اقتصاديون: البنوك العالمية تستهدف الفوائض الخليجية لتمويل التزاماتها عبر إصدار الصكوك

الجدل مستمر حول ملياري دولار صكوكا ينوي إصدارها مصرف غولدمان ساكس

TT

أكد الخبير الاقتصادي عبد الحميد العمري عضو الجمعية السعودية للاقتصاد، أن دخول صكوك بنك غولدمان ساكس الأميركي في السوق الخليجية تترتب عليه آثار كبيرة على القطاع المصرفي الخليجي على وجه التحديد، مبينا أن ذلك يتجلى في امتصاص جزء لا بأس به من السيولة الفائضة في القطاع المصرفي الخليجي، خاصةً تلك الموجودة في كل من الاقتصاد السعودي والقطري، قياسا على أنهما من أكثر القطاعات المتوافرة لديهما سيولة.

ويخشى العمري، أن تتسع دائرة إدراج مثل تلك الصكوك الأجنبية وأن تزاحم بصورة مضرة القطاعات الخاصة وقطاع المشاريع في منطقة الخليج، وهو ما قد يحد من النمو المأمول لتلك القطاعات الحيوية التي أصبحت تلعب دورا حيويا ومحوريا في تعزيز النمو الاقتصادي لدول المنطقة، والتي لا تزال تعتمد كثيرا على الإيرادات النفطية. ويعتقد العمري أن هذا الوضع الجديد يزيد من عملية تصدير السيولة المحلية للخارج، والتي تصل في المتوسط في الوقت الراهن لنحو 20 في المائة من حجم موجودات القطاع المصرفي الخليجي.

ويتوقع العمري أن تبرز حزمة سلبيات وتحديات مجرد دخول الصكوك الأميركية السوق الخليجية، ذلك أن أسواق الدين في منطقة الخليج إما أن تعاني من ضحالتها وعدم نضجها بالصورة الكافية، وانخفاض مساهمتها بصورةٍ كبيرة في تمويل الأنشطة الاقتصادية المتعددة الأغراض، كالسوق السعودية والقطرية على سبيل المثال، وإما أنها تعاني من بعض جوانب الانكشاف وارتفاع درجات المخاطرة كالسوق الإماراتية والكويتية.

وأضاف أن هذه الأسواق في ظل هذه التشوهات الهيكلية والإجرائية معرضة لكثير من المخاطر متى ما تسربت إلى سوقها المعتلة الأدوات الأجنبية، وهو ما قد تتفاقم مخاطره مستقبلا، خاصةً أن هناك حديثا عن مجيء إصدارات للدين بغض النظر عن شرعيتها من مناطق لا تزال تواجه تبعات الأزمة المالية العالمية. ويشير العمري إلى امتداد احتياجات التمويل في الولايات المتحدة لامتصاص حتى السيولة المالية غير الحكومية.

أما الخبير الاقتصادي عبد المجيد الفائز عضو جمعية الاقتصاد السعودية، فأوضح أن البنوك العالمية التي بدأت في تطبيق المصرفية الإسلامية على بعض عملياتها الموجهة للعالم الإسلامي وبالذات لدول الخليج، إنما هي بنوك تتبع سياسة متأنية للوصول لأهدافها ومن ضمنها بنك غولدمان ساكس الأميركي الذي ينوي القيام بعملية طرح صكوك إسلامية بعملات خليجية بقيمة ملياري دولار، مشيرا إلى أن هذا البنك الأميركي في نهاية المطاف يسعى لجمع المال اللازم لتمويل التزاماته أمام عملائه، حتى إن كانت بطرق غير تقليدية قياسا بعملياته.

ومع ذلك لا يعتقد الفايز أن دخول بنك غولدمان ساكس في السوق الخليجية من خلال طرحه أكبر حجم من الصكوك في المنطقة، تترتب عليه أي سلبيات على الأقل على المدى القصير، ولكن الفايز عاد فقال: «من المؤكد ستؤدي إلى دخول عهد جديد من منافسة البنوك الدولية الكبرى للبنوك المحلية في المستقبل على سوق القروض المحلية». ويرى أن ثمة تخوّفا قد يخلقه وجود بنك غولدمان ساكس في المنطقة، وذلك من خلال تصرفه كمشوش لإشاعة خدمات مصرفية غربية الهوى خليجية الاتجاه، الأمر الذي من شأنه إثارة نوع من الجدل حولها خاصة فيما يتعلّق بشرعيتها، إذ من الصعوبة بمكان أن تكون هناك رقابة كافية وقادرة على محاصرة حصيلة خدماته المصرفية خاصة هذا القرض الذي يزمع توجيهه لتمويل عمليات غير إسلامية.

وأضاف أن مثل هذا التوجه الجديد لبنك عملاق في حجم غولدمان ساكس من شأنه أن يخلط الأوراق ويعود بعملاء المصارف إلى المربع الأول وبالتالي إثارة الجدل الذي لن ينتهي حول شرعية المصرفية الإسلامية من عدمها خصوصا أن الغاية واحدة في كلتا المصرفيتين الإسلامية والتقليدية، وهي تحقيق أكبر قدر من المكاسب على مستوى الأفراد والشركات والمؤسسات وحتى القطاعات الحكومية.

وقال الفايز: «إن هذا الاتجاه الجديد لهجرة الخدمات المصرفية الغربية إلى السوق العربية خاصة الخليجية بثوب جديد وبحجم كبير ومنافس إذا قدر له أن ينجح ويكتسح ساحة المصرفية الإسلامية، من المؤكد سيحفز المزيد من البنوك العالمية لإتباع نفس الخطوة».

ويعتقد الفايز أن هذا التوجه المصرفي الغربي في السوق الخليجية يدل على قناعة تلك البنوك بأهمية السوق الخليجية تتلاءم مع شروطه، وهي برأيه خطوة ذكية تحسب لها، في حين أن بنوكا أسلامية لم تطبق ولم تبحث عن طرق مصرفية لأسلمة الفوائد على الإيداعات حتى اليوم رغم أنها تهتم بأسلمة القروض وهو ما يثير الشارع في سلامة مقصد تلك البنوك.