البورصة المصرية فقدت 32 مليار دولار خلال عام 2011

خبراء: آمال بتحسن السوق نهاية 2012

تدهور سعر الجنيه المصري يشكل قلقا للمستثمرين في سوق المال المصرية
TT

أنهت البورصة المصرية عام 2011، الذي يراه كثيرون الأسوأ على الإطلاق، بخسارة كبيرة، حيث فقدت الأسهم خلاله نحو 194.38 مليار جنيه (32.3 مليار دولار) من رأسمالها السوقي، مع توقعات متفائلة يشوبها الكثير من الحذر للعام الجديد الذي سيكون مليئا بالأحداث والحراك والتوترات السياسية، فمن المقرر أن يكون لمصر خلال العام الجديد رئيس وبرلمان منتخب تسيطر عليه التيارات الإسلامية التي لم تكن لها سابق خبرة في إدارة شؤون البلاد على كل أصعدتها، كما ستضع البلاد دستورها خلال هذا العام أيضا، وكل تلك الأمور من الممكن أن تزيد من حدة التوترات السياسية في المجتمع، أو قد تكون وسيلة لاستقرار البلاد على كل الأصعدة.

وصعود التيارات الإسلامية في الانتخابات البرلمانية يشير إلى تغيرات في الخطاب السياسي والاقتصادي خلال المرحلة المقبلة، لذلك فكان الترقب يسود أوساط المستثمرين لمعرفة إلى أي مدى سيؤدي اعتلاء التيارات الإسلامية سدة الحكم إلى تغيير سياسة البلاد. وقامت البورصة خلال هذا العام بدورها الثانوي وهو تداول الأوراق المالية، ولم تشهد البورصة خلال هذا العام أي عملية طرح أولي في السوق التي تعد القوة الدافعة المستمرة لاجتذاب السيولة لسوق الأوراق المالية في كل دول العالم.

الترقب الذي ساد أوساط المستثمرين انعكس على قيم وأحجام التداولات لتقترب من أدنى مستوياتها في سبع سنوات سواء كتعاملات يومية أو أسبوعية نتيجة للخروج العشوائي من قبل المستثمرين الأجانب جراء الاضطرابات السياسية، وعدم وضوح الرؤية المستقبلية، وهى أيضا الأسباب ذاتها التي دفعت العديد من المستثمرين المحليين إلى الإحجام عن التعامل انتظارا لما ستسفر عنه الشهور المقبلة ولحين اتضاح الرؤية بشكل أكبر.

وتراجع مؤشر البورصة الرئيسي «EGX30» بنسبة 49.3 في المائة ليغلق عند 3622.35 نقطة، فيما تراجع مؤشر «EGX70» بنسبة 42 في المائة ليغلق عند 415.59 نقطة، وذلك بعد مبيعات مكثفة من قبل المؤسسات وصناديق الاستثمار الأجنبية والتي بلغت صافي مبيعاتها بنهاية العام أكثر من 4.3 مليار جنيه. وشهد عام 2011 كذلك أطول فترة إغلاق للبورصة المصرية منذ تسعينات القرن الماضي لمدة 55 يوما متصلة جراء الأحداث التي تعرضت لها البلاد، أثناء وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي.

التوقعات للعام الجديد تبدو في ظاهرها متفائلة خاصة مع عملية التحول الديمقراطي التي ستشهدها البلاد خلال العام الجديد؛ لكن يشوبها نوع من الحذر خوفا من حدوث أي توترات سياسية أو اقتصادية مثلما حدث خلال العام الحالي 2011، وأثر سلبا على العديد من التوقعات سواء الفنية أو المالية.

من جانبه، يقول إيهاب سعيد، رئيس قسم البحوث بشركة «أصول» لتداول الأوراق المالية، إن عام 2012 سيشهد أول انتخابات رئاسية حقيقية في مصر منذ ثلاثين عاما (فترة حكم الرئيس السابق حسني مبارك)، وكذلك أول اجتماعات مجلس الشعب المنتخب (الغرفة الأولى من البرلمان المصري)، وهو أمر سينعكس بكل تأكيد بشكل إيجابي على أداء البورصة المصرية. وتوقع سعيد أن هذا التأثير الإيجابي سيبدأ في الظهور مع نهاية عام 2012 وبداية عام 2013، لتستمر التذبذبات الحادة والتحركات العرضية صعودا وهبوطا خلال عام 2012، لحين تمام الاستقرار للوضع السياسي والاقتصادي.

وتابع سعيد «البورصة المصرية شهدت ثلاث دورات اقتصادية ما بين الصعود والهبوط، وشهدت ركودا حادا بدءا من عام 1998 حتى نهاية عام 2002 وبداية عام 2003 (خمس سنوات)، ثم اتجاها صعوديا قويا بين عامي 2003 و2008 (خمس سنوات)، قبل أن تبدأ اتجاهها الهابط عام 2008 والمستمر حتى الآن. والملاحظ أن السوق المصرية تشهد حركه صعودية وأخرى هبوطية كل خمس سنوات، وهو ما يؤكد على رؤيتنا في احتمالية تكون القاع الرئيسي للسوق في الفترة ما بين نهاية عام 2012 وبداية عام 2013».

