مصر تبحث استئناف المفاوضات بشأن قرض صندوق النقد الدولي

بعد أن وصل عجز الموازنة إلى 134 مليار دولار

جانب من نشاط البورصة المصرية (رويترز)
TT

تسببت التوترات السياسية التي تشهدها مصر منذ بداية ثورة «25 يناير» مطلع العام الحالي وما تبعها من اضطرابات إلى تخبط القرارات المتعلقة بإنقاذ الاقتصاد المصري الذي تراجع أداؤه بشدة خلال العام الحالي.

وقالت الدكتورة فايزة أبو النجا، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي أمس، إن مصر ربما تستأنف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوص العرض الذي قدمه الصندوق لإقراض مصر مبلغ 3.2 مليار دولار بفائدة 1.5 في المائة يبدأ سدادها بعد 3 سنوات و3 أشهر، وتسدد على 5 سنوات لسد عجز الموازنة العامة للدولة. وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد أعلن في يونيو (حزيران) الماضي رفضه لقبول هذا القرض حتى لا يمثل ضغطا إضافيا على الاقتصاد المصري.

ومع تلاحق التغييرات الوزارية في مصر خلال هذا العام تجددت المباحثات حول قبول القرض بعد أن وصل عجز الموازنة العامة للدولة في نهاية يونيو الماضي إلى 134 مليار دولار، وتسببت الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر وما أعقبها من انفلات أمني وتأثر اثنين من أهم القطاعات المدرة للنقد الأجنبي في مصر وهما السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تراجعت بنحو 96 في المائة خلال الربع الأخير من العام الحالي بالمقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

وأعلن البنك المركزي المصري أن احتياطي النقد الأجنبي في مصر فقد خلال الشهر الماضي نحو ملياري دولار ليسجل تراجعا بلغ نحو 8.69 في المائة، مقارنة بالشهر السابق عليه، لتصل قيمته إلى 20.15 مليار دولار، بعد أن كانت 36 مليار دولار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقدمت المملكة العربية السعودية مساعدات مالية لمصر تبلغ 500 مليون دولار لدعم موازنة الدولة ضمن حزمة مساعدات تبلغ 4 مليارات دولار، كما قدمت قطر مبلغا مماثلا لمصر، في شهر مايو (أيار) الماضي.

ووقعت مصر اتفاقية مع صندوق النقد العربي الشهر الماضي تحصل الحكومة المصرية بموجبه على قرض تصل قيمته الإجمالية إلى 470 مليون دولار. وقالت مصادر حكومية إن القرض وجه لدعم ميزانية الدولة.

ويتمتع القرض بفترة سماح تصل إلى عام ونصف العام وبفائدة 1.4 في المائة سنويا، ومن المقرر أن تحصل مصر على 200 مليون دولار كشريحة أولى من القرض خلال الشهر الحالي على أن تحصل على 270 مليون دولار كشريحة ثانية من القرض خلال شهر ديسمبر الحالي.

وفي سياق متصل، عقد الدكتور كمال الجنزوري، رئيس حكومة الإنقاذ الوطني، اجتماعا بمقر الهيئة العامة للاستثمار، للجنة الوزارية الاقتصادية أمس، لبحث إجراءات خفض عجز الموازنة العامة للدولة وترشيد الإنفاق وتنشيط الأسواق والبحث عن موارد جديدة وغير تقليدية للدولة وجذب استثمارات محلية عربية ودولية.

الى ذلك قال متحدث باسم صندوق النقد الدولي أمس الخميس إن مصر لم تطلب تمويلا من الصندوق، وذلك بعد أن قالت وزيرة مصرية إن بلادها قد تستأنف المحادثات مع الصندوق بشأن برنامج قرض. وأبلغ ديفيد هولي المتحدث باسم الصندوق الصحافيين بأن «السلطات المصرية لم تطلب ترتيبات لقرض من صندوق النقد الدولي... في الأشهر الماضية حافظنا على حوار وثيق مع السلطات».

