تشريع في البرلمان الأوروبي يتعلق بدور وكالات التصنيف وقرار بشأن سندات اليورو

عشية اجتماع وزاري أوروبي حول الإصلاحات المالية

TT

قال البرلمان الأوروبي ببروكسل إن لجنة الشؤون النقدية والاقتصادية ستصوت الثلاثاء على قرار يتعلق بالسندات الحكومية، وفي نفس الوقت سيتم مناقشة مشروع قانون حول تشديد القواعد الخاصة بوكالات التصنيف الائتماني. ويأتي ذلك بعد ساعات من إعلان وكالات للتصنيف الائتماني مراجعة التصنيفات لست دول في منطقة اليورو.

من جانبها قللت دول أعضاء في مجموعة اليورو من تداعيات ما أعلنته وكالات التصنيف، وفي الوقت نفسه تجرى مشاورات حاليا بين عواصم أوروبية للتحضير لاجتماع مرتقب في غضون الساعات القليلة القادمة لوزراء المال والاقتصاد. ويأتي ذلك بينما قال دبلوماسي أوروبي في بروكسل إن عدة دول باتت تخشى من عواقب المواجهة الحالية بين لندن وباريس على مستقبل خطة الإصلاح المالية الشاملة التي يخطط الاتحاد الأوروبي إلى تمريرها. ونشر الاتحاد للمرة الأولى مسودة لتعديل اتفاقية الوحدة الأوروبية لتمكينها ما يعرف بالقاعدة الذهبية التي تحرم على الدول الأوروبية أي إخلال في مجال العجز العام مستقبلا، ولكن الخلاف الفرنسي البريطاني قد يحبط هذا التوجه.

وفي بروكسل أيضا قالت الحكومة البلجيكية إنه لا داعي للذعر من إعلان وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني عن تخفيض تصنيف بلجيكا، وأشارت الحكومة إلى أن وضع بلجيكا لا يزال جيدا، فإذا كانت قد ابتعدت في التصنيف عن اقتصادات متقدمة مثل ألمانيا وهولندا، فإن ترتيب بلجيكا ما زال أفضل من دول أخرى مثل إيطاليا وإسبانيا، وقال وزير المالية الجديد ستيفان فان أكير إنه لم يفاجأ بشكل كبير بهذا الأمر، وخصوصا أن بلاده قدمت كثيرا من الضمانات، كما أن المصرف المركزي البلجيكي أشار في تقرير له إلى وجود نمو اقتصادي ولكن بشكل بطيء، وأضاف الوزير: «لا داعي للذعر، ونحن نتوقع أن تحدث مراجعة أخرى في التصنيف، ولكن المطلوب منا هو العمل وبشكل فوري من أجل تنفيذ الاتفاق الخاص بموازنة العام 2012 الذي جرى التوصل إليه بين الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، وجاء في برنامج عمل الحكومة الذي أقره البرلمان».

وكانت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني انتقدت قرارات القمة الأوروبية حول حل أزمة دول منطقة اليورو، قائلة إنها ستراجع تصنيف الديون السيادية لدول المنطقة والاتحاد الأوروبي خلال الفصل الأول من العام المقبل. وقالت «موديز» إن القمة الأوروبية «لم تتخذ أي إجراءات قصيرة المدى لمعالجة تلك الأزمة، بل إنها لم تأتِ بأي جديد، حيث إن الإجراءات كان قد أعلن عنها سابقا».

ومن جانبها أعلنت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني مراجعة التصنيفات الائتمانية لست دول في منطقة العملة الأوروبية الموحدة (يورو) إثر الأزمة التي تمر بها المنطقة. وذكرت الوكالة في بيان أنها ستراجع التصنيف الائتماني لكل من بلجيكا وإسبانيا وسلوفينيا وإيطاليا وآيرلندا وقبرص، وهي الدول التي تقع في التقييمات السلبية.

يذكر أن وكالة «فيتش» تضع بلجيكا ضمن تصنيف «إيه إيه موجب» وإسبانيا وسلوفينيا «إيه إيه سالب» وإيطاليا «إيه موجب» وآيرلندا «بي بي بي موجب» وقبرص «بي بي بي».

وقالت الوكالة إنها أبقت على تصنيف فرنسا بدرجة «إيه إيه إيه»، إلا أنها خفضتها من موجب إلى سالب. وقالت «فيتش» في بيان إنها تتوقع الانتهاء من المراجعة بحلول نهاية يناير (كانون الثاني) 2012. وأضافت أنه في أعقاب اجتماع قمة الاتحاد الأوروبي التي عقدت في التاسع والعاشر من الشهر الحالي فإنها ترى أن حلا شاملا لأزمة منطقة اليورو «ليس في متناول اليد» لأسباب فنية وسياسية.