وعن المستويات المتوقع التحرك فيها لكلا المؤشرين في عام 2012، يرى إيهاب سعيد أن مؤشر البورصة الرئيسي «EGX30»، سيتحرك عرضيا بين مستويات الـ3000 نقطة كأدنى مستوى سعري، ومستوى الـ4800 نقطة كأعلى مستوى سعري. أما مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة «EGX70»، فقد تمتد حركته بين مستوى الـ350 نقطة كأدنى مستوى، ومستوى الـ550 نقطة كأعلى مستوى.

وإذا ما نظرنا إلى أداء بعض الأسهم القيادية خلال عام 2011، سنجد أن سهم «أوراسكوم للإنشاء والصناعة»، صاحب الوزن النسبي الأعلى بمؤشر السوق، شهد تفوقا ملحوظا في أدائه عن بقية الأسهم القيادية حتى مع تراجعه في مارس (آذار) الماضي إلى أدنى مستوى له عند الـ183 جنيها، وهو ما يعد أحد أهم الأسباب التي ساعدت المؤشر على البقاء أعلى مستوى الـ3380 نقطة (وهو قاع المؤشر خلال الأزمة المالية العالمية في 2009)، علما بأن مؤشري الـ«EGX70» والـ«EGX100» قد فشلا في البقاء أعلى تلك المستويات المناظرة لقاع الأزمة المالية العالمية.

ويتوقع إيهاب أن يسيطر على أداء السهم في عام 2012 تلك الحالة العرضية المسيطرة عليه منذ نهاية عام 2009، وأن تكون بين مستوى الـ160 جنيها كأدنى مستوى و260 جنيها كأعلى مستوى.. أما سهم البنك التجاري الدولي فيعد عام 2011 هو عامه الأسوأ على الإطلاق فقد هبط السهم فيه من مستوى الـ47.7 جنيه، حتى مستوى الـ19 جنيها، فاقدا ما يقارب الـ60 في المائة من قيمته، عاكسا بذلك اتجاهه الصاعد طويل الأجل إلى اتجاه هابط نتوقع استمراره في عام 2012 ليستهدف مستوى الـ12 - 11.50 جنيه، والذي قد يكون نهاية لهذا الاتجاه الهبوطي.. أما سهم المجموعة المالية «هيرميس القابضة»، فلا يختلف كثيرا عن نظيره البنك التجاري الدولي، فيعد أيضا عام 2011 هو عامه الأسوأ بعد عام 2008، بتراجعه من مستوى الـ28.80 جنيه إلى مستوى الـ9.25 جنيه فاقدا ما يقرب من 69 في المائة من قيمته، ويتوقع سعيد أن يتماسك السهم قرب مستويات الـ8 - 7.50 جنيه خلال عام 2012 ليميل إلى التحرك العرضي أغلب الفترات أعلى هذا المستوى وأدنى مستوى الـ15 جنيها.

بينما يقول محسن عادل، العضو المنتدب بشركة «بايونير» لإدارة صناديق الاستثمار، إن هناك ضرورة لإعادة النظر في قوانين الشركات وسوق المال لوضع بنية تشريعية أكثر تناسقا مع معطيات المرحلة الحالية، خاصة أن الفترة الأخيرة شهدت اندفاعا واضحا من بعض المستثمرين أدى إلى الإساءة لشركات لم تكن على خطأ، فليس كل تراجع لسهم ما يرجع إلى تلاعب أو مخالفة، كما أن الهيئة العامة للرقابة المالية مطالبة خلال الفترة الحالية بتوضيح ضوابط حماية صغار المساهمين ودورهم وآليات الحصول على حقوقهم مع مراجعة عدد من البنود القانونية الخاصة بهذه الموضوعات تمهيدا لتعديلها خلال الفترة القريبة القادمة.

وتابع «بعد أعوام من التجاهل والضغوط والاختلافات والمخالفات شهدنا للمرة الأولى حراكا مجتمعيا تحول إلى ما يشبه التكتلات من صغار المساهمين لتوحيد جهودهم أمام سيطرة عدد محدود من كبار المساهمين على مجالس الإدارات والجمعيات العامة بما يعتبر من منجزات ثورة 25 يناير، ويمكن ملاحظة ظواهر كثيرة في هذا الحراك على رأسها استخدام الـ(فيس بوك) كوسيلة للتواصل وعدم وجود قيادات موحدة لهذه التجمعات وغياب عنصر الخبرة القانونية والمالية عنها، وهو أمر يستلزم أن يتوازى مع إحياء فكرة إيجاد اتحاد عام للمستثمرين بسوق المال المصري للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم».