اختلاف حول إنشاء جهاز يعنى بإدارة التنمية المتوازنة في منتدى الرياض الاقتصادي

وزير النقل السعودي: 21.6 مليار دولار تتكبدها المملكة سنويا من حوادث الطرق والازدحامات المرورية والتلوث

أوصت دراسة في منتدى الرياض الاقتصادي بإنشاء جهاز متخصص يكون معنيا بإدارة التنمية المتوازنة بالمناطق للاستفادة من التجارب الدولية (تصوير: خالد الخميس)
TT

قدر مسؤول رفيع المستوى في وزارة النقل تكلفة الحوادث والاختناقات والتلوث التي تتكبدها السعودية سنويا جراء ذلك، بأنها تلامس الـ81 مليار ريال (21.6 مليار دولار)، مقسمها إلى 47 مليار ريال (12.5 مليار دولار) لحوادث الطرق، و28 مليار ريال (7.4 مليار دولار) للازدحامات المرورية، أما الـ5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار) المتبقية فتذهب إلى التلوث، كاشفا عن أن عدم وجود وسائل نقل عامة يمثل عائقا رئيسيا أمام تطوير النقل داخل المدن، خصوصا أن نسبة الاعتماد على وسائل النقل الخاصة تتجاوز الـ82% من إجمالي الحركة بشكل عام.

وقال جبارة الصريصري، وزير النقل: إن إجمالي النقل المدرسي غير كافٍ؛ حيث إنه يغطي ما لا يتجاوز 25% من الطلب الحالي لنحو 4 ملايين طالب وطالبة، مبينا ضرورة توفير ودعم النقل العام، خصوصا نقل الطلبة بجنسيهم.

وأشار إلى أن معظم دول العالم تقوم بتوفير ودعم النقل العام والمدرسي، على الرغم من أنه قطاع غير مربح ماديا، لكنه جزء مهم من المسؤولية الاجتماعية، وأن الجدوى الاقتصادية لتوفير النقل كالعائد المباشر وغير المباشر تفوق التكلفة.

كان الصريصري يتحدث خلال ترؤسه دراسة تطوير النقل داخل المدن، التي ينظمها منتدى الرياض الاقتصادي، وشارك فيها الدكتور نضال الرطروط، رئيس قسم الهندسة بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، والعميد عبد الرحمن المقبل، مدير مرور الرياض، والهدف منها هو اقتراح حلول لمشاكل النقل الحالية داخل المدن، وأساليب عملية لتقليل الآثار السلبية الناجمة عنها.

وتطرقت الدراسة، ضمن مشكلات النقل، إلى الوقوف العشوائي ودخول الشاحنات إلى المدن في الأوقات غير المسموح بها، والامتدادات العمرانية الأفقية الكبيرة للمدن، والانتشار العشوائي لمركبات الأجرة وبطء معالجة الحوادث على الطريق.

من جهته، أكد العميد عبد الرحمن المقبل، مدير مرور الرياض، أن من أهم أسباب وقوع الحوادث هو التساهل في منح الرخص، لافتا إلى أن المرور يتوجه إلى التشديد في منحها واقتصارها على المتقنين للقيادة، موضحا أن الأيام المقبلة كفيلة بإخراج الخطوات التي سيضعها المرور للحصول على الرخصة.

وأضاف المقبل أن السرعة الزائدة للمركبات على الرغم من أن «ساهر» تسبب في التقنين منها، والأخطاء الهيكلية والفنية في تصميم الطرق جميعها أمور اتحدت وتسببت في ارتفاع الحوادث، وأن الإجراءات قائمة على قدم وساق للحد منها.

وأوصت الدراسة بأهمية تطوير قطاع النقل داخل المدن لعدة أسباب، أهمها توفير التنقل الآمن والميسر لكافة فئات المجتمع، إضافة إلى الحد من مشاكل الازدحام والتلوث، ناهيك عن تعزيز الأنشطة الاقتصادية، وتيسير الحركة والتنقل بين أجزاء المدينة المختلفة، وأخيرا تشجيع التطوير العمراني داخل المدن.

كما حددت الدراسة أهم المشاكل التي تواجه النقل داخل المدن، وهي سوء التخطيط العمراني للمدن، خاصة من حيث الكثافات وتحديد مواقع العمل مع مواقع السكن، إضافة إلى تشتت المسؤولية بين الجهات ذات العلاقة بالنقل داخل المدن، كما أشارت الدراسة إلى عدم كفاية النقل العام داخل المدن، وقلة المواقف وسوء تنظيمها، وتطرقت الدراسة إلى الوفيات التي تسببت بها الحوادث؛ حيث قدرت الوفيات بـ6460 شخصا خلال عام 2009.

ويصطدم الوضع الراهن للنقل داخل المدن بالشبكة الحالية للطرق التي تعاني تدنيا واضحا لمستوى أدائها وكفاءتها، في الوقت الذي بلغ فيه عدد الرحلات المتولدة في بعض المدن 6.5 مليون رحلة يوميا، والرقم مرشح للوصول إلى 15 مليونا في عام 1442ه، ويتضح جليا ضعف سعة الطرق، الأمر الذي أثر على حجم الحركة المرورية، مما أدى إلى انخفاض متوسط السرعة لبعض المدن من 52 إلى 20 كيلومترا في الساعة.

يُشار إلى أن 70% من الرحلات المدرسية تنتهي خارج بلدياتها، وأن عدد الرحلات اليومية زادت بنسبة 130% خلال الـ10 أعوام الماضية، كما يلاحظ تلف البنية التحتية للطرق وكثرة الحفر، التي يتسبب فيها نشاط حركة صهاريج المياه والصرف الصحي ومركبات الأجرة، وقدرت الدراسة تدني متوسط السرعة بمقدار 3 كيلومترات في الساعة. من جهة أخرى، ومع أولى جلسات العمل لتجمع منتدى الرياض الاقتصادي، طفا على السطح اختلاف في وجهات النظر حول دراسة «رؤية لتحقيق التنمية المتوازنة بمناطق المملكة»؛ حيث انحاز فريق موافق إلى عدد من التوصيات التي خرجت من الدراسة، في وقت ظهر فيه اختلاف كبير حولها.

وأوصت الدراسات التي دارت في الجلسة الأولى بالاهتمام بتنمية الإناث، إضافة إلى إنشاء جهاز يعمل على وضع خطة عليا للاهتمام بالمدن، إضافة إلى الاهتمام بالبعد العمراني.

وكشفت الدراسة عن تركز الكثافة السكانية في منطقة وسط المملكة، كما تطرقت الدراسة إلى النماذج التي تمكن الاستفادة منها مثل التجربة البرازيلية، إضافة إلى تجربة أوهايو، التي أعطت دورا أكبر للمناطق في مساهمتها في التنمية.

كان الخبراء يتحدثون على خلال أول جلسة أعمال لمنتدى الرياض للتنمية الاقتصادي تناولت دراسة «رؤية لتحقيق التنمية المتوازنة بمناطق المملكة» يترأسه الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز، وزير الشؤون البلدية والقروية، ومناقشة كل من الدكتور عبد العزيز الخضيري، وكيل إمارة مكة المكرمة، والدكتور فهاد الحمد، مساعد رئيس مجلس الشورى، والدكتورة هند القحطاني، عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام، والمهندس بدر الحمدان، رئيس بلدية المجمعة، وتضمنت نتائج الدراسة رؤية متكاملة وجديدة لتحقيق التنمية المتوازنة بمناطق ومحافظات المملكة، من بينها أنه يمكن تحقيق أهداف التنمية المتوازنة بمناطق المملكة.

وخلصت الدراسة إلى ضرورة تحديد معايير للتنمية المتوازنة، وتطبيق مفهوم الإدارة المحلية واللامركزية، وعدم وجود استقلال للإدارة المالية، ودعم وتحفيز برامج توظيف الموارد والأنشطة الاقتصادية، والعمل على تحقيق التنمية بوجوب حشد الطاقات البشرية ومواجهاتها للتنمية.

وعرجت الدكتورة هند القحطاني، عضو هيئة التدريس بجامعة الدمام، على نتائج الدراسات التي خلصت إلى أن معدلات البطالة في منطقة جازان نحو 13%، في وقت أتت نسبة البطالة في منطقة الحدود الشمالية 17%.

إلى ذلك، قال الدكتور فهاد الحمد، مساعد رئيس مجلس الشورى، إنه لا يتفق مع الدراسة التي عرضت وأوصت بحاجة إلى مراكز حكومية، وأن ذلك يؤدي إلى ازدواجية بين الجهات الحكومية، وأن جميع العوائق ترتكز على المجال المالي، في وقت أوضح فيه أنه لم يتم تحديد المناطق الأقل نموا من قبل الباحثين والخبراء على حد سواء.

وتطرق الدكتور عبد العزيز الخضيري، وكيل إمارة مكة المكرمة، إلى أن هناك مفاهيم خاطئة على من يصنع القرارات، وعدم وضوح بين الحكم المحلي، والإدارة المحلية، كما أفصح أن نظام المناطق ولد بشكل غير صحيح.

وأضاف الخضيري أن مدن الرياض والدمام وجدة لم تصل إلى تنمية حقيقية، مشيرا إلى أنه يجب النظر إلى التغيرات السكانية من أجل تحقيق مفهوم التنمية، بينما تساءل عن عدم توطين صناعات تنتجها البلاد مثل البترول وتحلية المياه.

وتباحث التجمع حول عدم الحاجة إلى جهاز مركزي متخصص، على عكس ما خرجت به الدراسة، كما أكد عدد من الحضور أن التوصيات التي خرجت منها الدراسة غير منسجمة مع الأسلوب التي اختارها الباحثون، كما تساءلوا عن عدم وجود المرأة كشريك استراتيجي للتنمية في البلاد.

كما أكد الخبراء أن المشكلة تكمن في تنفيذ الخطط الخمسية، كما أشاروا إلى عدم إقراض صناديق حكومية في مناطق غير تنموية.

وبيَّن الخبراء أن منهجية الدراسة أوضحت الخلل والعمل على الحلول غير الاستراتيجية وغير المجدية، كما بينوا أن عامل ضعف التخطيط أسهم بشكل مباشر في ضعف التنمية.

كما أوصت الدراسة، التي ناقشتها الجلسة الأولى للمنتدى، بإنشاء جهاز متخصص يكون معنيا بإدارة التنمية المتوازنة بالمناطق للاستفادة من التجارب الدولية في إيجاد مثل هذا الكيان في المملكة، وذلك لعدم وجود رؤية متكاملة لتحقيق التنمية المتوازنة بين المناطق، إلى جانب الحاجة إلى إعداد خطة استراتيجية ورؤية جديدة يتبناها الكيان المقترح لعدم تحقيق الأساليب المستخدمة لتحقيق التنمية المتوازنة في الماضي إلى النتائج المرجوة منها.