الحكومة المصرية تسعى لطرح أذون خزانة بـ830 مليون دولار الأسبوع المقبل

الجنيه المصري يواصل تراجعه أمام الدولار ويرتفع أمام اليورو

TT

تعتزم الحكومة المصرية ممثلة في وزارة المالية طرح «أذون خزانة» بقيمة 5 مليارات جنيه (830 مليون دولار) يوم الاثنين المقبل لتدبير احتياج مالي تغطي به جزءا من الطلب المتزايد، في ظل وضع اقتصادي وصفه رئيس الوزراء كمال الجنزوري قبل أيام بأنه غير متصور، يأتي ذلك في الوقت الذي تواصل فيه العملة المحلية، الجنيه، تراجعها أمام الدولار.

وقال مصدر رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة تأمل في تغطية نصف الطرح على الأقل في ظل عزوف البنوك (15 بنكا) التي لها حق شراء أذون الخزانة عن الشراء، وذلك لزيادة توظيف أموالها في تمويل المشاريع التي تساعد على خلق وظائف ومنتجات تسير حركة الدوران الاقتصادي.

من جانبه، رفض الخبير المصرفي أحمد سليم اتجاه الحكومة في توسيع الاعتماد على تلك الآلية التي تزيد من مخاطر الدين الداخلي، وتعطل عمل البنوك الحقيقي في توظيف ما لديها من سيولة في مشاريع التنمية.

وكشف تقرير حديث للبنك المركزي المصري عن تراجع استثمارات الأفراد الأجانب خلال سبتمبر (أيلول) الماضي في شراء أذون الخزانة، بنسبة 4.76 في المائة، لتصل إلى 16.259 مليون جنيه، مقابل 17.073 مليون جنيه خلال أغسطس (آب) السابق له. وبلغت قيمة الأرصدة القائمة من الأذون الحكومية خلال سبتمبر 349.928 مليون جنيه، منخفضا بنسبة 0.28 في المائة، مقارنة بقيمته خلال أغسطس السابق له.

كمما انخفضت استثمارات بنوك القطاع العام خلال سبتمبر بنسبة 17.07 في المائة، لتصل إلى 89.001 مليون جنيه، مقابل 107.326 مليون جنيه خلال أغسطس.

في حين اتجهت البنوك الأجنبية إلى زيادة استثماراتها في أذون الخزانة في سبتمبر، بنسبة 41.96 في المائة، لتصل إلى 16.718 مليون جنيه، مقابل 11.776 مليون جنيه في أغسطس للاستفادة من أسعار الفائدة التي ارتفعت إلى نحو 14 في المائة.

وأضاف سليم أن الوضع المالي بالفعل خطير، خاصة أن حجم الدين العام اقترب من أن يكون 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى أن خطورة الدين المصري لا تقتصر على حجمه فقط، ولكن لأن نسبة كبيرة منه ديون قصيرة الأجل، سيتم سدادها في فترة أقصاها سنة من تاريخ الاقتراض، وبفائدة مرتفعة نظرا لانخفاض حجم الطلب على الديون المصرية في ظل المخاطر السياسية.

وقال سليم إن البنوك الرئيسية التي لها حق التعامل في سوق سندات وأذون الخزانة المصرية قد تكون وصلت إلى الحد الأقصى من الاستثمار في تلك المحافظ، مما يجعل دخول متعاملين جدد في تلك السوق ضروريا، مشيرا إلى أن اقتراح وزير المالية السابق حازم الببلاوي بإتاحة دخول المستثمرين العرب في ذلك السوق يجب تفعليها لضمان دخول أموال جديدة، ومحاولة لجبر البنوك على الدخول في الاستثمار المباشر. كانت آخر مبيعات لأذون الخزانة المصرية مطلع الأسبوع الحالي، بقيمة 5 مليارات جنيه، بأسعار فائدة 14.06 في المائة على أذون لأجل 3 أشهر، و15.14 في المائة لأجل 9 أشهر. وقال سليم إن الوضع خطير ويستلزم خلق حلول عاجلة في ظل مؤشرات تشير إلى مخاطر في المرحلة المقبلة تتعلق بعدم القدرة على سداد الديون المصرية، حيث تم نشر تقارير أخيرة حول عدم قدرة الحكومة على سداد مديونياتها لشركات الاتصالات والمقاولات. وتواجه الحكومة المصرية تراجعا قويا في حجم الاحتياطيات من النقد الأجنبي، الذي انخفض بنسبة 44 في المائة خلال الـ11 شهرا الأولى من العام الحالي، لتصل إلى نحو 20 مليار دولار حاليا، وهو ما يرجع إلى تباطؤ الأنشطة الاقتصادية الموردة للعملة الأجنبية، وعلى رأسها النشاط السياحي، بالإضافة إلى مساندة البنك المركزي للجنيه في مواجهة الدولار بعد أن تراجعت قيمة العملة المحلية أمام العملة الأميركية أول من أمس إلى أقل معدلاتها منذ 2004 لتخطي سعر الصرف نحو 6.03 جنيه للبيع و6.006 للشراء، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.

في السياق ذاته، قال علي الحريري سكرتير شعبة الصرافة باتحاد الغرف التجارية المصرية لـ«الشرق الأوسط» إن انخفاض الجنيه يزيد الوضع المالي صعوبة لما يتسبب فيه من رفع تكلفة الواردات، وهو ما ستظهر انعكاساته على الاقتصاد المصري بشكل واضح في ظل الاعتماد الكبير على استيراد السلع الأساسية من الخارج كغاز البوتاجاز، متوقعا ارتفاع مستوى العجز في العام المالي الحالي، عن العجز الذي استهدفته الحكومة عند 8.6 في المائة من الناتج الإجمالي، ليصل إلى 15 في المائة، مع عدم تخطي معدل نمو الناتج المحلي 1.5 في المائة.

كان الأجانب باعوا ما في حوزتهم من استثمارات في الأوراق المالية بقيمة كبيرة بلغت 7.1 مليار دولار، وهي صافي التدفق للخارج خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يونيو (حزيران) من العام الحالي، نتيجة تخلص الأجانب لما في حوزتهم من محفظة الأوراق المالية المستثمرة في مصر، خاصة أذون الخزانة المصرية التي أسفرت عن صافي مبيعات بلغ نحو 6.1 مليار دولار، طبقا لما أعلنه أحدث التقارير الصادرة عن البنك المركزي المصري.