السعودية: مخصصات الإسكان تشعل جذوة المنافسة في قطاع المقاولات

الدولة رصدت له 67 مليار دولار.. وعاملون توقعوا لـ «الشرق الأوسط» طفرة في 700 بند تحوي نشاطات بناء وتشييد وإنشاءات

جانب من ثورة الإنشاءات في العاصمة السعودية، الرياض
TT

كشفت مصادر عاملة في قطاع المقاولات والصناعة عن توقعاتها باشتعال جذوة منافسة ضارية للاستفادة من إعلان موازنة الدولة، أول من الأمس، الذي رصد مبلغ ربع تريليون ريال (67 مليار دولار) في أرصدة خاصة لدى مؤسسة النقد العربي السعودي لتخصيصها فقط للمشاريع ببناء نصف مليون وحدة سكنية يستفيد منها السعوديون فور الانتهاء منها بأوامر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وأفصحت مصادر أن هناك الآلاف من الشركات والمؤسسات المتخصصة في قطاع المقاولات والبناء والصناعة تتهيأ للاستفادة من 700 بند مختصة بنشاطات التشييد والإنشاءات المتعددة تتضمن قيام مشاريع البناء المتكامل، التي ينتظر أن يتنافس عليها ضمن مشروع بناء 500 ألف وحدة بإشراف وزارة الإسكان السعودية.

وتأتي هذه التطورات مع تواصل تركيز الميزانية التي أعلنت للعام المالي الجديد, على المشاريع التنموية التي تعزز استمرارية النمو والتنمية طويلة الأجل لزيادة الفرص الوظيفية، حيث وزعت الاعتمادات المالية بشكل رُكز فيه على قطاعات التعليم، والصحة، والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية، والمياه والصرف الصحي، والطرق، والتعاملات الإلكترونية، ودعم البحث العلمي. وتضمنت الميزانية برامج ومشاريع جديدة ومراحل إضافية لبعض المشاريع التي سبق اعتمادها تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 256 مليار ريال بعد التنسيق بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط بشأن البرامج والمشاريع المدرجة في خطة التنمية التاسعة التي بدأت في العام المالي الحالي.

وأفصح فهد بن محمد الحمادي، رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في الغرف السعودية، بأن المخصص الذي أوصى به خادم الحرمين الشريفين يضاف إلى مبالغ أخرى ضمن هذه الميزانية والميزانيات السابقة للمشاريع المستمرة، تكون بمثابة فرص استثمارية عملاقة وواسعة النشاطات والمجالات التي ستستفيد منها شركات المقاولات، موضحا أن السعودية تتميز بجملة عوامل تدعم استفادة قطاع المقاولات، أبرزها اتساع رقعة المساحة الجغرافية للبلاد، ومعدل ارتفاع السكان المتنامي. ولفت الحمادي إلى أن مخصصات 250 مليار ريال المعلن عنها تدل على أنها جاءت وفقا لمسوحات قامت بها وزارة الإسكان وحصلت على بيانات للاحتياجات الفعلية للإسكان في البلاد، مشددا على ضرورة أن يوفق المقاولون الوطنيون في تنفيذ هذه المشاريع الضخمة ويغتنموا الفرصة المتاحة.

وقال الحمادي في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط»: «هذا لا يمنع من وجود شركات مقاولات من خارج البلاد تدخل بقوة مستفيدة من انفتاح السوق والسياسة الاقتصادية للسوق المفتوحة»، مطالبا بضرورة استفادة الشركات الوطنية بسرعة من هذه الفرصة والأمر موصول كذلك بالشركات المتخصصة في التصنيع وتوريد المواد. وبين الحمادي أن معظم الأنشطة التي ستحتاج إليها عمليات البناء والتشييد والإنشاء متوفرة محليا من خدمات مرافق المياه، والخرسانة، والإسفلت، ومواد المباني، والسيراميك، والإسمنت، والبحصة، والعوازل.. وغيرها من مئات المناشط، مما يزيد من توقعات استفادة الكثير من القطاعات المرتبطة بقطاع التشييد بينها الصناعة والنقل والتوريد وغيرها.

