النفط الروسي الكاسب الأكبر من العقوبات الدولية على سوريا

وزير النفط الإيراني استبعد في تصريحات لـ «الشرق الأوسط» حظرا نفطيا على بلاده

رستم قاسمي وزير النفط الإيراني (أ.ب)
TT

ستكون روسيا هي الرابح من فرض عقوبات دولية على سوريا كما ستستفيد بدرجة أكبر إذا حظر الاتحاد الأوروبي واردات النفط الإيراني مما يبقي على خام الأورال الروسي عند مستويات أسعار مرتفعة لعدة أشهر أخرى. وزادت أسعار خام الأورال بالفعل متجاوزة سعر خام القياس مزيج برنت خام منذ منتصف أكتوبر (تشرين الأول) لأطول فترة على الإطلاق.

وقال روي غوردن من شركة «فاكتس غلوبال إنرجي» للاستشارات النفطية: «قوة الأورال بالمقارنة ببرنت في الأسابيع القليلة الماضية ترجع إلى عدة عوامل، منها: عدم اليقين بشأن أثر العقوبات على إيران، وفقد الإنتاج والصادرات السورية». وتخسر المصافي الأوروبية أموالا، إذ ستضطر إلى دفع أكثر مقابل خام الأورال، وهو ما قد يثني الاتحاد الأوروبي عن التحرك قدما باتجاه حظر الخام الإيراني. وفي العادة يباع خام الأورال بسعر أقل من سعر برنت لأنه يحتوي على الكبريت بنسبة 1.3 في المائة، كما أنه أكثر ثقلا من خامات بحر الشمال. وأغلب خامات إيران وسوريا إما مماثلة لخام الأورال وإما أثقل منه. وكل هذه الخامات تحتاج إلى درجات أعلى من التكرير.

وصدرت سوريا أغلب إنتاجها البالغ 150 ألف برميل يوميا من الخام الثقيل العالي الكبريت عبر البحر المتوسط قبل فرض العقوبات في وقت سابق هذا العام في أعقاب حملة قمع الاحتجاجات ضد حكم الرئيس بشار الأسد الذي تولى السلطة قبل 11 عاما.

وكانت خامات سوريا الثقيلة بديلا تقليديا لخام الأورال الروسي عندما كانت الأسعار الروسية مرتفعة. وقال صامويل جيزوك المستشار في شركة «كيه بي سي بروسيس تكنولوجي» لـ«رويترز»: «مع عدم توقع رفع العقوبات عن سوريا في أي وقت قريب من المرجح أن تكون هناك ضغوط ترفع سعر خام الأورال».

وفضلا عن ذلك إذا وافق الاتحاد الأوروبي على حظر واردات الخام الإيراني في يناير (كانون الثاني) سيتعين على المصافي الأوروبية إيجاد بدائل لنحو 600 ألف برميل يوميا من الخام المتوسط والثقيل العالي الكبريت، وهو تقدير أوردته وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الشهري عن سوق النفط يوم الثلاثاء الماضي. وقال غوردن: «أتوقع أن تدفع الخسارة المحتملة لواردات الخام الإيراني المصافي الأوروبية إلى مواصلة دفع علاوة سعرية على خام الأورال ليتجاوز سعر برنت في الأجل القصير حتى تتضح الصورة في ما يتعلق بإيران». وقالت الوكالة إنه حتى في حال فرض حظر جزئي ستواجه المصافي الأوروبية أسعارا مرتفعة للخام البديل من منتجين، منهم روسيا والعراق.

وقال المتعاملون إن اليونان التي تعتمد على الخام الإيراني اشترت في الفترة الأخيرة شحنة من خام الأورال من شركة «جلينكور» لأول مرة منذ عدة أشهر. وقال متعامل: «إنهم بالتأكيد يختبرون كيف سيكون الحال من دون الإمدادات الإيرانية. حسنا، يبدو ذلك مكلفا بالتأكيد». وأضاف أن اليونان ستجد أن من الصعب للغاية العيش دون الخام الإيراني والتحول إلى خام الأورال.

