خبراء: أحلام رئيس الوزراء المصري التنموية قد تصطدم بواقع البلاد الاقتصادي

قالوا إن محدودية الموارد ونقص السيولة سيعوقان تحقيقها

TT

تسلمت الحكومة المصرية الجديدة عملها أمس، بقيادة رئيسها الدكتور كمال الجنزوري، الذي يضع ضمن أولوياته تنفيذ مشاريع تنموية عملاقة، تبناها خلال رئاسته لحكومة سابقة قبل نحو 12 عاما، تلك المشاريع يرى كثيرون أنها لا تتماشى مع أولويات المرحلة الحالية التي تمر بها البلاد.

وكان الجنزوري أحد واضعي الخطة التنموية لمصر خلال الفترة من 1983 إلى عام 2003، والتي كانت تهدف إلى دعم الاقتصاد المصري ورفع معدلات التنمية، عبر توسيع القاعدة الصناعية والزراعية. وبعد أن تولى رئاسة الوزراء عام 1996، كان من أولوياته توسيع الرقعة الزراعية لمصر، وكان صاحب عدد من المشاريع العملاقة مثل مشروع توشكى، ومشروع تعمير سيناء، ومشروع غرب خليج السويس، علاوة على إنجازه مشروع الخط الثاني لمترو أنفاق القاهرة. وزادت شعبيته في البلاد بعد تلك المشاريع؛ إلا أن كثيرا من «مشاريع» الجنزوري لم تكتمل بسبب خروجه من الحكومة، ليعيد طرحها على الرأي العام على أمل استكمالها خلال الفترة الحالية.

وأعلن الجنزوري فور تكليفه بتشكيل وزارة الإنقاذ الوطني أنه سيعيد إحياء مشروعاته القومية الكبرى التي كان يتبناها، مثل توشكى وشرق العوينات وغيرهما من المشروعات.

إلا أن خبراء رأوا أن رؤية الجنزوري التنموية خلال الفترة الحالية ستصطدم بواقع البلاد، التي تعاني ميزانيتها من أزمة في السيولة، بسبب قلة الإيرادات وارتفاع المصروفات، كما أن استكمال المشروعات التي يسعى الجنزوري لوضعها ضمن أولوياته يحتاج إلى تمويل ضخم، وهو ما تفتقده البلاد خلال الفترة الحالية.

ورغم أن الجنزوري قال في تصريحات سابقة إن المشروعات التنموية التي يسعى إلى استكمالها، مثل مشروع توشكى، جاهزة لبدء العمل بها، وإن البنية التحتية بتلك المنطقة مهيأة لبدء العمل والإنتاج؛ فإن خبراء قالوا إن هناك أولويات يجب أن تنظر الحكومة إليها، خاصة أن حكومة الجنزوري لن تستمر أكثر من سبعة أشهر، وبالتالي فإن استكمال تلك المشاريع الكبرى قد يتوقف وفقا لرؤية الحكومة والبرلمان القادم.

وبرر الخبراء تلك الرؤية بالمشروع العملاق الذي تبنته حكومة رئيس الوزراء المصري السابق عصام شرف، عندما وضعت مشروع ممر التنمية الذي أعده العالم المصري فاروق الباز، وتوقف الحديث عنه بعد تولي الجنزوري رئاسة الحكومة.

يقول محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية للاستثمار والتمويل، إن الواقع سيفرض على الحكومة أولويات، فالأماني الآن ليست محلا للنقاش، فالوزراء الحاليون ستكون أمامهم مهمة أساسية وهي اجتياز المشاكل الاقتصادية العاجلة، خاصة تلك المتعلقة بعجز الموازنة وفجوة التمويل وتآكل الاحتياطي وخفض معدلات البطالة، وزيادة معدلات النمو، والحفاظ على الاستثمارات القائمة، وزيادة معدلات النمو، وحل تلك المشاكل يحتاج إلى وقت قصير يتناسب تماما مع مهام الحكومة الحالية التي لن تطول مدة توليها لأمور البلاد أكثر من سبعة أشهر.

وأضاف أن المشاكل التي تمر بها البلاد تتنافى تماما مع إحياء مشروعات كبيرة الحجم، وارتفاع الإنفاق، وعائدها قد يمتد لسنوات، خاصة في ظل نقص موارد الدولة وزيادة الإنفاق وارتفاع العجز بميزان المدفوعات.

ويرى وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، أن هذه المرحلة تفرض ضرورات عاجلة أهمها خلق بدائل تمويلية جديدة، وضغط الإنفاق الحكومي، وإعادة هيكلة الدعم، وإعادة النظر في المنظومة الضريبية، أما المشروعات الكبرى فيمكن اللجوء إليها في وقت آخر كجزء من تنمية الدولة، فالمرحلة الحالية يجب أن تتماشى مع مقتضيات المرحلة الانتقالية.

وأضاف أن إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة مرسوما بقانون يفوض رئيس مجلس الوزراء في مباشرة الاختصاصات المخولة لرئيس الجمهورية في ما عدا اختصاصات رئيس الجمهورية الواردة بقوانين القوات المسلحة والهيئات القضائية، سيساعد رئيس الوزراء الجديد في اتخاذ إجراءات عاجلة وسريعة لحل المشاكل الاقتصادية التي تمر بها البلاد، خاصة أن تداخل الاختصاصات أعاق الحكومة السابقة عن اتخاذ قرارات عاجلة، مثل قرض صندوق النقد الدولي البالغة قيمته 3.2 مليار دولار، الذي رفضه المجلس العسكري، مما أدى إلى زيادة اعتماد الدولة على أذونات وسندات الخزانة، مما أدى إلى ارتفاع عائداتها لتصل إلى 16 في المائة.