفيض النفقات التي أوجدت مبلغ 131 مليون درهم خفضا في التكاليف مقارنة بالسنة المالية الماضية 2010.

واعتبرت «نخيل» أن «الأداء المالي المتطور يعكس مدى التزام مجلس إدارة (نخيل) في تطبيق استراتيجية تجارية مستدامة طويلة إلى متوسطة المدى، بالإضافة إلى إيجاد أفضل السبل للسيطرة على النقد والنفقات».

وبعد أن ارتبط وصف «المتعثرة» باسم الشركة خلال السنتين الماضيتين، عقب أزمة ديون «دبي العالمية»، انتقلت الشركة من التعثر إلى تحقيق أرباح تقدر بنحو مليار درهم في نهاية السنة المالية 2010، بينما تتوقع الشركة أن تحقق أرباحا أكبر للعام الحالي.

وقال علي راشد لوتاه، رئيس مجلس إدارة «نخيل» في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» إن الأزمة المالية أصبحت من المنسيات، وإن الشركة تمكنت من تحقيق هذه الأرباح بشكل رئيسي من خلال التحصيلات المالية وتقليل تكاليف المشاريع والتكاليف الإدارية، مشيرا إلى أن «نخيل» بدأت في تطوير ستة مشاريع في دبي بمئات الملايين، متوقعا أن تنجز كل تلك المشاريع في مدة لن تتجاوز منتصف 2013، مضيفا أن الأزمة التي كانت تعانيها «نخيل» قد «انتهت ونسيناها وأصبحت وراء ظهورنا، وليس هناك أي تداعيات لهذه الأزمة اليوم، فنحن وقعنا على إعادة هيكلة الديون وانتهينا، وملتزمون بتعهداتنا، ومقاولونا ملتزمون أيضا».