لكن الحمادي شدد على المقاولين الوطنيين وضرورة الوصول إلى تلك المشاريع من خلال البحث عن أسعار معقولة ومنتجات ذات جودة تمكنهم من التنافس الشريف والفوز بالعقود التي ستطرح، متطلعا في الوقت ذاته إلى أن تقوم وزارة الإسكان بدورها، وأن تكون آلياتها وتنظيماتها واضحة وعادلة لتضمن الوصول إلى أفضل المقاولين لتولي مهمة إنشاء تلك المشاريع العملاقة.

من ناحيته، ذكر صالح بن عمر الحامدي، نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي المسؤول لمجموعة «نسكو» السعودية، إحدى كبرى الشركات المطورة للمشاريع الاتصالات والبنى التحتية، أن ميزانية العام المالي الجديد, التي أعلنها حكومة المملكة تمثل رسالة ثقة لاستشراف آفاق المستقبل بكل اطمئنان، معززة في الوقت ذاته الثقة في الاقتصاد الوطني. ولفت الحامدي إلى أن الفرص التي كشفت عنها الميزانية تنم عن مقدرته المملكة على استيعاب المتغيرات الخارجية بسبب الأزمة المالية العالمية، إلا أن الميزانية، وعلى الرغم من أنها جاءت في ظل ظروف استثنائية وتحديات غير عادية، تعزز مسيرة التنمية وإعطاء الأولوية للخدمات التي تمس المواطن خصوصا في مجالات التعليم والتدريب والصحة والتنمية الاجتماعية الشاملة والبنية التحتية لتحقيق رفاهيته.

وأضاف الحامدي أن الشركات الوطنية الراغبة في الاستفادة من هذه الفرصة تركز على عامل «القدرة والكفاءة» للقيام بالمشروع، ملمحا إلى ضرورة أن تكون الشركات قادرة على استيفاء اشتراطات المهنية لتشييد وإدارة المشاريع وتستند على تجارب وخبرات عالية في توفير المنتجات والمواد، إضافة إلى مصداقيتها في تسليم المشاريع في الوقت المحدد. ويؤكد الحامدي أن المطورين سيكونون الأفضل في مثل هذه الحالة، لأن تنفيذ هذه المشاريع العملاقة يحتاج إلى القيام بعمل تكتلات وائتلافات تغطي احتياجات المشاريع بكافة مناشطها وتفاصيلها وتفتح المجال لعشرات من شركات المقاولات بأنشطتها المختلفة للاستفادة من هذه الفرصة، مبينا أن النمو الاقتصادي الذي يأتي نتيجة للميزانية سيكون مثيرا للإعجاب والفخر. وزاد الحامدي: «من خلال الدعم والإنفاق الذي رصدته الدولة في الميزانية للمشاريع الخدمية ومشاريع البنية التحتية يتأكد الحرص في تنفيذ البرامج والخطط التنموية الرامية لتحقيق التنمية المتوازنة في كل مناطق البلاد مما سينعكس بصورة ملموسة على عدد من القطاعات بشكل إيجابي»، متوقعا أن يجد القطاع الخاص، وبخاصة الشركات المختصة بالبنى التحتية، والمطورون للمشاريع فرصا جلية للاستثمار وفقا لهذه المعطيات.

وذكر الحامدي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن السعودية أكدت من خلال الميزانية حرصها على استمرار سياستها التنموية، التي من بينها مشاريع الإسكان، بما يؤكد استمرار توجهات الدولة في دعم المشاريع التنموية الكبيرة، ويستهدف بالدرجة الأولى مشاريع البنية التحتية وتطوير الموارد البشرية، لافتا إلى أن الزيادة التي جاءت في الميزانية لجميع القطاعات الخدمية والتعليمية والصحية وغيرها تبين التوجه الحقيقي في ما يتعلق بالاهتمام بتحقيق إنجاز نهضة اقتصادية وطفرة غير مسبوقة في الاقتصاد الوطني.