سيدات الأعمال الماكثات في البيت.. الحاجة «أم» الاختراع

انتشار الإنترنت أعطى بعدا للمنتجات المصنوعة من قبل الأمهات في بيوتهن

المخترعة تمارا مونوسوف التي كانت تشغل منصب مدير التعليم في لجنة الرئاسة التابعة للبيت الأبيض (نيويورك تايمز)
TT

قبل ثمانية أعوام، قدمت تامارا مونوسوف اختراعا كانت متأكدة من أن الأمهات، مثلها، سيقدرون مدى أهميته: جهاز يمنع الأطفال من سحب ورق التواليت من اللفافة الخاصة به. إلا أنها لم تكن لديها فكرة عن كيفية تحويل هذا التصور إلى منتج قابل للتسويق.

وتذكر مونوسوف، التي تعيش بالقرب من سان فرانسيسكو وكانت تشغل منصب مدير التعليم في لجنة الرئاسة التابعة للبيت الأبيض إبان حكم الرئيس بيل كلينتون، أنها عندما تصفحت الإنترنت لم تجد شيئا «فلم تكن هناك خارطة طريق أو أي شيء».

ويتم تداول هذا الاختراع بصورة سريعة حتى اليوم، وأصبح مصطلح «الأمهات المخترعات» يحصد نحو 290000 نتيجة على موقع «غوغل». وهناك موقع «مونوسوف» الخاص «مام إنفينتيد»، الذي يدعم «الأمهات المبتكرات» الطموحات ويرخص ويبيع منتجات «مام إنفينتيد»، علامة تجارية تحظى بسمعة طيبة بين المنتجات المنزلية. ومن بين المواقع الأخرى موقع «موغول مام»، حيث تستطيع الأمهات أن ترضي طموحاتها من خلال قراءة مواضيع مثل «كيف لمنتجي أن يصل إلى المتاجر؟» و«لا تجعل لحظة التنوير الخاصة بك تحرقك»، ناهيك عن العشرات والعشرات من المتاجر الإلكترونية، مثل «بيزي مام بوتيك»، الذي يبيع منتجات من صنع الأمهات.

لكن ما سر نمو المنتجات التي تصنعها الأمهات؟ أحد هذه العوامل هو انتشار الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي تتيح للأمهات فرصة تبادل الأفكار دون الحاجة إلى مغادرة المنزل. ويتابع مونوسوف على «تويتر» نحو 6000 شخص، بينما يضم موقعها الإلكتروني 20000 سيدة من الأمهات اللائي يتبادلن الإرشادات ويعرضن تقديم بعض الدعم.

وقالت: «قد تقول واحدة إنها تواجه مشكلة ما، وإنها لا تستطيع العثور على خياطة». وقد تقول أخرى: «لقد وجدت شخصا قدم لي يد العون. إن الأمر فوري، أما بالنسبة لي، فقد كنت أبحث في صفحات إعلانات الشركات».

وتعد تلك الاختراعات أيضا وسيلة جيدة لتوجيه طاقة النساء الطموحات في حياتهن العملية، اللاتي وجدن أنفسهن فجأة يغيرن حفاضات أطفالهن ويبحثن عن الأكواب المفقودة.

وقالت مونوسوف، التي أنجبت طفلتين؛ إحداهما في الثامنة والأخرى في العاشرة من عمرها: «إنهن نساء يتمتعن بالذكاء الشديد، وسواء أكانت لديهن خلفية عملية أم لا، فلديهن خبراتهن الحياتية كاملة ليعرضنها. وهذا ما أحبه. إنهن لسن مقيدات بالمصطلحات أو المفاهيم التجارية. إنهن يفكرن بهذه الطريقة: (إنني أصنع هذا المنتج؛ لكن كيف يمكنني أن أبيعه؟)».

وتعد إدارة موقع «مام إنفينتيد» وتأليف كتب عن الابتكار عملا بنظام الدوام الكامل يلائم مونوسوف عندما تكون ابنتاها في المدرسة أو نائمتين. وقد ذكرت أن زوجها، براد كوفويد، أصبح عنصر دعم في عملها، حيث تخلى عن عمله كمسؤول برمجيات ليساعدها في بناء الشركة (لكنه عاد إلى عمله في مجال تطوير الأعمال في إحدى شركات التكنولوجيا).