وأظهرت بيانات «رويترز» أن روسيا صدرت نحو أربعة ملايين برميل يوميا، غالبيتها الساحقة من خام الأورال، إلى أوروبا في نوفمبر (تشرين الثاني) عن طريق شاحنات وخطوط أنابيب. وتقوم شركات روسية وأوروبية كبرى ببيع الخام الروسي. وفي حين ستكسب روسيا من ذلك ستكون المصافي الأوروبية هي الخاسر، فالمخاوف من حظر أوروبي أكثر إضرارا بها منه بإيران التي يمكنها بيع خامها إلى أسواق آسيا المتعطشة للنفط.

واستثمر الكثير من المصافي الأوروبية مثل «نيست» الفنلندية و«ايني» الإيطالية في السنوات الماضية في وحدات تكرير متطورة مثل وحدات عزل الكبريت والتكسير لتتمكن من معالجة الخامات الثقيلة العالية الكبريت. وقد يكون لهذه السياسة أثر عكسي.

وقال متعامل في النفط من شركة كبرى: «خام الأورال الغالي يقلب اقتصاديات المصافي رأسا على عقب... الكل استكمل الاستثمارات في المصافي لشراء المزيد من خام الأورال وغيره من الخامات العالية الكبريت التي كانت تحقق وفرا في التكاليف».

إلى ذلك وصف رستم قاسمي، وزير النفط الإيراني، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» بمقر البعثة الإيرانية بفيينا، اللقاء الذي تم بينه وبين وزير النفط السعودي علي النعيمي «بالمفيد والودي»، مضيفا أنهما ناقشا سبل التعاون المشترك في مجال الطاقة، كما ناقشا ما وصفه بقضايا مشتركة، متجاهلا الرد على سؤال إن كان اللقاء الذي وصفه متابعون بـ«النادر» هو محاولة من إيران للتخفيف من تداعيات الاتهامات التي تلاحقها جراء محاولة اغتيال السفير السعودي لدى واشنطن. واكتفى الوزير الإيراني بالقول إنه كرئيس لدورة الـ«أوبك» سعى للتنسيق مع الدول الأعضاء، خاصة أن «أوبك» كمنظمة اقتصادية عليها أن تبحث عما يحقق مصالح الجميع منتجين ومستهلكين.

وكان رستم قاسمي قد رفض الحديث عن أن إيران عرفت باتخاذ مواقف متشددة مما يصنفها في خانة «الصقور»، خاصة أنه ليس بعيدا عن الأذهان الموقف الذي اتخذته إبان المؤتمر الوزاري الأسبق في يونيو (حزيران) الماضي، وقادت فيه إيران مجموعة الدول التي عارضت الزيادة في إنتاج المنظمة، مما أدى لانفراط عقد الجمع، ويومها أدلى النعيمي بتصريحات علنية وصف فيها المؤتمر بأنه الأسوأ على الإطلاق.

بالإضافة لذلك كان قاسمي عبر ترجمة من وإلى الإنجليزية تفضل بها المندوب الإيراني لدى المنظمات الدولية العاملة بالعاصمة النمساوية فيينا، السفير علي أصغر سلطانية، قد برر وجود اختلافات في المواقف ووجهات النظر أحيانا بأنه أمر طبيعي بل ومتوقع، مشددا على أن ذلك ليس سببا لتقسيم أعضاء «أوبك» إلى صقور وحمائم خاصة أن بينهم مصالح مشتركة.

واستبعد رستم قاسمي أن تبادر دول بفرض حظر على النفط الإيراني، مضيفا «حتى ولو حدث ذلك فالعالم واسع، وإيران لديها عملاء يكفونها وزيادة». وبسؤاله إن كان يعني على سبيل المثال عملاء مثل الهند التي لا تزال إيران تطالبها بسداد ما عليها من ديون مستحقة، نفى أن تكون لدى بلاده ديون لدى الهند أو غيرها.