وقالت وزير التخطيط والتعاون الدولي المصرية فايزة أبو النجا للصحافيين في القاهرة في وقت سابق من يوم أمس إن مصر قد تستأنف المحادثات مع صندوق النقد للحصول على قروض، وإن قرار التخلي عن التسهيل التمويلي في وقت سابق هذا العام قد يخضع للمراجعة. ويقول صندوق النقد إن لديه 35 مليار دولار تقريبا لإقراضها لدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أعقاب عام من الاضطرابات السياسية التي أطاحت بزعماء تونس ومصر وليبيا.

إلى ذلك توقع محللون أن تستمر تذبذبات البورصة بين الارتفاع والانخفاض خلال تعاملات الأسبوع المقبل وسط قيم ضعيفة. وشهدت البورصة المصرية تراجعات شبه جماعية خلال تداولات الأسبوع الحالي مع بدء المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية يوم الأربعاء.

وقال نادر إبراهيم العضو المنتدب لشركة «مشرق كابيتال» لإدارة المحافظ المالية لـ«رويترز»: «أداء السوق سيئ للغاية. قيم التداولات متدنية جدا. أتوقع أن يستمر في التذبذب خلال تعاملات الأسبوع المقبل». وتعاني البورصة المصرية من ضعف التداول وقلة المحفزات بالسوق وتخوف المتعاملين من ضخ سيولة جديدة نظرا لعدم وضوح الرؤية السياسية والاقتصادية المستقبلية لمصر بعد ثورة 25 يناير، التي دفعت الرئيس السابق حسني مبارك إلى التخلي عن الحكم. وأضاف إبراهيم: «قد تؤثر نتائج المرحلة الثانية من الانتخابات في آراء بعض المستثمرين لأن تشكيل مجلس الشعب القادم سيكون قد ظهر بنسبة كبيرة». وتجرى الانتخابات على مدى ستة أسابيع، وهي أول انتخابات حرة بعد سلسلة من الانتخابات التي كان يجري تزويرها خلال حكم الرئيس السابق حسني مبارك، الذي أطاحت به انتفاضة شعبية في فبراير (شباط) بعد نحو 30 عاما من الحكم».

وتراجع المؤشر الرئيسي للبورصة المصرية أمس الخميس 0.01 في المائة إلى 3918.4 نقطة ليزيد من خسائره خلال الأسبوع المنصرم إلى نحو 1.3 في المائة.

وقال إبراهيم النمر رئيس قسم التحليل الفني بشركة «نعيم» للوساطة في الأوراق المالية: «أعتقد أننا سنشهد أسبوعا من التداولات الضعيفة وسنهبط إلى مستوى 3800 نقطة».

وخسرت الأسهم 2.2 مليار جنيه (365 مليون دولار) من قيمتها السوقية خلال الأسبوع، ليصل إجمالي الخسائر إلى نحو 176.2 مليار جنيه منذ بداية العام. وقال إيهاب سعيد رئيس قسم التحليل الفني بشركة «أصول» للوساطة في الأوراق المالية: «سنشهد أسبوعا متذبذبا بين مستوى 3820 - 3950 نقطة مع انخفاض في قيم التداولات».

وتوقع محسن عادل العضو المنتدب لشركة «بايونيرز» لإدارة صناديق الاستثمار: «حدوث ارتدادة تصحيحية بالسوق خلال الأسبوع القادم لأعلى بدعم من تحسين المراكز المالية للمؤسسات وصناديق الاستثمار قبل نهاية العام». وأردف: «سنشهد أيضا نشاطا في تعاملات الأفراد المصريين على الأسهم التي اقتربت من نقاط دعم قوية لها».

وقال رئيس الوزراء المصري كمال الجنزوري الأحد المنصرم إن الوضع الاقتصادي في البلاد أسوأ مما يتصوره أحد، وإن هناك حاجة إلى التقشف لكبح عجز الميزانية المتضخم.

وتتوقع الحكومة أن يبلغ العجز 8.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية التي تنتهي في يونيو (حزيران) 2012، بينما يتوقع اقتصاديون أن يكون أكبر من ذلك بكثير، وأشار مسؤول بالجيش إلى أن العجز قد يصل إلى 11 في المائة.