وكانت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» خفضت تصنيف 10 بنوك ومؤسسات مالية إسبانية في نطاق تطبيقها معايير جديد ومنهجية مختلفة في قياس تصنيف البنوك، بعد أن كانت خفضت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تصنيف النظام المالي الإسباني من المجموعة الرابعة إلى المجموعة الثالثة على مقياس من عشرة.

وفي إسبانيا أعلن البنك المركزي في وقت سابق ارتفاع ديون الهيئات العامة إلى 66 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للبلاد مع نهاية الربع الثالث من العام الحالي، مشيرا إلى أن البلاد لن تكون قادرة على الإيفاء بالتزاماتها الاقتصادية بخفض العجز إلى ستة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2011. وانتقدت «فيتش» قرارات القمة الأوروبية في بروكسل الأسبوع الماضي، مشككة في قدرات هذه القرارات على حل الأزمة المالية لمنطقة اليورو.

وكان زعماء دول الاتحاد الأوروبي الـ27 فشلوا خلال قمتهم في بروكسل في الوصول إلى اتفاق لتعديل المعاهدة الأوروبية لتعزيز وضع الاتحاد المالي وتفادي حدوث انهيار في منطقة اليورو.

وعلى الرغم من اتفاق دول منطقة اليورو الـ17 مع ست دول أخرى في الاتحاد على قواعد مالية جديدة، منها آلية الإنقاذ المالي بنحو 500 مليار يورو وزيادة موارد صندوق النقد الدولي بـ200 مليار دور، فإن ذلك لم يعطِ إشارة لتهدئة الأسواق في أوروبا. وقال مسؤولون بالاتحاد الأوروبي إن من المرجح أن يناقش وزراء مالية منطقة اليورو مسودة الاتفاقية الخاصة بقواعد الميزانية لدول المنطقة والقروض الثنائية لصندوق النقد الدولي، ويرجح البعض أن يكون ذلك خلال مؤتمر عبر دائرة تلفزيونية مغلقة. ووزعت المسودة التي تتضمن قواعد لتشديد التقيد بقواعد الميزانية - والتي ستصبح معاهدة بين الحكومات في مارس (آذار) - على الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بعد ظهر. وتهدف القواعد إلى إعادة ترتيب المالية العامة في دول اليورو وإعطاء دفعة لثقة المستثمرين في سندات منطقة اليورو. ووافق عليها زعماء الاتحاد الأوروبي أثناء اجتماعهم في التاسع من ديسمبر (كانون الأول)، مع تعهد بأن تقدم الدول الأوروبية ما يصل إلى 200 مليار يورو (260 مليار دولار) قروضا ثنائية إلى صندوق النقد الدولي لمساعدته في التصدي لأزمة الديون السيادية لمنطقة اليورو. وفي روما أقر مجلس النواب الإيطالي خطة التقشف بأكثر من 30 مليار يورو المدعومة من قبل حكومة ماريو مونتي بهدف إصلاح الحسابات العامة للبلاد واستعادة ثقة الأسواق. وجرى التصديق على الخطة بعد تأييد 402 نائب ومعارضة 75 وامتناع 22 آخرين عن التصويت في جلسة شهدت غياب الكثير من البرلمانيين، وستمرر الآن إلى مجلس الشيوخ لإقرارها النهائي المتوقع قبل عيد الميلاد.

وكانت حكومة ماريو مونتي قد تخطت في مجلس النواب اقتراعا بالثقة على خطتها التقشفية، وقدمت الحكومة الاقتراع بالثقة للتعجيل بعملية إقرار الخطة، حيث تسمح بتخطي نقاش التعديلات على نص شهد تغيرات جوهرية في لجان البرلمان مقارنة بنظيره الذي خرج من مجلس الوزراء في الرابع من الشهر الحالي. ويعد هذا أول اقتراع بالثقة يخضع له مونتي عقب توليه منصب رئيس الوزراء في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في مجلسي الشيوخ والنواب بعد استقالة رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني.

وتتضمن خطة التقشف إجراءات قاسية تشمل خفض المصروفات الحكومية بشكل كبير، ورفع سن التقاعد لـ66 عاما بالنسبة للرجال و62 للسيدات.