كذلك تخلت لينساي تشافيز من توكسون بأريزونا عن عملها في تنسيق أعمال التسويق في شركة تصنيع، وأطلقت متجر «بيزي مام بوتيك» هذا العام. وقالت: «الكثير من الأمهات بحاجة إلى دعم أسرهن. وبينما قد لا يتمتعن بالقدرة على العمل بنظام الدوام الكامل نظرا لوجود أطفالهن في المنزل، فإن لديهن القوة الدافعة لتحويل الأفكار إلى حقيقة».

وأضافت: «إن الأمهات هن المشتريات الأساسيات في الكثير من الأسر. وفي الألفية الجديدة، إذا لم يعثرن على ما يحتجنه، يقمن بابتكاره بأنفسهن».

وكان هذا هو الحال مع مونوسوف، التي لم تستطع أن تحدد كيف تمنع ابنتها ذات الثمانية أشهر من سحب ورق التواليت وإلقائه أسفل المرحاض. قالت مونوسوف: «لقد كنت أحاول أن أحدد كيفية تصميم شيء يمكنني من منعها من القيام بهذا الأمر، لكن لم يكن لدي خبرة. وفي إحدى المرات، كنت أشتري شامبو من إحدى محلات بيع أدوات التجميل عندما شاهدت بكرا صغيرا خاصا بلف الشعر، حينها قلت: قد تجدي هذه الفكرة!».

وعملت على نموذج أولي لما من المفترض يصبح «أداة لمنع انزلاق ورق التواليت». وكان النموذج الرئيسي عبارة عن بكرة صغيرة من البلاستيك يمكن أن تثبت في مكانها لمنع ورق التواليت من الانزلاق.

بعدها، عثرت على ميكانيكي ومهندس للعمل على هذا التصميم، وقامت بعملية عصف ذهني مع مجموعات تركيز وتعاقدت مع شركة في الصين، ثم حصلت على براءة اختراع المنتج وتم اختبار سلامته، وفي النهاية، تم توزيعه في 9000 متجر للبقالة في جميع أنحاء البلاد.

مثل هذه القصص موجودة في كل مكان: هناك الكثير من الأمهات اللائي قد يواجهن مشكلة ما مع أطفالهن ويعجزن عن إيجاد حل ثم يقمن بابتكار حل لها بأنفسهن. وهذا ما حدث مع هيثر ألارد من مقاطعة رود آيلاند، التي كانت تعمل في المبيعات وتنسيق الحسابات في شركة «إستيي لودر» قبل أن تمكث في المنزل لرعاية أطفالها. وعندما كانت ابنتها الثانية «تستطيع التملص من أي بطانية ملفوفة» عندما تكون نائمة، أخبرت زوجها وهي تمزح: «أتمنى إذا ما كنت أستطيع أن أصنع قميص تقييد للأطفال».

وقالت: «أخبرت باقي الأمهات بهذه الفكرة، ورأين أنها ستكون مناسبة للغاية» وبعد أن أعددت رسما مبدئيا على ورق فضفاض، اشتركت مع خياطة في وضع نموذج أولي وقد حصلت على براءة اختراع لهذا الابتكار. تقول: «قمت بالكثير من المحاولات ووقعت في الكثير من الأخطاء، وكان كثير منها مكلفا». على سبيل المثال كلفتها الشركة المصنعة الأميركية الأولى التي تعاقدت معها 16 دولارا لكل منتج، بعد ذلك، اتجهت إلى شركة صينية وخفضت التكلفة إلى 5.85 دولار.

في النهاية، أنفقت 50000 دولار لطرح منتجها في الأسواق. وقد استردت هذه التكلفة عندما باعت حقوق المنتج «ذا سوادليز» والمنتج الآخر الذي تلاه «ذا بلانكيز»، وهو عبارة عن بطانية بها ثقوب لوضع القدم، بستة أضعاف هذا المبلغ عام 2008. وفي العام نفسه أطلقت موقع «موغول مام».

أما الآن، على حد قولها، فالمشهد مختلف كثيرا بالنسبة للأمهات. «لقد استطعنا القيام بالكثير من الأشياء حتى الآن. أعتقد أنه لم يكن من السهل أبدا القيام بهذا النوع من الأشياء في هذه المرحلة»، هكذا تقول، مشيرة إلى الكم الهائل من المواقع الإلكترونية وبرامج التدريب، وحتى موارد التمويل التي تساعد في تقديم رأسمال أولي لهذه المنتجات. وأضافت أن هذه التطورات قد «تزامنت مع أزمة الاقتصاد، لذا فإن هناك الكثير من الأمهات اللاتي فقدن عملهن ويمكثن في المنزل مع أطفالهن». وتضيف: «يقولون إن الحاجة أم الاختراع، أجل، هذا صحيح تماما».

*خدمة «نيويورك تايمز»